يرى قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري أن الحديث عن نظام رئاسي أو نظام برلماني هو في الواقع مقاربة مغلوطة ولن تؤدي إلى حل قانوني دستوري يقطع مع الأسباب التي أدّت إلى الاستبداد لأن المشكل ليس في طبيعة النظام بل المشكل الحقيقي في تحقيق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وهذا التوازن سواء كان سلبيا كما هو الشأن في النظام الرئاسي او إيجابيا كما هو الحال في النظام البرلماني لا يتحقق بمجرد الفصل بين السلط ولا يتحقق أيضا بمجرد التنصيص على جملة من وسائل العمل بين السلطتين بل إن الشرط الأول الذي بدونه لن يتحقق أي توازن هو «التعددية السياسية» فإذا توفرت كل شروطها في نص الدستور وفي القانون المتعلق بالأحزاب والقانون الانتخابي على وجه الخصوص فإن أي توازن يصبح توازنا شكليا. وقال: «بالنظر إلى دستور 1 جوان 1959، فلو أن هذا الدستور طبقّ في فرنسا أو بريطانيا أو إحدى الدول الاسكندنافية فهل كان سيؤدي لنفس الدكتاتورية ؟ ولو طبقنا أي دستور في تونس في ظل هيمنة حزب واحد أكان سيؤدي لنفس الدكتاتورية؟ المشكل مرة أخرى هو غياب التعددية السياسية، فدائما نتحدث عن نظام برلماني أو رئاسي لكن لا بد أن ننظر في العقبات التي أدت إلى ذلك». وأضاف: «اليوم في تونس يتحدث البعض عن تصنيفات ويصنف الأنظمة وهي عملية فقهية وليست قانونية فالفقهاء هم الذين يلهثون وراء التصنيفات بناء على مقاييس يختارونها والمهم للمجلس التأسيسي ان ينظر إلى المسألة من ناحية التوازنات وليس من ناحية فقهية. فالنظام الذي يتلاءم مع الوضع يقوم على التوزان بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والتوازن ايضا داخل السلطة التنفيذية ذاتها. فإن كان رئيس الجمهورية منتخبا من قبل الشعب ويتمتع ترتيبا بمشروعية شعبية فيجب ان تسند له جملة من الاختصاصات السيادية ولكن يمكن ايضا ان يمارس بعض الاختصاصات الأخرى كالتوجه إلى المجلس التشريعي برسائل أو خطب أو مبادرة بتنظيم استفتاء حول عدد من المشاريع الهامة أو ترأس بعض المجالس كمجلس الوزراء كلما رأى ذلك على أن تتولى الحكومة المنبثقة عن الأغلبية داخل الهيئة التشريعية تصريف الشؤون اليومية وتكون مسؤولة أمام البرلمان الذي يمكن ان يسحب الثقة منها ويجبرها على تقديم الاستقالة فالتوازن بين السلط هو الأنسب وهو ما قد يصفه البعض بالنظام الرئاسي المعدلّ».