حرية الإعلام ليست مزية على الصحفيين وإنما هي حق للمواطن.. مرة أخرى يتعرض الإعلام إلى هجمة شرسة وحملة شيطنة الصحفيين خاصة في القناة الوطنية والتي لا ينكر أحد أنها تطورت في الأداء وصارت قبلة المشاهدين خاصة في النشرات الإخبارية والملفات السياسية متجاوزة الجزيرة.. والقنوات الخاصة في تونس.. قد تكون السلطة الحالية غير راضية عليها لأنها موجهة لخدمة الصالح العام لا لأحزاب.. في زمن بن علي قال أحدهم إن التلفزة فاشلة والأفضل أن تؤسس قناة أخرى يرى فيها بن علي وجهه على مدار الساعة وقناة للشعب تحكي عن همومه وطموحاته.. قيل هذا على مسمع بعض المسؤولين في ذاك الوقت.. وسط صمت مريب.. والآن هل عدنا إلى هذا الوضع!! الوطنية تستضيف ممثلي الأحزاب والمجتمع المدني وتفتح الملفات الحارقة وتوزع الأدوار على كل المعنيين والملاحظ هو أن المسؤولين في «النهضة» أو في الحكومة نراهم في كل يوم في مختلف الأجناس الصحفية.. في الحوارات والردود وفي التحقيقات وتفسير القرارات والتوجهات.. وهذا طبيعي لأنهم أصحاب الأغلبية والذين يقودون البلاد.. لهذا لا أفهم لماذا هذا الاستهداف.. وإن كان هناك تقصير فليكن بالحوار والبينة سواء في مدى حيادية المؤسسة أو في تغطية الأحداث.. ليس جميلا ولا نافعا أن تنصب الخيام للمعتصمين في ذاك المكان كدليل على أن «الشعب يريد» ولا علاقة بالسلطة بما يجري.. ولكن الأحداث بينت أن هؤلاء المعتصمين مأمورون ولا أظن أنهم يشاهدون الأخبار.. ليغضبوا على المؤسسة.. كان أفضل أن يكون الدخول من الباب الكبير.. بالتقييم والنقد والمقترح.. مع اعتقادي أن شروط المتذمرين يجب أن تكون مدعمة بالحجج العلمية والتقييم الأكاديمي وليس على أساس المزاج والرغبة في وضع اليد على الخط التحريري.. كان بالإمكان تفادي الضرر الذي لحق بصورة بلادنا وحتى بنوايا الذين اعتصموا والذين حضنوا المعتصمين.. من المستحيل أن يعود الإعلام إلى ما كان عليه.. قد يكون الإعلام كريها في نظر البعض ولكنه ضروري.. ولا مناص من مقولة «لا نحبك لا نصبر عليك».. إعلام مشاكس لدينا، أفضل من إعلام الطبل والبندير الذي يشيع الدكتاتور.. إلى مثواه الأخير..