ينفذها: رأس الحربة لا أريد أن يصبح بعض الكلام علكة في فمي.. ولكني مضطر أحيانا إلى التذكير ببعض القول وفق ما تقتضيه التحركات والمواقف. لقد قلت أكثر من مرة أن بين السياسة والكرة علاقة تشاركية في أكثر من مستوى ولعل أهمها عملية «التجنقيل».. و«التجنقيل» موهبة لا تتوفر لكل من هب ودب. هذه الكلمة المتونسة عن الفرنسية تعني بالأساس القدرة على التلاعب في وضعيات مختلفة باللسان أو بالأقدام.. ولأن هذه الموهبة نادرة فإن التاريخ يحفظ قلة من أسماء جهابذة «التجنقيل» بوزنيه الخفيف والثقيل. وقد اشتهر بعض «المجنقلين» في الحقلين السياسي والرياضي وحققوا إنجازات محفوظة في سجل هذا الفن الذي يعتمد سحر الكلام وإيقاع الأقدام.. ولكن قلما جمع فرد واحد مجد «التجنقيل» من طرفيه. وها أن رياح الثورة تمنحنا هذا الاستثناء وتقدم لنا مثالا حيا على أن الطريق سالكة ومؤمّنة بين ملاعب الإثارة وصالونات الوزارة.. وها هو امبراطور الكرة الإفريقية ينضم إلى النخبة السياسية. هذا الانتقال من ميدان إلى آخر لم يُنس طارق ذياب مهاراته المكتسبة في «التجنقيل» والإمداد القصير والطويل، فدخل المباراة متسلحا بفنياته الفطرية. وقد اختار هذه المرة أن يؤكد الوجه الآخر لموهبته الخفية وقدرته على التسديدات القوية باليسرى واليمنى وحتى بالرأس المنسية. طارق دخل المعمعة ورمى بنفسه في مسبح يعج بزواره حتى ضاق ذرعا بممارسي السباحة المقننة والعشوائية!.. وقد جلب هذا التصرف الأنظار وحرك الأفكار.. فهناك من يرى في أقوال طارق خروجا عن لَبُوسه الرياضي ومغامرة غير مأمونة العواقب لعدم التعود على قوانين اللعب السياسي، وثمة من يرى عكس ذلك تماما لأن السياسة لا تختلف عن الرياضة والخوض فيها متاح.. والخبرة تحصل بالممارسة. وبين هذا وذاك يقول المنطق أن لا شيء يمنع طارق- أو غيره- من ممارسة السياسة و«التجنقيل» الحر في المياه الحزبية.. لكن شرط أن يحافظ على التوازن بين صفتيه الوزارية والحزبية!.. وهذا يعني أن طارق مدعو، قبل الخوض في أية عملية «تجنقيلية» استعراضية، إلى أن يتذكر أنه وزير وهذا يعني أنه مسؤول على المستوى الوطني أي وزير في حكومة وطنية ترعى شؤون كل التونسيين بلا استثناء أو تصنيف ضمن الدفاع القوي أو الهجوم الضعيف!. إن للممارسة السياسية ضوابطها تماما كالممارسة الكروية، والمطلوب من طارق الوزير أن يحترم قوانين اللعب هنا وهناك حتى يبقى قادرا على تسجيل الأهداف الحاسمة ضد التخلف وجيوب الفقر والاختلال الجهوي، الخ.. أحلى «تجنقيلة».. أن نحضن الوطن بكل فئاته وجهاته الجميلة!. ويبقى دائما نصف الكلام.. ومني عليكم السلام..