في ظل غياب إجراءات عملية تعكس إرادة سياسية حقيقية في تأسيس إعلام حر، مستقل وملتزم بالمعايير المهنية والأخلاقية المعمول بها في أكثر دول العالم ديمقراطية وتقدما،وعلى اثر التعيينات والتسميات الأخيرة التي حصلت خلال أولى أيام الشهر الجاري على رأس الإذاعات الجهويّة والمركزية دونما أية استشارة أو تشاور مع الجهات والهياكل المهنية والنقابية المعنية، ومع رفض الحكومة اعتماد المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والذي ينصّ في بنده التاسع على أن تتكفل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بمسؤولية «إبداء الرأي المطابق في ما يتعلّق بتسمية الرؤساء المديرين العامين للمؤسسات العمومية للاتصال السمعي والبصري»،نظمت أمس شبكة تونس للحقوق والحريات والكرامة ندوة فكرية حول الإعلام والانتقال الديمقراطي وللتباحث حول ما يعانيه قطاع الإعلام من ضغوطات ومحاولات تركيع حكومي،ومحاولة الخروج بتصورات وحلول كفيلة بإرساء إعلام هادف وفاعل بعيد عن كل محاولات التوجيه والضغط والتركيع. أثث هذه الندوة الفكرية عدد من الأساتذة الجامعيين والصحفيين والإعلاميين بالقطاعين العمومي والخاص (عبد القادر الجديدي أستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار، سعيد الخزامي مدير الأخبار بالتلفزة الوطنية)وممثلون عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجمعية الصحفيين الشبان والنقابة العامة للثقافة والإعلام التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل(نبيل جمور)... وحمل سعيد الخزامي مدير الأخبار بالتّلفزة الوطنية، الحكومة مسؤوليتها في «تعقيد العملية الإعلامية والتسبب في متاعب يومية للصحفيين،مما ينجر عنه التقليص من حجم التغطية وخاصة منها على المستوى الجهوي»-حسب قوله-، مشددا على أن الإعلام وخاصة منه العمومي هوإعلام يهدف بدرجة أولى لخدمة المواطن وليس موجها لخدمة الحكومة مما يفرض استقلاليته عن السلطة التي استغلته وركعته لسنين طوال. وبين الخزامي أن السبب في عدم الرضاء الحكومي على أداء التلفزة التونسية يعود الى رفض ادارتها وصحفييها تمرير الدعاية الانتخابية المسبقة لبعض الوزراء والمسؤولين الحكوميين. الحكومة سبب الخصومة غير المعلنة بين الوطنيتين1 و2 كما أشار الخزامي الى ان الحكومة مسؤولة عن «خلق نوع من الخصومة غير المعلنة بين الوطنية 1 والوطنية 2»-حسب قوله-، باعتبار ان الوطنية 2 باتت برأيه تعمل بمعزل عن الادارة العامة للتلفزة، ليضيف «نبيل جمور» رئيس النقابة العامة للثقافة والاعلام قائلا: «ان الرئيس المدير العام للتلفزة غير مسؤول حيث انه لم يحقق حتى في الاعتصام الاخير امام مقر التلفزة». بدوره اكد الاستاذ الجامعي بمعهد الصحافة «عبد القادر الجديدي» ان التجربة الديمقراطية لا يمكن ان تنجح من خلال الهجوم على مؤسسات الاعلام العمومي، مطالبا منتقدي دور الاعلامي وطريقة عمله بالعمل على إصلاح الشأن السياسي اولا. من جانبه حمل رئيس جمعية الصحفيين الشبان «عبد الرؤوف بالي»، النقابة الوطنية للصحفيين الشبان والنقابة العامة للثقافة والاعلام وجمعية الصحفيين الشبان مسؤولية ما يمر به القطاع الاعلامي،مضيفا «ان افتكاك قطاع الاعلام ومحاولة السيطرة عليه يعتبر امرا عاديا باعتباره غريزة كل سلطة في حين ان العيب يعود الى النقابات الثلاث التي من دورها ان تدافع على القطاع في حين انها لم تحرك ساكنا ولم تلتق يوما لحل هذا المشكل».