يعيش قطاع الإعلام فترة مخاض جديدة وقد تعود أهله على مثل هذه الحالات التي تتكرر على وتيرة التحولات التي تشهدها البلاد بين حقبة وأخرى. وفي خضم التحركات المرافقة لعمليات الولادةالجديدة يغرق الجميع في تعداد النقائص التي يشكوها القطاع ويتناسل عدد العالمين العارفين بشؤون الإعلام وينهال «أهل الذكر» وحتى من ليس لهم ذكر في تقطيع أوصال المهنة وإنزال المحنة على رؤوس الجميع.. وتتواصل الهجمة دون هوادة والإعلاميون يتقبلون اللكمات ومر الكلمات دون أن يحركوا ساكنا فاسحين المجال لأهل القيل والقال كي يواصلوا السجال وتوجيه النبال ولا شيء في البال عما يعانيه المهنيون من إذلال وخيبات آمال. لقد استشرت في البلاد ومنذ سنوات بل عقود ممارسة غريبة تتمثل في تكليف أشخاص بخطة الإعلام في مختلف الهيآت والمؤسسات الرسمية والهياكل الرياضية.. ووجه الغرابة لا يتمثل في إحداث تلك الخطة في حد ذاتها بل في اختيار الأفراد الذين يكلفون بها. إذ يكفي أن نلقي نظرة سريعة على قائمة الملحقين الإعلاميين في الجهات والمؤسسات والجامعات الرياضية (وأكتفي بذلك) لنجد أن جل هؤلاء لا ينتمون إلى القطاع الإعلامي إلا بالانتساب القسري.. أي أنهم أتوا إلى الميدان عبر ولادات قيصرية بفعل ولاءات أو انتماءات خاصة! حدث هذا ومازال يحدث حتى في زمن الثورة، حيث ينضاف كل سنة عدد جديد من خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار إلى طوابير العاطلين عن العمل ليعززوا صفوف «البطّالة دي لوكس».. في حين تمنح الفرص إلى غير المهنيين كي يحلّوا محلهم ويسرقوا قوتهم وقواهم! ماذا يسمى هذا الاختيار؟ ألا يعتبر ضربا للقطاع ولأهل المهنة من جهة والمساهمة في تهميش خريجي التعليم العالي من جهة أخرى؟ فهو يساهم في إرباك القطاع وقطع الأرزاق ومنح اللقم الزائدة إلى هواة التعشعيش على حساب مستحقي الشغل.. وبعد هذا يتحدث البعض عن ضعف الأداء الإعلامي ناسين أو متناسين العناية بالعنصر البشري.. لهذا أقول وأردد: البطالة مرة.. فلم وإلى متى يبقى أهل المهنة «على برّة»؟.. ويبقى نصف الكلام.. ومني عليكم السلام..