تبقى الحياة الطلابية مشوار حياة تطيب ذكراه حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات رغم حلوها ومرها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها أو اختارته. ضيفتنا اليوم هي السيدة روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة التونسيين ونائبة رئيس الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة مكلفة بالمرفق العام من مؤسسي جمعية «نساء حقوقيات»، متزوجة وأم لثلاث بنات. عن حياتها الجامعية تحدثت فقالت: «دخلت كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس في السنة الجامعية 1982-1983 ودرست القانون الخاص، حصلت على الأستاذية سنة 1986 ثم اجتزت بنجاح مناظرة الدخول الى المعهد الأعلى للقضاء. كانت الجامعة تعيش نوعا من الغليان في بداية الثمانينات وكنت مواكبة لأي تحرك طلابي يحدث في تلك الفترة فقد كنت أترأس حلقات النقاش، كما كنت رئيسة لجنة الحي الجامعي بالمنزه السابع وكنت أقيم بالمبيت التابع للحي المذكور. وأتذكر أننا لما كنا نرغب في إلصاق المناشير بحيطان المبيت كنا نطبخ العصيدة البيضاء، نخصص نصيبا منها للعشاء والجزء الباقي نتركه لإلصاق المناشير. فقد كان جلنا ينحدر من عائلات متواضعة جدا ويلتجئ للعمل بالتوازي مع الدراسة حتى يوفر قليلا من المال. كانت سنة 1984 سنة مميزة في حياتي الجامعية فقد تزامنت هذه السنة مع «أحداث الخبز» ولأني شاركت في التحركات التي رافقت أحداث الخبز فقد تم طردي من جميع المبيتات الجامعية وأصبحت بلا مأوى.. أتنقل بين منازل الأقارب حينا وأحاول الدخول الى أي مبيت في غفلة من أعين حارسه أحيانا أخرى. وأتذكر أني مكثت أسبوعا كاملا في غرفة احد المبيتات دون أن أغادرها حتى لا تراني الطالبات فيوشين بي الى الحارس. كنت رئيسة لجنة حماية اضراب الجوع الذي شهدته كلية الحقوق والعلوم السياسية والتي كانت منطلق الشرارة الأولى لأي تحرك طلابي وكانت الاعتداءات التي لحقتنا لما دخل علينا الأمن لفك الإضراب اعتداءت وحشية مازالت آثارها عالقة بنفوسنا الى اليوم وأتذكر أن الأساتذة كان لهم دور كبير في حمايتنا من هجمات أعوان الأمن، حيث كانوا يخفوننا في مكاتبهم حتى لا نتعرض للضرب ومن بينهم أذكر سناء ابن عاشور وتوفيق بن نصر» وعن المنحة الجامعية قالت محدثتنا: «تحصلت على المنحة في السنة الأولى من دخولي الى الكلية لكني حرمت منها بعد طردي من المبيت وكنت في كل مرة أقدم فيها ملفا للحصول على مبيت إلا وكانت مديرة الحي الجامعي الذي طردت منه تتدخل لتفشل محاولاتي المتكررة باعتبارها زوجة مسؤول سام بديوان الخدمات الجامعية في تلك الفترة. ولأني صرت بلا منحة ولا مبيت التجأت للتدريس بمعهد خاص حتى أوفر مصاريف الدراسة والسكن وبرغم كل المصاعب التي وجدتها إلا أن كل سنة من سنوات دراستي الجامعية لها ذكريات خاصة.