في وقت ليس بالبعيد كانت أسماء نكرة وبين ليلة وضحاها تحولت الى نجوم تتسابق وسائل الاعلام على نشر أخبارها لتتصدّر صورها الصفحات الأولى للجرائد والمجلات. بمحض الصدفة اقتحموا ميدان الفن وعالم الشهرة.. هم أشخاص عاديون لا تكوين لهم لكن وللأسف تفوّقوا على هؤلاء الذين درسوا واجتهدوا ودخلوا الميدان من بابه الكبير لكن لم يحالفهم الحظ وظلوا في أماكنهم من حيث انطلقوا.. هم مسرحيون ومطربون وفكاهيون باختصار هم فنانون لكنهم غائبون تركوا أماكنهم أو بالأحرى افتكّت منهم ليحلّ محلهم هؤلاء الذين طفوا على السطح بمحض الصدفة هؤلاء الذين صنعهم منظّرو النجومية الكاذبة، حول هذا وذاك «الشروق» فتحت موضوع «نجوم الصدفة» للوصول الى إجابة عن سؤالها: من المسؤول عن هذه النجومية الزائفة؟ أسماء كثيرة وكبيرة لا يمكن حصرها أو عدّها منها التي صنعت نجوميتها بموهبتها واستحقت هذا اللقب ومنها التي جاءت بمحض الصدفة بقليل من الجهد وكثير من الحظ. التكوين الأكاديمي ضروري للممثل جعفر القاسمي رأي في هذا الموضوع، جعفر متحصل على شهادة من المعهد العالي للفن المسرحي وفي حديثه ل«الشروق» صرح أن الموهبة ضرورية لكن يجب أن تكون مشفوعة بالتكوين الأكاديمي لأن ذلك يطوّر آلياته وينمّي ثقافته، يضيف جعفر ««الممثل بحر والمسرح هو الأرض البور التي لم تكتشف بعد..». نجوم الصدفة إن صحّ التعبير يقول جعفر القاسمي هي ظاهرة بإمكانها الاستمرار وفي نفس الوقت يمكن أن تضمحلّ، لكن من يريد أن ينمّي موهبته يؤكد صاحب «واحد منا» يجب أن يقبل النقد ويطوّر الياته بالتربصات والعمل المستمرّ. وعن صناعة النجوم ومن المسؤول عنها؟ يجيب القاسمي أن المسؤولية تتحملها عدة أطراف أولا المؤسسة ، ثانيا أهل القطاع،وثالثا الاعلام. لذلك تبقى صناعة «النجوم» ظاهرة خطيرة لكن للأسف لا يمكن التصدّي لها». مواهب... لكنهم نجوم لهذا الموضوع عدة وجوه وكثير من الجوانب فالفن بين التكوين الأكاديمي والعصامية يطرح عدة استفهامات ويأخذ عدة مسارات حيث نجد الكثير من النجوم الذين لم يدرسوا ولم يتعلموا في مدارس لكنهم اشتغلوا واجتهدوا واستحقوا أن يلتحقوا بصف النجوم وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد إمبراطور الضحك في تونس الممثل لمين النهدي الى جانب نصر الدين بن مختار ونور الدين بن عياد ومنجي العوني ولطفي بندقة.. وفي الغناء نذكر نجاة عطية، علياء بلعيد، نوال غشام، صوفية صادق والنجمة الكبيرة أمينة فاخت.. وفي التمثيل سناء كسّوس وفريال ڤراجة ودرصاف مملوك... هؤلاء الذين تم ذكرهم عطاؤهم هو جواز عبورهم الى عالم النجومية وبالرغم من تكوينهم العصامي إلا أنهم يستحقون أن يكونوا نجوما لأنهم اشتغلوا على مدار سنوات.. في المقابل نجد عدة أسماء ظهرت فجأة وبعمل يتيم تحوّلت الى مشاهير في ظرف وجيز على غرار هذا الذي يدعى «الحبيب ميڤالو» الذي أصبح في أشهر معدودة نجم الضحك وكتبت عنه الصحف وشاع صوته على موجات الأثير ودون سابق إعلام تحوّل من «مواطن» عادي الى نجم صنعته إحدى المحطات الاذاعية. صنعهم «المكتوب» إلى جانب ذلك نجد عدة أسماء تحوّلت في شهر إلى مشاهير علّقت صورهم على الجدران وأصبحت تباع في المحلات هم بالتأكيد نجوم «مكتوب» الذين اقتحموا هذا الميدان «بالمكتوب» هم في الأصل طلبة و«تجار أحذية» وأصحاب مشاريع خاصة تحوّلوا الى نجوم في التمثيل بين ليلة وضحاها. «ستار أكاديمي» و«طريق النجوم» و«سوبر ستار» وغيرها من البرامج التي ساهمت هي الأخرى في صناعة النجوم على غرار أحمد الشريف، أماني السويسي بهاء الكافي، نادر قيراط، وغيرهم من الأسماء الأخرى التي وللأسف صدّقت هذه الكذبة «كذبة النجومية» وسارت في هذا التيار لكن أفل نجمها بمجرد صعودها. مسؤولية أهل القطاع وتقول في هذا الصدد الممثلة الكبيرة عزيزة بولبيار ان المسؤولية هنا يتحملها المسؤولون على القطاع سواء كان في ميدان الغناء أو التمثيل لابدّ من تبجيل أهل الاختصاص وخاصة هؤلاء الذين اجتهدوا ودرسوا وتحصّلوا على الشهائد العليا. وتضيف السيدة عزيزة بولبيار: «للأسف هناك من يدخل هذا الميدان (التمثيل) بقليل من الجمال ويفوز بدور البطولة في حين ان اصحاب المهنة يعانون من البطالة». ومن جانب آخر تفسّر الممثلة بولبيار هذه الظاهرة، (ظاهرة نجوم الصدفة) بتطوّر وسائل الاعلام وكثرتها حيث أصبحت الفرص اكبر ومتاحة لمن يرى في نفسه الموهبة.. وهو ما ساهم بشكل كبير في تفشي هذه الظاهرة «ظاهرة نجوم الصدفة». مسؤولية شخصية الاعلام هو المسؤول عن تطوّر هذه الظاهرة تقول الفنانة سنية مبارك مضيفة ان الفن يحتاج للموهبة أولا والى عدة مقاييس أخرى وتضيف سنية في هذا الصدد: يجب ان نتساءل هل انا أعتمد الفن كمورد رزق فقط أو لأني أملك الموهبة؟ وفي هذا السياق يجب ان يجمع الفنان بين الموهبة والتعليم الأكاديمي لأنهما ضروريان ويكمّلان بعضهما. وتؤكد الفنانة سنية مبارك ان المسؤولية يتحمّلها الشخص في حدّ ذاته لأن المسألة هي مسألة مبدإ فمن يفتقد الى المؤهلات لماذا يقحم نفسه في هذا الميدان؟