سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عز الدين بوعافية (رئيس حزب الوحدة والإصلاح)ل «التونسية»: «السبسي» سيكون زعيما شرفيا لأضخم حزب .. إطارات «التجمّع» هي التي حمت البلاد من الخراب و السلفية ليست عدّو الشعب وإنما عدّوه «الهمجية»
هو من الدستوريين القدامى والسياسيين المحنّكين، شعاره «لا للإقصاء» و»تونس لكل التونسيين» ضيفنا اليوم هو رئيس «حزب الوحدة والإصلاح» ورغم حصوله على التأشيرة في 19 ماي 2011 فقد رفض المشاركة في الانتخابات والحصول على دعم مادي من الحكومة، والسبب حسب رأيه يعود إلى ضبابية المشهد السياسي وغياب الوضوح في تلك الفترة. نهل من المدرسة الزيتونية وانخرط في الحزب الحرّ الدستوري ويقول: «الأحزاب في تلك الفترة تختلف عن أحزاب ما بعد الثورة من حيث «الوطنية» وتغليب المصلحة العامة على الحسابات الشخصية وهو ما نفتقده على حد تعبيره في زعماء اليوم». انضم حزبه مؤخرّا إلى حزب «المبادرة» برئاسة كمال مرجان. ضيفنا كشف أسباب فشل الحزب الوطني التونسي وتحدث عن المشهد السياسي الحالي، وبّين موقفه من الأحداث التي تعيشها التلفزة الوطنية. كما أسرّ إلينا ب «مفاجأة» عن التحالفات التي يقودها حزب «المبادرة» والتي سيتّم الإعلان عنها في الأيام القليلة القادمة فإلى نص الحوار. لو تحدثنا عن حزب الوحدة والإصلاح؟ هو حزب، إصلاحي إسلامي، وطني مدني، نحن ننهل من التاريخ والحضارة الإسلامية ونؤمن بمجموعة من المبادئ التي تهدف للإصلاح، وعادة لا نشارك في الأحداث التي تقوم على الغوغاء والشعارات المتطرفة، بل نتعامل مع العصر بعيدا عن الفهم الخاطئ للإسلام. فقد ظهرت بعد الثورة عديد الأحزاب التي تقوم على تفسيرالإسلام بعقل ماركسي لينيني، أو تفسير الإسلام بعقل رأس مالي إقطاعي والإسلام لا يقوم لا على هذا ولا على ذاك . ونحن نختلف مع حزب «النهضة» في بعض النقاط والتوجهات لكن إذا كان، اتجاه «النهضة» مدنيا معتدلا كما يصرّح بذلك قادتها، فأعتقد أن توجهها «جيّد». رفضت المشاركة في الانتخابات فهل هو الخوف من عدم الحصول على أصوات؟ لدينا أنصار في عديد المناطق بدءا من موطن نشأتي في الكاف وصولا إلى أريانة أين أنشط مرورا بالمناطق الشعبية أين نقيم اجتماعاتنا، ولو شاركت لحصدت عديد الأصوات لأن حزبنا من رحم هذا الشعب وخطابنا لا يقوم على الإقصاء بل هو لجميع الفئات، لكن ضبابية المشهد وغياب الوضوح دفعتنا للتروّي ومراقبة الوضع وبالتالي فإن عدم مشاركتنا في الانتخابات رغم حصولنا على التأشيرة، كان بدافع «المراقبة» إلى حين اتضاح الرؤية. كيف تقيّم المشهد السياسي الحالي؟ نعيش تشتّتا فكريا كبيرا وحاليا «الفكر مريض» لقد قال الزعيم بورقيبة «لست خائفا على هذا الوطن من خطر يداهمه من الخارج، بل من خطر يداهمه من الداخل أي من أبنائه» وحاليا نحن خائفون على هذا الوطن من أبنائه، لأن ما نعيشه من تجاذبات وصراعات أمر خطير، فالثورة كانت بيضاء وتمت بأسلوب حضاري ولكن خوفي كل الخوف أن يقول أعداء الوطن من الخارج أو الداخل إننا لسنا أهلا للديمقراطية ولا أهلا للحرية ولا بدّ من عودة الرأي الواحد والفكر الواحد لأن التناحر لن يخدم الديمقراطية. من أبرز شعاراتك»لا للإقصاء» فلماذا هذا الشعار؟ لقد عشنا في عهد الزعيم بورقيبة وتعرضنا للحيف والظلم من قبل بعض المسؤولين الانتهازيين، ووقفنا على عدة محاكمات وتعذيب أناس ظلما وفي عهد بن علي واكبنا عديد «المظالم» وفي فترة الاستقلال وقفنا على عديد المحن والنكبات والصعوبات وكان التعليم الزيتوني قاسيا جدا، حيث يصفعك «المؤدب» وتبقى جاثما لساعات على ركبتيك، كلها أشياء علمتنا الصمود والصبر وخاصة عدم إقصاء الآخر. وشخصيا لا أريد أن يقوم وطننا على التفرقة كما يحصل الآن بل نريد أن تتّحد القلوب فكلنا مسلمون، وبالتالي أنا ضد الإقصاء مهما كان نوعه ودعوت مرارا لتشريك الجميع وهذا موثق في عديد المقالات، ما عدا من ثبتت إدانته فالقضاء سيأخذ مجراه، لكن لا للإقصاء فحتّى «التجمّعيون» يوجد من بينهم إطارات من خيرة النخبة، وهي التي حمت الشعب التونسي إبان الثورة من الأحداث المريرة التي عشناها، وأنقذوا البلاد من الخراب ولولا جهودهم لما سيّرت المرافق الحياتية ولتوقفت جميع الأنشطة. فبن علي استحوذ على الحزب الحرّ الدستوري وفرض عليه»عصابته» التي هيمنت على الحزب لكن إذا استثنينا «العصابة» فسنجد نخبة من خيرة الكفاءات وهؤلاء لا يجب أن نظلمهم ونقصيهم فكلنا «تونسيون». هل تعتبر أن الثورة «ظلمت» بعض الأسماء وخاصة من الكفاءات؟ هناك عديد المظلومين، لكن ليست الثورة هي التي ظلمتهم بل من مسكوا بزمام الأمور بعد 14 جانفي. لدينا الكثير من الكفاءات تم قمعهم وهناك عديد الأسماء تتمتع بالحنكة والتجربة لكن للأسف تم إقصاؤهم من الحياة وحرمنا من طاقاتهم ومن خبرتهم الطويلة وخاصة في تسيير الاقتصاد وإدارة دواليب الدولة وأذكر هنا «محمد الغنوشي» الوزير السابق، فهو صاحب تجربة والدولة خسرته . هل أنت ضد محاكمة الباجي قائد السبسي وفتح ملف تعذيب «اليوسفيين»؟ ما حصل في الماضي حتّمته ظروف مجتمعية معينة وفترة معينة، كل نظام له إيجابيات وسلبيات ويكفي السبسي فخرا أنه مسك بلادنا في فترة حرجة فقد كان «فارس» المرحلة بأتم معنى الكلمة، لأنه نجح في قيادة تونس نحو برّ الأمان وهذا ما يجعلنا ننسى ماضيه وحتى أخطاءه السابقة إن وجدت، لأن فضله كبير ونجاحه لا ينكره أحد ولا يجب أن نكون جاحدين، ناكرين للمعروف. ماذا حدث في الحزب الوطني التونسي والذي فشل وهو لا يزال في المهد؟ اتفقنا ونحن تقريبا 11 حزبا على تكوين «الحزب الوطني التونسي» وقد كان المبدأ يقوم على عدم الإقصاء، وقبلنا بانضمام عديد الحساسيات واتفقنا أن يبقى كل حزب مستقلا ونعمل جميعا في نطاق المجموعة أي بلا قيادة، لكن فوجئنا ببعض الممارسات من قبل حزبين وهي أساسا ضبابية التمشي، الأنانية المفرطة وبعض الاتصالات السرية التي كان يقوم بها طرفان دون إشراك البقية،طغيان المحسوبية وعودة هيمنة الأساليب القديمة كالمحسوبية... وكانت مختلف هذه العوامل كافية لانسحابنا وهو ما تم رفقة 6 أحزاب أخرى، وبالتالي انضممنا لكمال مرجان في حزب «المبادرة» ومن المنتظر أن يتم قريبا الإعلان عن الاتفاق النهائي و المزيد من التفاصيل حول توزيع المسؤوليات وربما اسم الحزب الكبير وهناك اتصالات مع أحمد منصور رئيس الحزب الدستوري الجديد . ما صحة ما يتردّد حول أن «الباجي قائد السبسي» سيكون حاضرا ضمن التحالفات القادمة ؟ لا ننكر تجربة الباجي قائد السبسي وخبرته الطويلة، ونظرا للدور الذي لعبه في المرحلة السابقة فإن الأقرب للظن أنه سيكون «زعيما شرفيا» في محاولة منا للاعتراف بجميله وبالدور الذي لعبه إبان الثورة،كما أن محاولة تغييبه عن المشهد السياسي لا تليق وبالتالي سيكون الرجل موجودا في المرحلة القادمة وقد يحمل الحزب اسم «الحركة الوطنية» وهناك بعض النقاشات حاليا حول التسمية، لكننا وطنيون والوطن هو الذي يجمعنا ويوّحدنا، كما أن هذا الحزب سيضم قيادات بارزة مثل كمال مرجان وأحمد منصور وعديد الأسماء التي يشهد لها بالكفاءة . هل ترى أن «كمال مرجان» رجل المرحلة القادمة ؟ كمال مرجان، له تجربة كبيرة في السياسة وخاصة الشؤون العالمية وأسلوبه لين وهو متجاوب وصاحب كفاءة، كما أن لديه نظرة واقعية ومستقبلية ولا ينظر للواقع بمنظار قديم بل دائما يستشرف المستقبل، شخصيا تحدثت معه ووجدته متفهما وصاحب تجربة، وينصت للأخر وهو قادر على احتواء عديد المبادرات ولمّ عديد الأحزاب التي سيكون لها ثقلها السياسي . «أحمد منصور» تشبّث بضرورة الإبقاء على كلمة «الحزب الدستوري» وراجت معلومات عن رفضه انضمام بعض الأحزاب ل «المبادرة»؟ أحمد منصور، دستوري قديم وبورقيبي بامتياز أعتبره نسخة مني وأفكاره تشبه أفكاري، تحدثت معه وتناقشنا حول مسألة «احترازه» على بعض الأحزاب ودعوته إلى عدم إقصاء أيّ كان، وربما هناك مشاورات في الأفق ونأمل توحيد الجهود وخاصة مع حزب «المبادرة» وهو ما سيتضح قريبا بعد ظهور الاتفاق النهائي. لديك نظرة خاصة عن السلفيين وأنت تدعو إلى تشريكهم في الحياة السياسية لماذا وكيف؟ لديّ رؤية خاصة للأمور وعادة ما أرجح كفّة العقل' فقد كنت معارضا في زمن بن علي وقاومته بالفكر واليوم علينا فهم الأمور جيدا، لأن السياسة شيء والروحانيات شيء آخر، السلفيون بإمكانهم التعبير عن آرائهم، لأن التفرقة مرفوضة، وكل مسلم مرّحب به، فعدّو الوطن ليست «السلفية» بل «الهمجية»، وبالتالي ما دام الإنسان مدنيا ولا يدعو للعنف والفوضى فمن حقه التواجد والتعبير عن مواقفه بحرّية بشرط أن يكون مدنيا لا رجعيا ولا يتصرف وكأنه صاحب الأمر والنهي، لسنا في حاجة إلى المتاهات الإيديولوجية . هل تعتبر أن النهضة وفقت في مهمّتها إلى حد الآن ؟ لا ننسى أن الحكومة الحالية «مؤقتة» مهمتها تصريف الأعمال، ثم سينبثق عنها نظام جديد وننطلق بعد إعداد الدستور، في مرحلة على غاية من الأهمية والحساسية، وهي التأسيس للجمهورية الثانية، وهذه الجمهورية أعتبرها الأساس. لكن هل نحن ضمن هذا المسار، أم لا ؟ ذلك ما ستبينه الأيام . نحن في حاجة إلى إرساء سياسة جديدة تؤسّس للجمهورية الثانية ولكن ما نعيشه من تجاذبات في الوقت الراهن سببه الرئيسي عدم «إعداد المواطن» وتأهيله للمرحلة الحالية، وهو ما تسبّب في الفوضى، فتشتيت الأفكار لا يخدم أحدا، خاصة تلك الأفكار المستوردة من الشرق، لأنها قائمة على خطابات التعصّب والدعوة للتفرقة ،علينا الالتزام بالمسار الديمقراطي والتفكير البنّاء، فبعض الأفكار الشرقية هي سبب نكبتنا لأن إسلامنا التونسي مدني وهو الإسلام الصحيح 'لا ننسى أن لدينا أعظم الجامعات والتي تتميز بالوسطية والاعتدال مثل (جامع الزيتونة وجامع القرويين بالقيروان» فلماذا نستورد أفكارا دخيلة وقيما لا تشبهنا ؟ فالإسلام ليس «لحية» أو لباسا بل هو أعمق من ذلك وللأسف البعض يجهل إسلامه الحقيقي . وبالنسبة لحركة «النهضة» وحسب رأي فإنّها قامت بخطأين فادحين وهما : المظلمة التي حدثت في عيد الشهداء بعد إغلاق شارع الحبيب بورقيبة لأن رمزية هذا الشارع تعود إلى الخمسينات عندما كنا نتظاهر ضد الاستعمار ومكانته ليست وليدة اليوم بل الأمس،وما رافق ذلك من عنف وفوضى وهو أمر مرفوض وبالتالي قمع الشعب في عديد الشهداء خطأ فادح، والخطأ الثاني يتعلق بالتلفزة الوطنية» . عرفت اليوم»التلفزة الوطنية» تصعيدا غير مسبوق في الأحداث والمواجهات مع المعتصمين كيف تنظر للمسألة ؟ ما يحدث للإعلام هو «مظلمة»، فالصحافة مرآة تعكس صورة المجتمع ومدى تطوره وبالتالي الاعتصام غير قانوني وهذا التوجه بعيد عن الديمقراطية بل قائم على «الغطرسة»وبالتالي لا بد أن تنتهي هذه المهزلة ونعيد للإعلام هيبته فهو سلطة رابعة وما يحدث لا يليق بدولة تريد التأسيس للديمقراطية . كثر الحديث عن «الميثاق الوطني» وكنت من المؤيّدين لهذا الميثاق ؟ لقد اطلعت على هذا الميثاق، وهي بادرة طيبة وخطوة هامة نحو المستقبل، بعيدا عن التشاحنات والتجاذبات، خاصة وأنه يقوم على مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي بدأنا نفقدها، لقد حضرت الاجتماعات التمهيدية وشجعت صاحبة المبادرة السيدة آمنة منصور، على هذه الفكرة الرائعة، ولو تلتزم جميع الأحزاب بهذا الميثاق سنقطع أشواطا متقدمة نحو الديمقراطية .