طيلة الأسابيع الأخيرة عرفت مناطق كثيرة كمّا من التحركات والاحتجاجات الجماهيرية على اثر تعطل دفع رواتب عمال الحضائر لمدة شهرين أو أكثر. المشاركون في الاحتجاجات هم بالأساس من شباب الثورة الذين تمكنوا من الظفر بمورد رزق ضامن للحد الأدنى من العيش الكريم ولو ظرفيا منذ انطلاق الثورة. حسب اعتقادنا الحكومة الحالية تتجه تدريجيا نحو الغاء العمل بمنظومة الحضائر لسببين أساسين: أولا، نظرية المؤامرة والتي فيها حسب رأيها تقول الحكومة أن مثل هذه البرامج قد أعدت من طرف الوزير السابق السيد أحمد نجيب الشابي كفخ «لإرباك عمل الحكومة» و«وضع العصا في العجلة» كما يقال لنا دائما وهذا لا يظهر سببا معقولا على اعتبار أنه لم يكن من السهل اطفاء غضب الشباب الثائر في الفترة التي تلت الثورة مباشرة دون اللجوء الى اقرار آليات مثل الحضيرة كحد أدنى يمكن القبول به من طرف هؤلاء. أما السبب الثاني، فيتلخص في كون الحضيرة هي مشروع اهدار للمال العام دون مردود يذكر وهذه للأمانة مسألة فيها نظر. فقد دعونا منذ مدة طويلة عبر جريدة «صوت الشعب» وغيرها من المنابر الاعلامية الى ضرورة النظر بجدية في مسألة الحضائر بحيث «لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي» فمن غير المعقول أن نستكثر أجرا زهيدا على من لا يجد قوت يومه أو على صناع الثورة من شباب عرض حياته لخطر الموت مقابل إسقاط الظلم والدكتاتورية. في المقابل نحن ندعو بقوة كما دعونا سابقا الى توظيف الحضائر وذلك لا يكون الا بتوجيه طاقات العاملين بها وأعدادهم بالآلاف في ولاية القصرين على سبيل المثال نحو تنفيذ مشاريع كثيرة معطلة على غرار اصلاح وترميم الطرقات المهترئة وتعبيدها كمدخل لاصلاح البنية التحتية المتهالكة بصفة عامة ولدينا في هذا الصدد الكثير ما يمكن فعله... لقد لاحظنا أن نصيب الولايات الداخلية من التنمية بعد الثورة لم يتجاوز الحضائر وآليات التشغيل الهشة مقابل مواصلة نفس السياسة الحكومية في توجيه المشاريع المعتبرة نحو ما يسمى بالمدن الكبرى في خطوات لا تقطع مع المركزية المقيتة وتدفع في اتجاه ترسيخ التفاوت الجهوي والذي كان من أسباب تفجر الثورة. ختاما لدينا سوال نطرحه في أكثر من اتجاه: هل هناك ما هو أعظم من الشهداء نقدمه قربانا لكم حتى تنصفوننا؟