ينفذها: رأس الحربة إن البطل الحق هو الذي لا يفقد الصواب بمجرد إنجازه الانتصارات أو الفوز بالتتويجات، والذي يبقى ثابتا ومتشبثا بالأرض التي أعطته ما أعطته وبوأته بفضل خيراتها وكرم شعبها ومؤسساتها المكانة العليا في سلم القيم المحلية والعالمية. هذا التذكير الخاطف بمواصفات البطل فرضه ما لاحظناه خلال الأيام الأخيرة من إشارات ومؤشرات تنبئ بدخول البطل الأولمبي للسباحة أسامة الملولي رواق الغرور وينصّب نفسه- بتشجيع من حاشيته- امبراطورا لا يرى إلا هامته ولا يسمع إلا همساته وأهازيج الإطراء وزغاريد الإدعاء. أسامة.. بطل يعتز به كل التونسيين وكل العرب.. فقد حقق إنجازات ستظل راسخة في الأذهان وسجلات الزمان.. ولكن هل يعني ذلك أنه لم يعد بشرا مثلنا أي أصبح من طينة لا تقبل نقدا (غير النقد الآخر طبعا) وإن بالإشارة الخفيفة والملاحظة الطفيفة النظيفة؟!! يخطئ الملولي وغيره عندما يظنون أنهم فعلوا ما فعلوا وحققوا ما أنجزوا من باب «المزية» التي تستوجب الشكر والامتنان وتقبيل الأيدي وتعفير الجباه تعبيرا عن العرفان.. يخطئ أسامة عندما يتصور أنه ارتفع إلى مصاف «المقدس» الذي لا يجب أن «تدنسه» وسائل الإعلام بكل أصنافها وألوانها.. فالصحافة التي حملته إلى أعلى الدرجات تدرك في الآن أن لا أحد فوق هذا الشعب الذي دفع من مقدراته المالية والمعنوية الكثير، وأن المجموعة الوطنية تحملت القسط الأكبر من متطلبات الإعداد والتكوين والتدريس أيضا.. ليصبح الطفل بطلا.. وعندما اشتد ساعده كافأ أهل الإعلام بسهامه الطائشة. وقد تطورت تلك البوادر الأولية على تمرد مدلل المجموعة إلى حقيقة لمسناها في تعاطيه بتعال مع أصحاب المهنة- دون أن ننسى دور المحيطين به- وتأكدت في حفل التكريم الأخير حيث تطورت الأمور إلى حد التأزم الحقيقي.. وهنا لا بد أن نذكّر أسامة أو «الامبراطور» الجديد بأنه ما كان ليكون شيئا يذكر لولا تضحيات أبناء هذا البلد بمن فيهم الإعلاميون الذين صنعوك سباحا وبطلا.. وإنسانا.. ومثل هذا الكلام ينطبق على «المزغردين» في أذنه أمثال رئيس جامعة السباحة الذي قام بطرد الصحفيين إكراما لعيني أسامة الإمبراطور الماسك بصولجان الغرور.. هذا التصرف الأرعن يشكل صفحة أخرى من الحملة الشرسة التي يتعرض لها الإعلام هذه الأيام.. ولئن أكبرت في الزملاء عدم التخمّر والوقوع في رد الفعل المتشنج فإني أرفع في وجوه كل المغرورين والطبالين شعار «ديقاج» دون الاعتذار على الإزعاج.. ولنا عودة.. ..وبالصدق ألاقيكم وأشد على أياديكم..