تحت شعار «كفى... من أجل إنقاذ تونس» نظمت أمس جمعية «نساء وكرامة» ندوة صحفية بقاعة المونديال بالعاصمة بحضور رئيسة الجمعية فاطمة غربال والكاتبة المساعدة ومجموعة من مكونات المجتمع المدني والجمعيات ونقابة الصحفيين وأعضاء من المجلس التأسيسي مثل مية الجريبي وإياد الدهماني وعبد الناصر العويني إضافة إلى آمنة منيف وبعض المبدعين في المسرح والسينما للتنديد بالبيان التنبيهي الصادر عن وزارة الداخلية بخصوص منع المسيرة التي كان من المزمع تنظيمها أمس بشارع الحبيب بورقيبة وما ورد في البيان من أنّ الوزارة لم تتلق أيّ إعلام بتنظيم المسيرة. وأكدت الكاتبة العامة للجمعية فاطمة غربال أن الجمعية قامت بإيداع إعلام بمسيرة باسم وزير الداخلية يوم 29 ماي مسجل بمكتب الضبط المركزي بنفس التاريخ وذلك خلافا لما ورد ببيان الوزارة. وأضافت فاطمة غربال أنّ الجمعية احترمت كلّ الإجراءات والشكليات القانونية واستجابت لكل الشروط وبيّنت استعدادها لإبداء المرونة الضرورية للتعاون مع مصالح الوزارة لتأمين الظروف السلمية للتحرك غير أنّ الوزارة ماطلت في الاستجابة وانتهت إلى قرار جائر وغير مبرّر بمنع المسيرة لأسباب واهية وتعلات خاوية بعدم شغور أماكن للتظاهر في هذا التاريخ مشيرة إلى أنّ هذا يُعتبر خرقا لحق التظاهر. وقالت فاطمة غربال إنّ نواقيس الخطر بدأت تدقّ بتدهور الأوضاع في تونس على جميع الأصعدة من مدّ سلفي بدأ يُرعب المجتمع ويحاول فرض نمط مجتمعي بالقوة والفرض إلى جانب ما أسمته صمتا وتواطؤا من طرف الحكومة في معالجة الظاهرة السلفية رغم تصريحات رئيس الحكومة الأخيرة ملاحظة أن الشعب يريد تفعيل «الحزم» على أرض الواقع ليطمئن التونسيون. وأضافت غربال أنّ الحريات ومبادئ الانتقال الديمقراطي أصبحت مهدّدة في تونس وتنتهك يوميا على مرأى ومسمع الحكومة، إضافة إلى السيطرة التدريجية على كلّ أجهزة الدولة من خلال زرع أنصار «النهضة» في كل المواقع الحساسة للدولة إلى جانب تردّي الاقتصاد واستفحال البطالة التي عجزت الحكومة عن معالجتها بالإضافة إلى غياب الجدية في التعامل مع ملف الشهداء والجرحى وفتح باب الغنيمة والمكافأة المادية والسياسية للمقربين من الإسلاميين. وقالت فاطمة غربال إنه لأجل ذلك قرّرت جمعية «نساء وكرامة» مع العديد من مكوّنات المجتمع المدني الخروج في مسيرة للتنديد بهذه الأوضاع من أجل إنقاذ تونس وإنقاذ مكاسب الثورة ومطالبها. من جهته أشار أيمن الرزقي ممثل نقابة الصحفيين إلى أنّ النقابة قرّرت المشاركة في المسيرة للتنديد بالاعتداء على حرية الصحافة وحرية الإعلام وتهديد حرية التعبير سيما وقد تتالت الاعتداءات المادية على الصحفيين ووصلت إلى درجة التهديد بالقتل عبر المواقع الاجتماعية وعبر الهاتف وآخرها تعرّض صحفية بحي الانطلاقة للعنف المادي من طرف سلفيين التي رغم لجوئها إلى الأمن لم تقع نُصرتها وقيل لها في المركز «ما عندنا ما نعملولك»! وأكد أيمن الرزقي أن الحكومة تريد تركيع الإعلام بكل الوسائل وهي متآمرة مع السلفيين لضرب حرية الصحافة. وقال الرزقي: «حتى تصريحات الجبالي الأخيرة المهدّدة بالحزم كانت في الحقيقة موجهة للمحتجّين لا إلى السلفيين والدليل أن العنف السلفي تواصل في الدهماني بولاية الكاف بمحاولة تنصيب إمام سلفي بالقوة في جامع بالمدينة الى جانب أن السلفيين حاولوا أول أمس بالبلفيدير منع الاختلاط بالقوة». وأكد أيمن الرزقي أن الاعلاميين سيدخلون في إضراب شامل إذا تواصل صمت الحكومة وتآمرها مع السلفيين. بدورها أكدت آمنة منيف أن الوضع الحالي قاتم ملاحظة أن العنف مستشر في كامل البلاد وأن الأوضاع الاقتصادية متدهورة في حين تتنصل الحكومة من مسؤوليتها في معالجة الأمور. وتساءلت آمنة منيف: «هل هناك حكومة في العالم تنتظر ثلاثة أيام بعد موجة غير مسبوقة من العنف وانفلات الأمن لتوجه خطاب طمأنة لشعبها؟؟» مضيفة : «أين هذه الحكومة التي تقول أنها حازمة مع العنف السلفي الذي طال الشمال والجنوب؟». وقالت آمنة منيف إن الحكومة والمجلس التأسيسي لديهما انفصام في الشخصية ملاحظة أن الحكومة تتحدث عن انجازات في ظل وضع أمني واقتصادي متدهور وإضرابات بالجملة، وأن المجلس التأسيسي يتحدث عن الفلاحة في اليوم الذي أعلن فيه وزير العدل قراره بتطهير القضاء! وأضافت آمنة منيف أن انفصامية الحكومة والمجلس التأسيسي أعطت قراءة انفصامية للأحداث الجارية في تونس وتساءلت: «هل هناك عضو وطني في المجلس التأسيسي يسائل الحكومة عن أدائها؟؟». وفي تصريح خصت به «التونسية» قالت آمنة منيف: «ان مقولة «الفسحة انتهت» قيلت عديد المرات والشعب يريد الفعل وتطبيق القانون على كل الأطراف لا التعامل بسياسة المكيالين ولا للتآمر على أمن التونسيين وحرياتهم لأنه ثمة مخاطر واضحة على الحريات ولابد من الوعي بها حتى نجنب تونس الانزلاق إلى الهاوية وحتى لا تدفع الأجيال القادمة فاتورة غالية لأخطاء لم يقترفوها.. وعلى الجميع أن يكون في مستوى المسؤولية». وعن الحلول للخروج من المأزق أكدت آمنة منيف ل «التونسية» أن الحلّ موجود في تونس وأن هناك عديد المقترحات من جمعيات وحقوقيين ومكونات المجتمع المدني وخبراء اقتصاديين وسياسيين ولابد من فتح حوار وطني مع كل الأطياف». هذا ولم تنته الندوة في وقتها المحدد بعد أن طلب الجميع الخروج للشارع والتظاهر للتنديد بقرار وزارة الداخلية وتحديها بإقامة المسيرة وهو ما تم إذ خرج الجميع الى شارع الحبيب بورقيبة تتقدمهم ميّة الجريبي وعبد الناصر العويني في ظل انتشار أمني مكثف لأعوان الأمن الذين أكدوا أنهم سيفكون المسيرة بالقوة إن لم يغادر المحتجون. وقالت ميّة الجريبي ل «التونسية» أنها ستدعو الى تفريق المسيرة ولابد أن يتحمل أعضاء المجلس التأسيسي والديمقراطيون مسؤوليتهم وأكدت أنها ستدعو الى تنظيم مسيرة أخرى في الأيام القادمة مضيفة أن التظاهر لا يخرق القانون بل إن وزارة الداخلية هي التي تخرقه. هوامش شعارات رفعت في الندوة: «كفى ترهيبا...» «كفى صمتا..» «كفى تركيعا للاعلام» «كفى تسييسا للمساجد» «كفى هيمنة على القضاء» «كفى تهميشا للجهات» «كفى ضربا لوحدة التعليم». مناوشة بين أحد الحاضرين وصحفية قناة «الحوار» حول رفضه التقاطه في صورة للقناة. أحد المتظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة سأل ميّة الجريبي عن مرتبات أعضاء المجلس التأسيسي وطالبها بالتبرع بمليون لفائدة الشعب.