أثار فشل المجلس التأسيسى في المصادقة على مشروع قانون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي وإعادته إلى لجنة التشريع العام للنظر فيه من جديد جدلا كبيرا في الأوساط القضائية حول مصير الحركة القضائية في ظل فراغ مؤسساتي وفي غياب المجلس الأعلى للقضاء أو أيّ هيكل بديل معنيّ بمطالب نقل القضاة وترقيتهم وإسناد المسؤوليات أو هيكل شرعي يعوّضه. الجدل الدائر صلب الأوساط القضائية لا يخفي توجسّ القضاة من تواصل وضع السلطة التنفيذية يدها على السلك خاصة أن العطلة القضائية تشارف على النهاية وكان من المفروض أن تنجز الحركة نهاية شهر جويلية أو بداية أوت على غرار ما جرت به العادة وهو ما يعتبر شبه مستحيل في ظلّ تأخّر قانون الهيئة الوقتية. ويرجح فشل المصادقة على مشروع الهيئة المستقلة للقضاء إمكانية إشراف لجنة خاصة لإعداد الحركة القضائية على الملف خاصة أن لجنة التشريع العام تلقت منذ 8 أوت الماضي مشروع قانون أساسي لإحداث هذه اللجنة التي رفضتها جمعية القضاة وتقبلتها النقابة. وقالت كلثوم كنّو رئيسة جمعية القضاة التونسيين في هذا الصدد أنه كان من المفروض أن تسهر الهيئة الوقتية للقضاء على إعداد الحركة غير أن تأخر المصادقة على قانونها فوّت عليها هذه الفرصة ، وقد انتقدت رئيسة الجمعية تأخر المجلس في إحالة هذا القانون (25 جوان) أي أيام قليلة قبل العطلة القضائية رغم إدراك أهمية ذلك من قبل جميع الأطراف مشيرة إلى أن هناك نية مسبقة في تأخير سن الهيئة لعلاقتها بالحركة القضائية. «كلثوم كنّو» التي تمسكّت بعدم قبول أية حركة تجرى خارج الهيئة الوقتية للقضاء أكدت أن القضاة مستعدون لمزيد من الصبر من أجل تكريس فعليّ لاستقلالية القضاء. واعتبرت مصادر الجمعية أن هذا التّأخير يعود بالضرر أساسا على القضاة خاصة أنّ النّقل والترقيات وغيرها تتطلب عديد الإجراءات والتحضيرات بما في ذلك السكن وغيره. كما استبعدت المصادر ذاتها أن تكون هذه السنة سنة بيضاء خاصة في ظلّ الشّغورات التي أحدثتها الإعفاءات الأخيرة وفي وجود خمسين قاضيا جديدا من المتخرجين ينتظرون التعيين ، هذا إلى جانب إمكانيّة حدوث شغورات أخرى بمقتضى التعاون الفنّي باعتبار أنّ دولا خليجيّة عديدة عبّرت عن رغبتها في انتداب عدد من القضاة التونسيين. الوزارة ملزمة بالمعايير المتفق عليها في السياق نفسه أكدّ السيد عصام الأحمر كاتب عام نقابة القضاة أن النقابة استبقت مشروع الهيئة المستقلة للقضاء وقامت بمفاوضات مع وزارة العدل أفضت إلى إمضاء محضر اتفاق تضمّن المعايير المعتمدة في النقل والترقيات وإسناد الخطط الوظيفية وأن الوزارة ملزمة بتطبيق محضر الاتفاق هذا . كما أشار كاتب عام النقابة إلى أن هذه الأخيرة غير مستعدة لسنة بيضاء أو تأخير الحركة وأنها تنتظر أن تقوم الوزارة بإطلاعها على نتائج أعمال اللجان التي تشتغل على الحركة لتقديم ملاحظاتها في انتظار إحداث الهيئة الوقتية ، خاصة أنه يتعذر الإنطلاق في سنة قضائية جديدة دون إجراء الحركة اعتبارا للنقص في عدد القضاة في عدد من المحاكم مقابل ارتفاع عددهم في محاكم أخرى . وأكد «الأحمر» أن الحركة التي تلقى وكيل الدولة العام ومدير المصالح العدلية مطالب المشاركين فيها ستكون الحل الوحيد لأحداث التوزان بين مختلف المحاكم . تفاصيل مشروع قانون اللجنة الخاصة ينص مشروع القانون الأساسي المتعلق بإحداث لجنة خاصة لإعداد الحركة القضائية لسنة 2012 على أن يكون مقرها بمحكمة التعقيب وأن توكل إليها مهمة تسمية الملحقين القضائيين وإسناد الخطط الوظيفية وإعداد حركة القضاة للسنة الجارية وسدّ الشغورات إلى حين إحداث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي التي تتكوّن من رئيس محكمة التعقيب كرئيس ووكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب كعضو ووكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية كعضو مقرر، كما سيكون بقية الأعضاء ممثلين في المتفقد العام ورئيس المحكمة العقارية وثلاثة قضاة من الرتبة الثانية. على أن يقع تعيين قضاة الرتبتين الأولى والثانية وأعضاء اللجنة من طرف الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب بعد التشاور مع الهياكل التي تمثل القضاة وذلك في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ. وتعقد اللجنة اجتماعاتها بدعوة من رئيسها ولا تصحّ مداولاتها إلا بحضور ثلثي أعضائها وتصدر قراراتها بأغلبية أعضائها الحاضرين ويمكن للقضاة الاعتراض على قراراتها في ظرف أربعة أيام من تاريخ تعليق محضر قائمة الحركة ببهو محكمة التعقيب ومقرات محاكم الاستئناف وتبت اللجنة في المطالب في ظرف أسبوع من تاريخ انتهاء أجل الاعتراض، كما تنتهي مهام هذه اللجنة الخاصة فور صدور القانون المنظم للهيئة الوقتية للقضاء العدلي ومباشرتها لمهامها كما يدخل هذا القانون حيز التنفيذ فور المصادقة عليه من طرف المجلس الوطني التأسيسي.