الصحفي الجيد هو الذي... لا يرى... لا يسمع.. لا يتكلّم... الصحفي الجيد هو الذي لا يفتح فمه إلاّ ليأكل... أو عند طبيب الأسنان... ومن أجل هذا كان عيد الإعلاميين... حيث يُذكّر الزملاء بما يعانيه الإعلاميون في كل أصقاع الدنيا.. صحفيون مشردون وصحفيون قضوا نحبهم في حروب وصحفيون يكسر الخوف والترهيب أقلامهم.. ويقطع حبالهم الصوتية.. الكلمات تواجه باللّكمات.. هناك من يواجه وهناك من يخضع.. وتلك حبال من السّماء... وهناك من يأبى أن تكون الصحافة تابعة حتى لا يقال إنه دكتاتور... وكم من بندير شيّع متجبّرا إلى مثواه الأخير... لا سياسة بدون إعلام.. لا حياة بدون إعلام.. لا ثقافة بدون إعلام ولا تثقيف بدون الإعلام... وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون.. لهذا يقال إن الدنيا ملك للذين يستفيقون باكرا.. ليس لأنهم قاموا باكرا وإنما لأنهم قرؤوا الأخبار قبل الآخرين وسبقوهم في مجالات المنافسة... وفي النهاية فالإعلامي هو أساسا ناقل خبر... لا صانع خبر فلماذا يتحول إلى كبش فداء... والغريب أن لغتنا وضعتنا في ورطة... هل نقول «تغطية» الأحداث أم «تعرية» الأحداث... علاقة الصحفي بالسياسي فيها الأبيض والأسود... فيها تجاذب ومن يسيطر على من ومع ذلك لا يحب رغم المواجهة أن ينقطع حبل الحوار لأن هذه هي أصول اللعبة... من يسوّق لمن.. السياسي يريد إقناع أكبر عدد ممكن من المواطنين حتى يصوّتوا له والصحفي يريد إبهار أكثر عدد ممكن من المتابعين.. في عيد الصحفيين هذا.. كان الكلام كل الكلام مشوّها... جارحا... مطلقا على عواهنه تجاه الإعلام.. وقد فسّر هذا بأنه هجمة لاحتواء الإعلام والإعلاميين لا لتطويره.. في حين أن الإعلام المرئي شهد نقلة ولكن هذا لم يعجب البعض.. وأخشى ما أخشاه هو أن يكون السبب غير محسوب.. لأن كثرة الظهور تقسم الظهور.. والتنميط المملّ يعيد إلى الأذهان إلى ما كان قبل الثورة... في عيد حرية الإعلام نتذكر زملاءنا الذين لم يجدوا شغلا.. وإن اشتغلوا في الحد الأدنى.. مهنة الصحافة محنة.. تسرق العمر.. ولا يرث أبناء الصحفيين إلاّ أسماء آبائهم.