إثر البيان الذي وجهته الأستاذة عبير موسى للرأي العام حول الزوبعة التي أثيرت مؤخرا إثر مشاركتها في برنامج «المشهد السياسي» بالوطنية 1 وما تبعها من انسحاب ممثل «النهضة» وإقالة لمدير القناة، وافانا المحامي مختار الحجلاوي بالرد التالي: طالعت كعادتي جريدتي المفضلة « التونسية» فلفت انتباهي بالعدد 191 ليوم الإربعاء 04-07-2012 مقال بعنوان: «عبير موسى تضع النقاط على الحروف» قرأت الصفحة فلم أتمالك نفسي عن خطّ هذه الأسطر سعياً لردّ الافتراءات الجمّة التي سِيقتْ بأسلوب ثعلبي خطير يجب أن يُفضحَ . وقد ارتأيت في ردّي أن أبوّبَهُ على نسق موضوع الرد عنصرا عنصرا ، وأن أبدأ بقوله تعالى : « قل أعوذ بربّ الفلق –1- من شرّ ما خلق-2- ومن شرّ غاسق إذا وقب-3- ومن شرّ النفّاثات في العقد-4- ومن شرّ حاسد إذا حسد-5» . وأقول : 1 التزمي ذيل الصفّ : ليتكِ كنتِ في ما مضى من زمن لكِ فيه صولات وجولات وجوقات « اللهُ أحد» تفكّرين حتّى في الاستنكار لأبسط عمل من أعمال هتك الأعراض والحرمات وحقوق الإنسان ( وما كان أكثرها ) أو لتدبيرٍ أو لإجراءٍ من تدابير وإجراءات الفساد الممنهج الذي فلح الكلّ في نسج خيوط منظومته من رئيس الدولة عفواً رئيس العصابة إلى أبسط فرد في العائلة وأقذر شخص في الأصحاب أو المعارف ، أو حتّى لقول زورٍ تردّد في مدن البلاد وقراها وأريافها وشوارعها وأنهجها ومبانيها وفضاءاتها ومؤسّساتها ، فأضحى النفاق سياسة ، والكذب والتملق من مفاتيح قضاء الحوائج ، و«تدبير الرأس» والكتف وبعض أجزاء البدن الأخرى وسائل الوصول للغايات والمآرب . إبقي في آخر الصفّ ، صف المنادين بعدم تركيع الإعلام وعدم تدجينه ورفض الزجّ به في خضمّ التجاذبات السياسية أو استعماله لتنفيذ أجندات ومخطّطات أطراف معينة دون غيرها . ولتستحي أمام نفسكِ قبل استحيائكِ أمام التاريخ ، ولا أذكر الشعب لأنّه يدرك معنى الحياء حقيقة ويعلم نقيضه ، فمنكِ وغيركِ قد خبره ، ودعي عنكِ التفقهَ في المواثيق والعهود الدوليّة والقوانين الوطنيّة وفصولها ، فما أبعد ذلك عمن كان شريكا في تفصيل القوانين بدءاً بالدستور حتىّ المنشور على مقاييس هوى « المعلّم» ورغبات « العائلة»ومصلحة سي فلان وللاّ فلانة ، وشاهد زور على خرقها رغم كونها كالخرقة بل أبلى . 2 آخر الطبّ ، عقار التأسيسي : لا تستغربي ، فحقيقةً ، أنتِ أذكّركِ إن لم تكوني تعرفي نفسكِ تاريخ ثار عليه الشعب لمّا أراد الحياة . أنتِ من ضمن الرعيل الأسبق في قيادة حزب التفنّن في الفساد والإفساد الذي طال كلّ شيء ، حتّى علاقة الزوج بزوجته . أقول قولي هذا وأكتفي لأنّي لا أتحدّث عن زمن غابر بل قريب وجراحه بعدُ لم تندمل ، وعذاباته ومآسيه لا تزل عالقة بأذهان من قاساها . نعم ليس لكِ الحق أن تدخلي مقر التلفزة الوطنيّة لو كانت بالفعل كذلك ، ومنزوع عنكِ الحقّ أن تطلّي من شاشتها أوأن تأخذي مقعدا في منابرها ، لأنّ الشعب أصدر حكمه الذي لا معقب عليه. ألم تسمعي صيحات « التجمع على بره» و« RCD Dégage» ؟ أولم تقرئيها مرسومة على جدران حيّكِ الذي تقطنين ؟؟ وإن لم تدركي المعنى أُفهمكيهِ أن يا عبير التجمّع ابتعدي أنتِ وأخواتك وإخوتكِ عن مسار سيرنا نحن أبناء الشعب أحباب الله والأرض والسماء ، وارفعوا أيديكم عن مكاسب هذا الشعب ومؤسساته ، ودعوه يقرر ويختار ويرسم مستقبله وبسواعد أبنائه يبني حضارته . ألم يكفكم ما فعلتم ؟ الآن فقط أدركت أن الشعوب في ثوراتها إن تسامحت مع جلاديها عليها أن تدفع الضريبة ، ولأن للتسامح عند الله درجة ، هو في واقع الفعل الثوري خطأ ، ولكنه قابل للتدارك ، وآثاره السلبية ممكن إزالتها بعلاج وحيد ينتجه المجلس الوطني التأسيسي من خلال عقار إعفاء مسؤولي النظام السابق من المشاركة في إدارة الشأن العام أمد النسيان . 3 ألا تندمين ؟ كما كان وصفكِ بالناشطة الحقوقية، أُجزم أنّكِ لم تتطلعي على الإعلان الذي تبنّته المنظمة الأممية في 08-03-1999 إلاّ بعد فرار رئيسكِ ، وإن قلتِ غير ذلك قلنا منافقة . لُعنتْ حقوق تدافعين عنها ، وبئس النشاط إن كنتِ له ممارِسةً ، أصِرْتِ تفضّلين هذه الصفة المستحدثة على صفتكِ « أمين عام مساعد»؟ ذاك تاريخكِ يلاحقكِ أينما توجّهتِ ، لا تستطيعين نكرانه ، ألم تندمي ؟ ، أفلا تعتذرين ما دام في الأفق بصيص أمل في العفو يبقص ؟ عن أي ملايين من الناس تتحدثين ؟ ؟ أفي تونس أم في مكان آخر . أراها أضغاث أحلام ، نهايتها مشاهدة مفزعة قد تكون بالفعل تصوّر الحقيقة وتعكس أحداث المستقبل عليكِ . أقصرتْ ذاكرتكِ لهذه الدرجة فذهبتْ عن أذنيكِ أصداء صيحات «ديقاج» ؟ أم بهتَ بصركِ فصرتِ بباب العجز عن رؤية الحلة الجميلة التي تتوشح بها تونس العزيزة الغالية أمّ العروبة والإسلام . 4 بلا عنوان : لم أشأ التعقيب على مضمون هذا العنصر لأن الحديث فيه يخص معد البرنامج التلفزي والصحفي المنجي الحضراوي وغيرهم وهم أولى بالرد إن رغبوا ، وأدرى لا شك . 5 الضحك ... الضحك ...والذكريات : تطلبين مناظرة وتقولين « لتبرز عدة حقائق ويُكشَف المستور وتصحح المعطيات ويستنير الرأي العام» ، وأجيب : أفيقي ... لم تعد للمناظرة حاجة : أولًا لأنّ حكم الشعب يقضي في ما يقضي بأنه ممنوع عليكِ ومَنْ مِنْ جنسكِ أن يتناظر مع أحد أو يفتي في أمر أو يمارس شأنا عاماً .. تكفيكم « مناظرتكم العتيدة» ، ومبروكة عليكم فتاويكم ، جُرِّبتم فلم تصحّوا ، وثانياً لأنّ الحقائق جلية بارزة وما كان مستورا من أقوالكم وأفعالكم صار الآن مكشوفاً ، وبذلك الرأي العام استنار ، وليس منكم يطلب المزيد ، فيكفي مزايدة واستهتارا برشد الشعب فقد أراد . أمران في ختام هذا العنصر من المقال المردود عليه أضحكاني حتى القهقهة : أولهما: الأمين العام المساعد ل «التجمع» المحل يتحوّل إلى « مناضل صادق لا ينثني عن مواصة نضاله من أجل قضيته ومبادئه» . والله لوكان النضال كائناً عاقلاً لصاح وزمجر ألا إنّها كاذبة وإنّي منها براء . ثانيهما : أن تختم للاّ عبير خطوطها بآية من الذكر الحكيم ذكّرتني بما كان يختم به الفار خطاباته .... أتذكرون حينما كان يقرأ بلسانه الركيك «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» وفعلا صدق الله وكتب الله لنا أن نرى أعماله وسنرى إن شاء الله أعمال للاّ عبير وإخوتها وأخواتها .