يكتبها: جمال الكرماوي سال حبر كثير.. وسال لعاب كثير.. في الأسبوع الفائت.. أيام عصيبة مرت علينا مرور قطار بلا فرامل.. «صدمة الباك».. و«صدمة العبدلية» التي توجت بالعنف والحرق والتخريب.. والآن وقد انقشع الدخان نكتشف أن الإشاعة والدس الخبيث وخاصة عن طريق «الفايس بوك» هي التي أشعلت النار افتراضيا ثم على أرض الواقع.. بلادنا منذ قرطاج كانت حاضنة للإشاعة ويقال إنها الرياضة المفضلة عندنا.. وفي هذا أقول إن المسؤول بالذات من واجبه أن يتحرى ويتثبت لا أن يرد الفعل مباشرة.. فيغذي الوضع بمزيد الاحتقان.. ويصب الزيت على النار.. ويصعب بعدها احتواء المشكلة لأنها أصبحت بين أيدي السذج وأصحاب المصالح.. وباسمها يرتكبون التجاوزات ويربكون الوضع وينشرون الفتنة.. «الفايس بوك» يا جماعة ليس وثيقة رسمية.. «الفايس بوك» جدار لكل عابر سبيل يضع فيه ما يريد سواء كان حلما أو هستيريا أو سب وشتم.. إنه متنفس من ضاق صدره.. إنه قناة تستغلها الدول لأغراض حربية دون دم ويستغلها المواطن ليفش غيظه.. وتستغلها الشركات لتوجيه السابحين إلى سلعها.. «الفايس بوك» يصنع لك أصدقاء لن تراهم.. وهو أسرع قناة في بث ثقافة الهدم.. والدليل أنه كلما برز شخص ناجح إلا ومزق إربا افتراضيا.. ولهذا سماه أحدهم «زبالة الديمقراطية».. «الفايس بوك» برج عاجي ينسى فيه السابح حتى أهله المحيطين به لأنه مشغول بعلاقات مع أسماء أكثرها مستعارة ولن يراها ذات يوم.. وعلى المسؤولين أن يدركوا هذا لأنني لاحظت كثرة حديثهم عن «الفايس بوك» في اللقاءات الصحفية وهذا ما زاد في غضبهم من الوسائل الإعلامية لأن هناك خلط بين «الفايس بوك» والإعلام المحترف.. وحده «الفايس بوك» يولي ويعزل.. ويصنع الحكومات ويدعي كشف المؤامرات.. وفيه «عاجل جدا» و«خطير جدا».. و«فبركة جدا» لصور أو أخبار أو فيديوات.. والمشكلة هو أن هواة «الفايس بوك» تحولوا إلى مدمنين.. نيكوتين الأخبار السيئة له نواقيسه.. ونواميسه مسافة الليل.. وفي الصباح يستفيق المواطن الصالح بعسر شديد ليواجه الحياة.. بشدائدها.. ويضع علامة «جام» و«يبرطاجي» هموم الناس..