تبقى الحياة الطلابية مشوار حياة تطيب ذكراه حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات، رغم حلوها ومرها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها أو اختارته. ضيفنا اليوم هو السيد نوفل الزحّاف رئيس النادي الرياضي الصفاقسي سابقا، طبيب، متزوج وأب لبنت وولد. عن حياته الجامعية تحدث فقال: «دخلت كلية الطب بفرنسا سنة 1978 وتخرجت منها سنة 1988 حاملا شهادة الدكتوراه في الطب العام. اجتزت كباقي الطلبة مناظرة انتقائية في السنة الأولي بالجامعة وكنا حوالي 1500 طالب لم ينجح منا إلا 146. كان الطموح يحدوني وكنت أسعى إلى النجاح بكل ما أتيت من جهد حتى أكون عنصرا فاعلا في المجتمع وحتى أحقق رغبة والدي الذي كان يرعاني ويتكفل بمصاريف دراستي، لأنني لم أكن أحصل على المنحة الجامعية. وحتى لا أكون عبئا على والدي اشتغلت ممرضا بإحدى العيادات الخاصة بفرنسا منذ السنة الرابعة طب وجمعت نصيبا من المال ادخرته لوقت الحاجة. كان هدفي الأساسي هو النجاح في دراستي، لذلك لم أنخرط في أي منظمة طلابية ولم أنتم إلى أي توجه سياسي. كنت أدرس في الجامعة بالنهار وألتقي في الليل بزملائي من اختصاصات مختلفة ونجتمع سويا بقاعة المراجعة ونخصص الليل لإنجاز البحوث ولمراجعة بعض المسائل التي لم نتمكن من فهمها». وعن أجواء إقامته بفرنسا قال السيد نوفل الزحاف: «كنت أقيم مع أخي بشقة متواضعة، نقتسم معلوم كرائها معا. ولأننا لم نكن نجيد الطبخ.. كنا نرتاد المطعم الجامعي باستمرار وكنا نشتاق إلى أكل السمك فكانت أمي تزورنا من حين إلى آخر لتطبخ لنا أشهر الأطباق «الصفاقسية» المكونة من السمك. كما كنا في نهاية كل أسبوع نخصص جزءا كبيرا من اليوم لممارسة كرة القدم التي كانت وسيلتنا الأساسية للتسلية. تزوجت في السنة الثالثة من دراستي الجامعية بطالبة تدرس الصيدلية. وأقمنا بشقة على وجه الكراء، وكانت سندي في الغربة وشعرت معها بالاستقرار مما ساعدني على النجاح والتفوق. وبما أن الدراسة كانت تأخذ كل وقتنا كنا نتبادل عبارات الشوق والامتنان عن طريق رسائل ورقية عوضتها اليوم رسائل الهاتف الجوال أو ما يعرف ب«الأس أم أس» «SMS». وعن العلاقات بين الطلبة التونسيين ونظرائهم الفرنسيين وبين الطلبة والأساتذة، قال محدثنا: «لم نتمكن في السنة الأولى من معرفة بعضنا البعض وربط علاقات صداقة لكن بمرور الوقت أصبحنا نتعايش مع الطلبة الفرنسيين كأشقاء لنا، نتبادل وجهات النظر في مسائل هامة وننظم الرحلات معا، كانوا منطوين على أنفسهم فأدخلناهم في أجوائنا، أما الأساتذة فكانوا قريبين منا جدا، وكانوا كلما تقدموا درجة في العلم، زاد تواضعهم، يعرضون علينا خدماتهم ويطلبون منا أن نلتحق بهم إلى مكتبة الكلية إذا رغبنا في مزيد شرح للدرس».