تبقى الحياة الطلابية مشوار حياة تطيب ذكراه حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات رغم حلوها ومرها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها أو اختارته. ضيفتنا اليوم هي السيدة سعاد عبد الرحيم عضو المجلس التأسيسي ورئيسة لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية. صيدلانية متزوجة وأم لولدين. عن حياتها الجامعية تحدثت ل«التونسية» فقالت: «درست اختصاص الصيدلية بكلية المنستير التي التحقت بها سنة 1984 ثم طردت منها على خلفية نشاطي السياسي. عدت إلى تونس العاصمة ودرست اختصاص التغذية وحصلت على ديبلوم. ولما حفظت القضية التي قدمت في شأني وطردت بموجبها من الكلية عدت إلى المنستير وواصلت دراستي وحصلت على شهادة في الصيدلة وكان ذلك سنة 1992. كانت الجامعة تشهد حراكا سياسيا كبيرا لكنه لم يتطور ليصل إلى درجة العنف الذي شهدته الساحة الطلابية اليوم. كانت النقاشات والاختلافات بين التيارات السياسية على أشدها. عرف الاتجاه الإسلامي عصره الذهبي في تلك الفترة وكانت الدعوة إلى تأسيس نقابة موازية لاتحاد الطلبة تتزايد يوما بعد آخر. لكني لم أكن أومن بالتعددية النقابية باعتبار أن مطالب الطلبة واحدة فدافعت عن عودة الاتحاد العام لطلبة تونس إلى الطلبة. لكن مطلب إنشاء نقابة أخرى تدافع عن حقوق الطلبة كان ملحا فتم تأسيس الاتحاد العام التونسي للطلبة سنة 1985. فانضممت إليه وأصبحت أنشط صلبه وأتذكر أني نشطت حفل الشيخ إمام عيسى الذي نظمه الاتحاد العام التونسي للطلبة في فترة ازدهاره». وعن المنحة الجامعية قالت محدثتنا: «حصلت على منحة جامعية وكانت تبلغ وقتها 30 دينارا لكنها لم تكن تكفي لمصاريف الدراسة. وكنت محظوظة لأني كنت أقيم بالمبيت الجامعي حيث كان معلوم الإقامة لا يتجاوز ستة دنانير شهريا. وكنت أتناول الأكل بمطعم المبيت الجامعي ولا أزور عائلتي إلا عند الضرورة القصوى وذلك من باب التحكم في الميزانية وحتى لا أثقل كاهل عائلتي التي كانت تزودني بالمال من حين إلى آخر. تعرضت إلى نوع من الضغط عندما كنت أمارس نشاطي النقابي في المبيت حيث كانت العيون ترقبني وكنت إثر كل نشاط أقوم به على غرار إلصاق المعلقات أو البيانات في الاحتفال بيوم الأرض مثلا أتلقى وابلا من التوبيخ من قبل مديرة المبيت. وحتى بعد أن عدت إلى الجامعة وثبتت براءتي من التهمة التي وجهت إليّ استمرت مراقبتي. وأتذكر أنه ذات مرة أوقفني رجل أمن من حينا وأبلغني أنه صدرت في شأني برقية تفتيش سرية ويجب عليّ أن أرافقه حتى يتوسط لي عند أحد المسؤولين بحكم أني «بنت حومة» فلما أبلغته أني سويت الوضعية واتصلت بالسلطات المعنية لم يقتنع بكلامي وأمر بإنزالي من الحافلة التي كنت أقلها».