عرفت أزمة المياه تفاقما شديدا خلال هذه الأيام وتعتبر بعض المدن والقرى والأرياف بولايات الوسط والجنوب من أشد المناطق تعرضا للعطش في الآونة الأخيرة، حيث انقطعت المياه عنها منذ ما يزيد عن شهرين حسب ما اكده اهالي عدد من الارياف والقرى في ولايات سيدي بوزيد وقفصة وقابس وهو ما دفعهم الى الخروج في مظاهرات مطالبة بإرجاع المياه احتجاجا على أزمة العطش التي يتخبطون فيها منذ مدة. فقد كشف بعض المحتجين أن المياه لا تزور حنفياتهم إلا مرة في أكثر من أسبوع وهذا ما جعلهم ينطلقون في رحلة بحث عن قطرة ماء وبكل الوسائل، من أجل بلّ عروقهم الجافة في هذا الفصل الحار، من خلال التوجه إلى الينابيع الطبيعية إلى جانب اقتناء صهاريج المياه بأسعار باهظة لتغطية العجز الحاصل تزامنا مع موجة الحر الشديدة مؤكدين أنهم قدموا شكاوى من أجل تخليصهم من أزمة العطش وأنهم لا يزالون يعانون من جفاف حنفياتهم. ويبدو أن مشكلة العطش ستطول إذ لا يوجد أي مؤشر على اتخاذ السلطات لتدابير تخفف من وطأة المشكل وهو ما اكده ظافر المسعدي عضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري بولاية قابس خلال اللقاء الدوري للحزب الذي عقده أمس بمقر جريدة «الموقف» بالعاصمة تحت إشراف الأمينة العامة للحزب «مية الجريبي» والامين العام التنفيذي «ياسين ابراهيم». «رجّعولنا الماء» أكد المسعدي انه زار بعض المناطق في الولايات المذكورة وروى للصحافيين شهادته عن الأحداث التي عاشتها حيث عمد الاهالي الى الخروج الى الشوارع والتظاهر مرددين شعار « رجّعولنا الماء» وأبرز المسعدي أنه شعار يختزل حجم معاناة المواطنين بتلك المناطق بعد انقضاء سنة ونصف السنة على اندلاع الثورة . ومن بين المناطق التي زارها المسعدي أرياف تابعة لولايات قابسوسيدي بوزيد وقفصة أين اصطدم بمشاهد وصفها بالمرعبة عندما اكتشف ان الاهالي يعيشون بلا ماء منذ ما يقارب الشهرين وهو الامر الذي جعلهم يلجؤون الى استخدام مياه المواجل التي تفتقد الى كل المواصفات الصحية. الجيش يتدخل وأشاد المسعدي بالدور الذي لعبه الجيش الوطني لمقاومة ازمة العطش التي اجتاحت هذه المناطق حيث وزع صهاريج المياه على الاهالي لكن هذه الطريقة لم تحل المشكل ولم تف بالغرض واعتبرها المسعدي حلولا وقتية ومسكنات ليس إلا. وأبرز المسعدي على لسان الأهالي ان الاحتجاجات التي نفذوها لم تأت بالجديد وقال إنها صيحة في واد فسيح. غضب وغليان في انتظار الأسوإ وأبرز المسعدي ان المناطق التي زارها لا تقل بؤسا عن سابقاتها مشيرا الى وجود حالة احتقان وغليان وغضب داخل الأوساط الشعبية احتجاجا على لامبالاة الحكومة، وحذّر المسعدي من تفاقم الأوضاع داخل المناطق المذكورة وبلوغها مرحلة لا يمكن السيطرة عليها . «إذا كان الجوع كافرا فإن العطش أبو الكفر» وأكد المسعدي انه يحمل رسالة من الأهالي إلى الحكومة والسلطات المعنية اختزلها في مقولة لاحد الشباب الذين التقاهم: «اذا كان الجوع كافرا فإن العطش أبو الكفر» وبيّن المسعدي ان المياه مقطوعة منذ شهرين لكن مع بلوغ موجة الحر ذروتها انفجر الأهالي وطالبوا بإيجاد حل جذري لأزمة العطش التي تسببت في موت قطعان الماشية. وأبرز المسعدي أن توفّر المياه أصبح شغلهم الشاغل ومطلبهم الاوحد لتتحول حياتهم إلى معركة بقاء أو موت حيث استغنوا عن المطالب الأخرى المتعقلة أساسا بالتشغيل والتنمية... وقد حمل الأهالي الحكومة مسؤولية ما حدث لهم وكل الخسائر المادية التي تكبدوها . ووصف المسعدي ما يجري بوصمة عار على جبين الثورة والحكومة , وأبرز أن الحزب الجمهوري كانت له تدخلات عديدة لمكافحة ازمة العطش في هذه المناطق لانقاذ الاهالي وخاصة الرضع والاطفال من العطش . «أين وزير الفلاحة؟» و من جانبها تساءلت مية الجريبي عن غياب موضوع العطش عن اجتماعات الحكومة وتمنت أن يخرج وزير الفلاحة عن صمته ويناقش أزمة العطش مثلما كان الشأن مع بعض القضايا الاخرى للوقوف على الأسباب وتقديم الحلول المناسبة, واعتبرت الجريبي ان موضوع المياه هيكلي وتقني ودعت الحكومة الى اخذ التدابير اللازمة لحل هذه المعظلة. محاصصة حزبية وفي سياق آخر أبرزت الجريبي ان التلاسن الذي جد مؤخرا بين بعض الاعضاء من حزب حركة «النهضة» وآخرين من حزب «المؤتمر من اجل الجمهورية» خير دليل على أن الذي جمع الائتلاف الحاكم هو حسابات ضيقة ومحاصصة حزبية وقالت إنه آن الأوان لكي يقتنع الشعب بهذا الامر , وشددت على ضرورة التحلي بالروح الوطنية وخدمة الوطن والمواطن بعيدا عن الحسابات الضيقة .