أنا لا أقصد بهذا العنوان، كما قد يتبادر إلى الأذهان، القصيد الرائع لشاعرنا الكبير أبي القاسم الشابي والذي أدته صاحبة الصوت الرخيم والإحساس الرقيق هيام يونس.. لا أقصد تلك الرائعة بكل المقاييس ولكني أود أن أنبش في ورقات كائن عرفته وعايشته منذ عشرات السنين فاكتويت بأوجاعه وآلامه وجراحه وأسقامه. لن أترككم تخمنون كثيرا وأدعوكم للدخول معي إلى حيث يقيم هذا الكائن الذي ظل على امتداد السنين يقاوم محاولات الوأد وينتفض كل مرة من تحت رماد الأيام والآلام تماما كطائر الفينيق الأسطوري!.. وننطلق من الرأس.. رئيس العائلة وأعني الإعلام وما أدراك ما الإعلام الذي يعتبر «الولد الشقي» من وجهة نظر الأنظمة على اختلافها سواء الديمقراطية منها أو الدكتاتورية.. ولكن الفرق يكمن في التعامل مع «ابن الشقاوة».. في حين يصنفه الأول ضمن المشاكسين الذين لا يخلو منهم عنصر ويتفاعل معهم بأساليب من الصنف ذاته.. يميل الثاني إلى مقاومته بالاتهامات و«الزلاط» على خلفية خروجه عن الصف وهواية الدوران واللف والتشويش على المجموعة التي تبحث عن هدوء البال وحسن المقال والمآل!.. وإذا كان الإعلام بصفته الشمولية «الولد المشاكس» بطبعه في مختلف المجتمعات، فإن الإعلام الرياضي عندنا هو «الولد اليتيم».. للإعلام الوطني!.. فنحن نتحدث عن الإعلام وكأنه رضيع الأثداء السياسية.. فقط لا غير.. أما بقية المجالات فهي مجرد ورقات زينة متناثرة هنا وهناك.. وهذا التعامل والتفاعل السلبيان مع الإعلام الرياضي لا يعكس في الواقع أهمية هذا القطاع وقيمة دوره والعاملين في مجالاته المختلفة. فإذا نظرنا بمعيار الأرقام فإننا نسجل أكبر نسبة ضمن الإعلاميين تمثل فئة الإعلاميين الرياضيين، أما إذا أخذنا في الاعتبار الصدى الجمعي لهذه الفئة فإننا لا نبالغ في شيء عندما نؤكد أن أكبر.. حزب في تونس هو «حزب الرياضة».. ورغم ذلك فقد بقيت هذه الفئة مهمشة بتأرجح وضعها بين محاولات فاشلة منذ السبعينات والثمانينات لإفرادها بهيكل خاص بها وإغراءات الهياكل الإعلامية القائمة لاحتوائها ضمن خلاياها.. وأعتقد أنه حان الوقت كي يتنظم أهل الإعلام الرياضي في هيكل مستقل يهتم بتنظيم القطاع وحماية العاملين به وتحسين أدائه خدمة للإعلام الوطني. وأتمنى ألا يعتبر بعض الزملاء هذه الدعوة التي سبق أن أطلقناها قبل سنوات محاولة لضرب أي هيكل كان أو تشتيت الصفوف، بل إن هذه الدعوة تندرج في تعزيز الصفوف ورصها في ظل التكامل بين مختلف الهياكل ذات الصلة.. وعسى أن يكون موعد الأربعاء القادم فاتحة لمسيرة التصحيح والتوضيح.. والإعلام المليح.. وأن يعود لليتيم الابتسام!. ويبقى دائما نصف الكلام.. ومني عليكم السلام..