بعد تكتّم كبير عن فحوى كتاب ليلى الطرابلسي «حقيقتي» من قبل دار النشر التي منعت تسرّب المعلومات لضمان عدم ترويجه على الانترنات وبعد جدل واسع حول توزيع الكتاب أو منعه في تونس وترجيح قرار عدم منعه ها هو الكتاب يصدر غدا 24 ماي عن دار (moment) ويقال إن الطبعة الأولى تبلغ مائة ألف نسخة بالفرنسية بقلم صحفي فرنسي. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف تتجرأ هذه المرأة على العودة إلى الأضواء وهي التي كانت رئيسة عصابة لا سيدة أولى.. وإن كانت الأولى ففي الكره الذي يكنه لها كل التونسيين.... غطرسة وفساد لا ينتهي... وجهل وسوس لها بأنها قادرة على حكم البلاد... وهي التي حولت الفساد إلى ثقافة ممنهجة أفرغت الدولة من محتواها... حتى صارت هي الرئيس والرئيس ظلها... «فتش عن المرأة»... كان أحرى بها أن تصمت بعد الأذى الذي ألحقته بالبلاد والعباد وبعد النهب الذي خرّب البيوت... وخرب البلد حتى صرنا جمهورية موزية بامتياز... حكايات كواليس القصر والفضائح انتشرت نتانتها في الشارع التونسي وملأت قلوبه التونسيين غيظا... وكان التوانسة يطّلعون على ما يجري في ربوة قرطاج من خلال الصحافة الأجنبية ومن موظفين داخل القصر... وآخرها «الويكي ليكس»... رئيسة العصابة العائلية تحولت إلى مافيا... فوق القانون... سرطان استشرى بسرعة مهولة... المال والجاه والسّلطة... والأكيد أن «حقيقتها» لا تشبه الحقيقة التي يعرفها الشعب.. كان أحرى بها أن تعترف وتعتذر... وتعيد أموال الشعب... ولكن التسريبات القليلة التي توصلنا إليها لا توحي بذلك.. والأكيد أن ما ستقوله عن الثورة ليس على لسانها وإنما هو رؤية بن علي لقيام الثورة.. لأن الرئيس السابق ليس له الحق في ممارسة السياسة أو الحديث عنها وهذا هو شرط لجوئه إلى السعودية حتى لا يحرج مضيفيه. وإن كنا نعلم أنها تحدثت عن بؤس طفولتها وظروف عيشها وقسوة موت والدها... كما تحدثت عن غيرة بن علي عليها، فإن هذا لا يشفع لها.. لأنه مجرد استعطاف للتخفيف من حدّة حقد التوانسة عليها... هذا لا يبرّر ذاك... خاصة عندما اقتربت من هالة السلطة وصارت فوق القانون... فوق الأعراف وصار المتودّدون والانتهازيون يمرّون عبر بوّابتها لأنها «الفاتقة الناطقة» وتم تجييش العديدين لتلميع صورتها... كما أحاطت نفسها بوزراء انتقتهم لخدمة مصالحها في مختلف القطاعات... «تولّي وتعزل»... بعد أن أطلقت مخالب عائلتها لنهش لحم الشعب. مرّة أخرى نسأل هل صدر هذا الكتاب من أجل جمع المال وهي التي لا تشبع؟ سعر الكتاب الواحد أكثر من ثلاثين دينارا... أي ثلاثة مليارات و200 مليون.. في طبعة أولى.. هل صدر هذا الكتاب لتجميل صورتها إن كان لها وجه؟ هل صدر لتعويم حقيقتها بالأكاذيب والادعاءات والتزوير.. هل ستتحدث عن الأموال المنهوبة.. إن لم تفعل هذا فإن نشر الكتاب يتحول إلى أكذوبة واحتيال على القرّاء... أما عن الجزء الذي يهمّ الجانب السياسي فإن التسريبات تفيد بأن ليلى الطرابلسي تعتبر ما حدث في بلادنا «انقلابا» وليس ثورة.. والأكيد أنها تنقل رؤية زوجها في هذا الإطار... ولكن هل تملك الأدلة وإن لم يكن ذلك فإن الاحتيال يصبح مضاعفا... هل ستفصح عن سر القنّاصة... وعن خفايا خروج بن علي.. وحادثة المطار.. وحقيقة تبادل إطلاق النار في القصر.. والأوامر التي صدرت لتسليم رجال الأمن أسلحتهم.. وحكاية المرتزقة الذين جهزهم القذافي لمؤازرة بن علي.. هل ستتهم مسؤولين ووزراء ساهموا في العملية؟ حتى وإن تحدثت في هذا الشأن فإن هذا لن يكون إلاّ محاولة لطمس الفساد بكل أنواعه وتغطية للحقيقة... التي مازال الشعب يعاني من عذاباتها...