لئن حرمته مشيئة القدر من الولادة بشكل طبيعي ليكون أول حالة نادرة في تونس ويولد بلا يدين ولا ساقين.. فإن الحياة أصرت على ان يعيش في حرمان.. فلم يتمتع بمساعدة تمكنه من الحصول على آلات تعويضية وغرق في ظروف اجتماعية قاسية.. وحرم من الدراسة كباقي أقرانه... هذه قصة الطفل حلمي الجامعي البالغ من العمر 6 سنوات وخمسة أشهر والذي كان ضيف حلقة «المسامح الكريم» على قناة «حنبعل» الأسبوع الفارط والذي عبّر بنظراته الحزينة عن حلم ليس بالمستحيل ولا بالصعب المنال وآمل في أن يحظى بآلات تعويضية تساعده على المشي والأكل والشرب مثله مثل أي طفل عادي.. حالة نادرة .. هذا الطفل والذي سبق أن زرته شخصيا في سن الستة أشهر عندما كان رضيعا وكان حينها شديد الحماس والرغبة في التحرك فيتدحرج ببراءة لكن إعاقته تصعّب عليه الأمر... ليكبر ويكبر حلمه في أن يحظى بأدنى درجات العناية كالتي لقيها الطفل «يوسف أبو عميرة» أحد أبناء غزة، وهي حالة شبيهة لحالته ، حيث تمكَّن مستشفى ألماني من زرع يدين له.. يقول والده عبد القادر: بقدر ما صدمت حين ولادته بنوعية الإعاقة التي يحملها بقدر ما هوّن علي أمر اعتباره حالة نادرة جدا في تونس حيث اعتقدت أن وزارة الصحة وهياكلها المعنية والجمعيات الخيرية ستتكفل به كما يحدث في الخارج... لكن اعتقاداتي كانت وهمية فقد تجاوز الست سنوات دون أن يجدّ جديد في حياته أو تبدي أية جهة اهتمامها به خاصة أنني كرست حياتي للعناية به وللقيام بشؤونه فأنا عامل يومي وما تدرّ به عليّ الحياة القاسية أخصصه لمعلوم الكراء ولمستلزماته وشقيقيه الآخرين وزوجتي العاطلة عن العمل.. حرمان من الدراسة ويضيف : «أنا اتألم كل لحظة انظر فيها في عيني طفلي وخاصة بعد أن بلغ سنه سن الدراسة ووجدت نفسي أعود به خائبا ، حيث كان أملي أن يتم قبوله لكن كان رد المدير بالرفض فهو بلا ساقين ولا يدين.. كما لم أتمكن من معرفة أي مدرسة معوقين يمكنها التكفل بحالة «حلمي» وتدريسه حتى لا يحرم من حق طبيعي آخر وتستفحل معاناته النفسية وصراعه مع الأحاسيس بالنقص التي تتراءى لي في عينيه كلما شاهد شقيقيه يلعبان أو يأكلان أو يلهوان... ليعجز هو عن القيام بأية حركة... حيث لم أجد حلا سوى إلحاقه بكتّاب بالجامع لحفظ القرآن». رفض التبني وعن محاولات المساعدة التي حظي بها حلمي يقول الأب: «لقد أعربت ألمانية عن رغبتها في مساعدة حلمي وعلاجه في ألمانيا لكنها اشترطت علي أن تحظى بتبنيه وهو أمر رفضته رفضا باتا.. كما اتصلت بي خليجية مستثمرة بتونس وعرضت علي نفس العرض وكأن ابني سلعة للمتاجرة فرفضت وكرست حياتي للعناية به رافضا كل المساومات التي فاحت منها نية الاستغلال والمساومة.. هل يستجيب السيد وزير الشؤون الاجتماعية لندائه؟ ويرفع عبد القادر نداء إلى ذوي القلوب الرحيمة والجمعيات الخيرية والمستشفيات وخاصة مستشفى الحروق البليغة ببن عروس لمساعدة ابنه على الحصول على آلات تعويضية التي تتطلب اعتمادات كبيرة يعجز عن توفيرها اذ تقدر قيمة اليد الواحدة بحوالي 40 ألف دينار... وأعرب عن أمله في ان يساعده السيد وزير الشؤون الاجتماعية والسيد والي تونس على الحصول على مسكن اجتماعي يحميه من الحياة الصعبة التي بات يتخبط فيها...