عقدت عشية امس اللجنة المركزية للحزب الجمهوري ندوة صحفية بنزل «الفبوس» بقمرت خصصت لمناقشة بعض المسائل السياسية والقضايا الوطنية وتقييم الوضع الراهن الذي تمر به بلادنا, حضرها كل من «نجيب الشابي» رئيس الهيئة السياسية و« ياسين ابراهيم» الامين التنفيذي للحزب و«مية الجريبي» الامينة العامة للحزب وبعض اعضاء الحزب من مختلف جهات البلاد. وأكدت الجريبي أن اللجنة المركزية تنعقد بالتزامن مع مشارفة المرحلة الانتقالية الثانية على النهاية، معربة عن رفضها لدعوات «الوحدة الوطنية المغشوشة» باعتبارها تطمس الاختلاف والتعدد وتفتح الطريق لعودة الاستبداد، ومنبهة من مخاطر المحاصصة الحزبية على حساب المصلحة الوطنية. كما طالبت «الجريبي» بضرورة معالجة اختلال التوازن السياسي-برأيها- من اجل التداول السلمي على الحكم، رافضة ان يكون المجلس التأسيسي مجرد غرفة تسجيل لقرارات حكومية لا تخدم الا اهداف الحزب الحاكم حسب تعبيرها. وأضافت الامينة العامة للحزب الجمهوري قائلة: «لقد اتخذنا المبادرة وتقدمنا بالمقترحات وانتهجنا التجميع والتضامن، تضامن مكّن من ابطال مشروع قانون يؤسس لهيمنة السلطة التنفيذية على القضاء ويضرب في الصميم مطلبا من مطالب الثورة الا وهو استقلال القضاء...تضامن تجلى ايضا بمناسبة اقالة محافظ البنك المركزي وتعيين خليفة له ذي مساهمات معروفة في خدمة الاستبداد...هي مناسبات تبين فيها جليا ان القطع مع النظام السابق هو مجرد شعار تسوق له الترويكا في تنكر مفضوح لوعودها الانتخابية وفي استهانة كاملة بتطلعات التونسيين». وبينت «الجريبي» أن البلاد في أمسّ الحاجة لإرادة سياسية قوية لغلق الباب امام عودة الاستبداد تحت اي عنوان من العناوين وإلى وعي دقيق بمقتضيات الثورة وأبعادها وإلى كفاءات عالية تمسك بالملفات الوطنية الهامة وتتخذ القرارات الحاسمة والعاجلة لتشيع الثقة بين الناس وتعيد الامل في النفوس.، متسائلة «أين تونس اليوم من الآمال التي فتحتها الثورة؟، اين تونس اليوم من الآفاق العريضة التي بشر بها الفريق الحاكم قبل وغداة انتصاره في الانتخابات؟». الثورة انحرفت عن مسارها وشددت «الجريبي» إنّ ثورة تونس تمر باوقات وصفتها بالعصيبة وأنها «تعيش انحرافا عن مسارها الذي رسمه شهداؤها وان الانتقال الديمقراطي بات محفوفا بمخاطر الردة وعودة الديكتاتورية -على حد تعبيرها دائما»-. وقالت «الجريبية» بان تونس ما بعد الثورة تتميز بتطويع القانون وتجريد رئيس الجمهورية من صلاحياته وبلوغ التصدع بين اطراف «الترويكا» حدّا ينذر بنسف الاستقرار السياسي الهش، مضيفة: «وفي حين كان كل مواطن ينتظر اجراءات ملموسة تحرك الاستثمار وتوفر الشغل وترفع وتيرة التنمية، انبرى الحكام الجدد يحكمون القبضة على مفاصل الدولة ينصّبون ويعزلون وفق قانون الانتماء والولاء متنكرين لدماء شهداء سقطوا وهم يهتفون بمجتمع عادل تحكمه الجدارة وتكافؤ الفرص... وأطلت علينا من جديد ممارسات استغلال مؤسسات الدولة وتسخير مقدراتها لخدمة الحزب الحاكم...مشاهد ظن المواطن ان الثورة قد جرفتها بلا رجعة ولكن تواترها والاصرار على تبريرها يؤكدان انها منهاج حكم وليست مجرد زلات عابرة». «ترويكا» عاجزة ومرتبكة و اشارت «الجريبي» في كلمتها الى تفشي ظاهرة العنف الاجتماعي والسياسي الذي يعود برأيها الى «التطرف والتخلف اللذين تفاقما تحت اعين سلطة متسامحة معهما علها تجد فيهما نصيرا في الموعد الانتخابي»، مؤكدة أن الصمت على مثل هذه الظواهر الخطيرة او الاستهانة بها بأي تعلة كانت يعد تواطؤا لا يغتفر. كما نوهت «الجريبي» الى إصرار «الترويكا» على مدارات العجز والارتباك والتصدع وتدهور ظروف المعيشة والازمة الاقتصادية والتخفيض في الترقيم السيادي «الذي لم يمنعهم من تصنيف انفسهم كأقوى حكومة عرفتها تونس»-حسب قولها-، مردفة: «زد على هذا كله انسداد الافق امام جيوش العاطلين عن العمل واعتبار دفاع الاعلاميين عن مهنتهم وحياد الاعلام العمومي مؤامرة من صنع فلول النظام البائد إلى جانب مواجهتها للتحركات النقابية المشروعة التي عادت للبروز في جهات البلاد بالقمع والتسلط». عدالة انتقائية وانتقامية و أضافت «الجريبي» قائلة: «لقد غدت العدالة الانتقالية عدالة انتقائية بل انتقامية لاتخضع لغير قانون الولاء والمقايضة في ظل العتمة التامة...عدالة النفاق لم تخلف لدى التونسيين الا مزيدا من السخط والسخرية ممن يرفع شعار المحاسبة في الوقت الذي يلتقي فيه من يشار اليهم بالبنان في قضايا الاستبداد والفساد...ان جملة هذه المعطيات لا تؤشر الى ان تونس تسير نحو الديمقراطية بل تؤسس لدكتاتورية ناشئة معالمها لم تعد تخفى الا على من يريد تجاهلها». التعبئة الجماهيرية وحثت الجريبي جميع مكونات الحقل السياسي على ضرورة البحث عن سبل تخطّي الأزمة التي يمكن ان تعصف ببلادنا بعد 23 اكتوبر القادم حمل جميع الأطراف على حلّ التنازع حول الشرعية , وهددت بالالتجاء الى التعبئة الجماهيرية في حالة انسداد افق الحوار مع «الترويكا» وتعنّت الحكومة وتمسكها بالمكابرة وابرزت انه اذا بقيت المعارضة مكتوفة الأيدي ستلتف الحكومة على المرحلة الايجابية التي قطعتها بلادنا قائلة: «مستعدون لدراسة كل الإمكانيات منها التعبئة الجماهيرية وهي قوية» وتمنت ألاّ تصل إلى هذا الحل وأن يلتقي كل الفرقاء السياسيين عند مصلحة تونس وشعبها. كما نفت الجريبي امكانية انصهار الحزب الجمهوري وحركة نداء تونس في حزب واحد قائلة: «لا يستقيم الحديث عن اندماجات... نحن احزاب قائمة لذاتها». «الرئيس المغدور » من جهته أوضح «ياسين إبراهيم» ان المعارضة التي ينضوي تحتها حزبه تسعى إلى خدمة البلاد والعباد مضيفا أنها معارضة بناءة وتنأى بها عن كل التهم الموجهة إليها قائلا: «نحن لسنا معارضة حطان العصا في العجلة» كما يقولون. مضيفا ان الحزب الجمهوري دافع منذ البداية عن صلاحيات رئيس الجمهورية «المنصف المرزوقي» واعتبرها منقوصة وتتطلب مزيدا من المراجعة, وبيّن إبراهيم ان المرزوقي اكتشف مؤخرا أن صلاحياته محدودة واستشهد بقضية تسليم رئيس الوزراء الليبي السابق «البغدادي المحمودي» قائلا: « المرزوقي فاق كيف تغدر في قضية البغدادي ليكتشف أن صلاحياته منقوصة». أزمة شرعية من جهته حذر «أحمد نجيب الشابي» عضو الحزب الجمهوري من خطر انزلاق البلاد في أزمة شرعية بعد 23 أكتوبر القادم , وتوقع انقسام المجتمع والتيارات السياسية إلى شقين الأول يدعو إلى مواصلة الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي مهامها والثاني يرى العكس. كمان نبّه إلى إمكانية تعطل مهام المجلس الوطني التأسيسي بحكم الاختلافات القائمة بين الفرقاء السياسيين في ابسط الأشياء «وعندها لن تكون هناك انتخابات وستدخل البلاد في نفق مظلم بلا نهاية» حسب الشابي. «النهضة منقوصة الكفاءات» وأكد الشابي خلال كلمته التي تفاعل معها الحاضرون بالتصفيق الحار ان «النهضة» لا تمتلك كفاءات كالتي يمتلكها حزبه بفضل الانصهارات والتكتلات التي قام بها الحزب. وشدد الشابي على ضرورة التكتل بين التيارات السياسية التي تتقاسم الرؤى والأهداف لتجاوز الخلل السياسي الذي يمكن ان يكون مقدمة لدكتاتورية حسب الشابي مشيرا إلى تراجع الحضور الإعلامي لعدد كبير من الأحزاب على الساحة الإعلامية التي اقتصرت على حزبي «النهضة» و«نداء تونس» قائلا : «حزب نداء تونس يمكن ان يكون تجمعيا وفي المقابل «النهضة» مستيقظة ولا تغط في النوم بل هي بصدد تحضير قانون لإقصاء التجمعيين من الحياة السياسية».