انعقد عشية أمس الأول المجلس الوطني لجميعة القضاة التونسيين بنادي القضاة بسكرة بدعوة من المكتب التنفيذي للجمعية وذلك للتباحث حول مسألة إرساء مجلس أعلى للقضاء يكون منتخبا ومستقلا وهو يعتبر من أهم شواغل القضاة خلال هذه الفترة. وقد حذر أعضاء المجلس الوطني من بعض الخطابات السياسية التي تروج لمسألة إرساء هيئة مختلطة (تتكون من قضاة وشخصيات وطنية وسياسية) معتبرين أن ذلك من شأنه أن يزج بالقضاء في التجاذبات السياسية مؤكدين أن ذلك يعتبر التفافا على استحقاقات الثورة والتنكر للإلتزامات الانتخابية. وقد دعا بعض القضاة إلى إضراب مفتوح إذا لم يتم التعامل بجدية مع مسألة إصلاح المنظومة القضائية ومنها إحداث هيئة مؤقتة مستقلة ومنتخبة ومتكونة من قضاة لا غير تضبطها قوانين تحمي القاضي والمتقاضي من التدخلات في سير القضايا. وأكد بعض القضاة خلال المجلس الوطني أن هناك حملة منظمة وممنهجة لتشويه القضاء وإضعافه وتدجينه مؤكدين أن ذلك يمثل خطرا على المتقاضي أولا وعلى صورة القضاء التونسي بالخارج ثانيا. وأفاد قاض آخر من جهته أن القضاة لن يسمحوا باستغلال القضاء من قبل السلطة السياسية من جديد وأنهم سيتصدون إلى كل محاولات ضرب السلطة القضائية. وتحدث بعض القضاة عن صعوبة ظروف العمل إذ هناك من القضاة من تعرض للاعتداء بالعنف اللفظي والمادي من قبل بعض المتقاضين إلى جانب كثرة الخطابات السياسية التي تحمل القضاء ما عاشته البلاد من فساد وتجاوزات خلال الفترة السابقة مؤكدين أنه حان الوقت لإدخال إصلاحات جوهرية على المنظومة القضائية لحمايتها مستقبلا وحتى لا تكون أداة بيد السياسييين. وبعد التباحث تقرر تفعيل آلية الإضراب التي تم إقرارها بالجلسة العامة المنعقدة بتاريخ 27 ماي الماضي وتنفيذ إضراب عام حضوري عن العمل مدته ثلاثة أيام بداية من يوم الأربعاء 13 جوان إلى يوم الجمعة 15 جوان الجاري عدا المسائل شديدة التأكد وذلك احتجاجا على التأخير غير المبرر في سن قانون الهيئة الوقتية التي ستشرف على القضاء العدلي وتواصل عمل القضاة في غياب أدنى ضمانات الاستقلالية ودفاعا عن المطلب الشعبي في إرساء قضاء مستقل. وأكد المجلس الوطني عزمه على مواصلة كافة أشكال النضال المتاحة للدفاع عن مطالب القضاة المشروعة في إرساء سلطة قضائية طبقا للمعايير الدولية بوصفه أحد أهم استحقاقات الثورة. وجاء في لائحة المجلس الوطني أنه يدعو كافة القضاة إلى الاستجابة لقرار الإضراب والتحصن بوحدتهم لما تقتضيه متطلبات المرحلة إضافة إلى التمسك بموقفهم المبدئي الرافض لاعتماد آلية الإعفاء كمدخل لتطهير القضاء لغياب الضمانات التي تكفل المواجهة وتضمن كشف الحقيقة ومحاسبة كل من يثبت تورطه في إطار عادل وشفاف وضامن لحقوق الدفاع. وذكرت لائحة المجلس الوطني أنه يطالب وزارة العدل بالإسراع في إحداث اللجنة التي أعلن عنها لتتولى فتح ملفات القضاة المشمولين بالإعفاءات والذين تظلموا من ذلك القرار لتمكينهم من حقوق الدفاع بحضور ممثلين عن جمعية القضاة التونسيين. كما جاء في اللائحة أن القضاة يسجلون تواصل تأخر المجلس الوطني التأسيسي في سن القانون المتعلق بالهيئة المؤقتة التي ستشرف على القضاء العدلي ويحملون السلطة السياسية مسؤولية تردي سير مرفق العدالة وتأزم وضعية القضاء والقضاة في ظل فراغ مؤسساتي وغياب ضمانات استقلال القضاء بما أدى إلى التمادي في تكريس وصاية وهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية. وحذر المجلس الوطني من مزيد التأخير في سن القانون المتعلق بالهيئة مؤكدا أن سن قانون نابع من توافق السلطة السياسية وعموم القضاة يوفر قدرا كبيرا من التوازن بين السلط ويؤمن مناخا ملائما لحسن اضطلاع الهيئة بمهامها طالبا من المجلس الوطني التأسيسي تحمل مسؤوليته كاملة في ذلك. كما تقرر عقد ندوة صحفية بعد غد لإنارة الرأي العام حول دوافع الإضراب بقصر العدالة بتونس. وبإتصالنا بنقابة القضاة التونسيين لمعرفة رأيهم في الإضراب أكدت أنه سيتم عقد اجتماع اليوم للتباحث في المسألة إلى جانب عدة مواضيع أخرى على غرار اللجنة التي ستنظر في ملفات القضاة المعفيين.