علمت «التونسية» من مصادر مطلعة أن ممثلي الطائفة اليهودية في تونس سيطلبون في الأيام القادمة بشكل رسمي من المجلس الوطني التأسيسي إدراج عدد من الفصول(1 و3 و4 و6) التي تضمنها «عهد الأمان» في الدستور الجديد الذي يفترض أن يقوم نوّاب الشعب بكتابته. و يذكر أن محمد باي أعلن عن إصدار عهد الأمان في 10 سبتمبر 1857 لسائر سكان «المملكة» ويشتمل هذا العهد على مقدمة وإحدى عشرة مادة، ويضمن نص «عهد الأمان» لجميع سكان تونس مهما كانت دياناتهم وأجناسهم وجنسياتهم المساواة في الحقوق والواجبات، وقد جاءت مادته الأولى قاضية ب :«تأكيد الأمان لسائر رعيتنا وسكان إيالتنا على اختلاف الأديان والألسنة والألوان في أبدانهم المكرمة وأموالهم المحرمة وأعراضهم المحترمة إلا بحق يوجبه نظر المجلس بالمشورة ويرفعه إلينا ولنا النظر في الإمضاء أو التخفيف ما أمكن أو الإذن بإعادة النظر». كما ينص عهد الأمان على مساواة الجميع في مسائل الضرائب والرسوم الجمركية, ويقر كذلك بحرية مزاولة التجارة وحرية العمل في المملكة وتملك العقارات وشراء الأراضي الزراعية للوافدين على البلاد من الأجانب بشرط التزام الجميع بالقوانين المتداولة. وينص الفصل الرابع من عهد الأمان على أن الذمّي (ويقصد به المسيحي واليهودي) «لا يجبر على تبديل دينه ولا يمنع من إجراء ما يلزم ديانته ولا تمتهن مجامعهم ويكون له الأمان من الإذاية والإمتهان لأن ذمته تقتضي أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا» أما الفصل الخامس فينصّ على وجوب «حضور أحد كبراء أهل الذمة في مجالس النظر في الجنايات إذا كان الحكم فيه بعقوبة على أحد منهم تأنيسا لنفوسهم ودفعا لما يتوقعونه من الحيف».. ومن الواضح أن هذه الخطوة متى تأكدت ستكون تصعيدا غير مسبوق من طرف يهود تونس الذين عبروا من خلال «كبرائهم» عن استيائهم من دعوات بعض الأطراف «المتطرفة» لطرد اليهود ومحاربتهم والحال أن هؤلاء لا يقلون تونسية عن سائر أبناء البلد من المسلمين. ومن الجلي أن المجلس التأسيسي مدعو لاتخاذ مبادرات حقيقية لتهدئة الأجواء ليشعر اليهود بأنهم في مأمن وبأن لا أحد يهدد سلامتهم وهذه لا يمكن أن تكون مهمة البوليس فقط بل لا بد أن تعاضدها مبادرات سياسية ومجتمعية في ذات الاتجاه.