هل تسلّل «عمّار 404» من جديد إلى النات؟ وهل هناك من يتجسّس على مكالماتنا الهاتفية ؟ وهل تتدخل الحكومة لفرض «الرقابة» وحجب بعض المواقع أو الصفحات التي لا ترغب في أن يتصفحها عموم الناس؟ ماهي أسباب انقطاع الاتصالات خلال الاحتجاجات الكبرى ومواعيد الدعوة للتظاهر؟ أسئلة عديدة يطرحها «التونسيون» اليوم. ففي ظلّ البطء الواضح في الولوج إلى «الأنترنات» و أمام الصعوبات الكبيرة التي يواجهها أغلب المستعملين، عاد الحديث عن «عمار 404» ومراقبة «الأنترنات» وحجب المواقع وحذف أخرى؟ بل أكثر من ذلك يرى البعض أن الرقابة اليوم، لم تعد تقتصر على حجب «الأنترنات» فقط، بل طالت حتى الهواتف الجوالة حيث يشكّ البعض في وجود أطراف تتنصّت على مكالماتهم، خاصة أمام تكرر رجع «الصدى». كما لاحظ مستعملو الشبكة العنكبوتية «الأنترنات» أنّ هناك العديد من المواقع غير متاحة في الوقت الراهن 'فكلما تصّفحوا صفحة إلاّ وجدوها «مغلقة» كما ان النّفاذ إلى «الأنترنات»يكون شبه مستحيل في بعض الأوقات والمناسبات، وقد يعييك الانتظار وتضطر إلى القيام بعديد المحاولات للإبحار على «النات» وهو إبحار «ثقيل» ويتسم بالبطء الشديد ويبعث على التوتر ويثير الأعصاب ويشنّج النفوس والعباد. «التونسية» سألت الشارع التونسي ونقلنا بعض المواقف و«التشكيات» واتصلنا كذلك ب«الحبيب الدبّابي» من وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصال وكذلك ببعض المصادر من الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية للإجابة عن مختلف هذه التساؤلات. ما حكاية رجع الصدى؟ التقينا «أماني الفيتو ري» فتاة في مقتبل العمر تستعمل بكثرة «الأنترنات» والهاتف الجوّال لتقول: «كثيرا ما يتكرّر رجع صدى الصوت، وهذه المسألة تزعجني كثيرا وتجعلني أشكّ في وجود رقابة على مكالماتي الهاتفية وخاصة تلك التي أجريها مع أصدقائي، وبالاضافة إلى ذلك لاحظت أن عديد «الاتصالات» لا تمرّر وخاصة عندما تكون هناك احتجاجات أو «خوضة» في البلاد يعني عندما تكون الأوضاع غير مستقرة فإن في فترة من النهار وبالأخص صباحا تصبح الاتصالات شبه مستحيلة». التغطية موجودة والمكالمات مستحيلة وقالت «فادية السويسي» ان صعوبة الاتصالات تحدث أيضا حتى في الليل وعادة ما تشعر ان هناك من يتنصت على مكالماتها ' واستغربت كيف تكون التغطية أو«الريزو» موجود والمكالمة لا تمرّر؟ وأضافت : «فيما يتعلق بالأنترنات لاحظت أنّ الإبحار بطيء أحيانا وان هناك مواقع لا يمكن الدخول إليها». وتعتبر شقيقتها «فاطمة السويسي» ان «الرقابة»موجودة وخاصة على الهواتف الجوالة وكذلك على الأنترنات حيث كثيرا ما تفاجأ بتسلل أحدهم إلى صفحتها الخاصة وإستحواذه على كلمة السرّ والتخاطب مكانها! شكوك وتنصت يوم الجمعة وقال «موسى صلعاني»: «في السابق كنا نخاف من الرقابة لأننا نعرف أنها موجودة وكثيرا ما كان الشخص حذرا في مكالماته الهاتفية واليوم بدأنا نشك في عودة هذه الرقابة وخاصة في بعض المناسبات وبالتحديد يوم الجمعة». وتذّمر «موسى» من حكاية رجع الصدى ومن صعوبة تمرير المكالمات وأضاف : «احيانا يكون صديقي بجانبي والمكالمة لا تمرّر». وأكدّ «ماهر غاوي» أنه لا يشك في وجود رقابة على الأنترنات إذ سبق وتعطلّت «الشبكة» وهي مسألة عادية بالنسبة له ومقترنة بالتغطية واستبعد وجود رقابة على المكالمات الهاتفية وان ما يحصل لا يثير الشكوك والنقائص المسجلة ليست بالكثافة التي تجعله يشك في وجود رقابة ما! الله وحده أعلم بعودة «عمار 404» ؟ ويرى «شبال مروقي» أن الرقابة غير موجودة وكل المواقع مفتوحة وبالإمكان استعمالها خلافا للسابق حيث كانت الكثير من المواقع مغلقة . وأضاف: «يوميا أبحر على «النات»ولم ألاحظ عودة عمار «404» والله أعلم». «النات» والتعليمات عبد الله تقني مختص في تركيز كوابل «الأنترنات»قال : «لا وجود لتعليمات في هذا الصدد لحجب بعض المواقع وان جلّ «التعطيلات» التي تحدث مقترنة أساسا بكثافة الطلب وهو ما يتسبب عادة في تعطلّ الإبحار وبطء الأنترنات. عمار «404» دفن للأبد وللإجابة عن مختلف هذه التساؤلات اتصلنا ب«الحبيب الدّبابي» مكلّف بمهمة في ديوان وزير تكنولوجيا المعلومات والإتصال، فقال ل«التونسية» ان «عمّار 404»لم يعد ولن يعود فقد دفن للأبد». وأضاف الدبّابي : «في ما يتعلق بالمكالمات الهاتفية وما يحصل أحيانا من إشكاليات فلا بدّ أن نوضح ان المكالمات تتم ضمن شبكة كاملة وانقطاع مكالمة أو عدم مرورها لا يعني بالضرورة أن أحدهم تدّخل ليقطع تلك المكالمة فالخلل قد يكون تقنيا نتيجة التغطية او كثافة الطلب» . وقال : «التنصت» تقنيا ممكن وكان موجودا بكثرة في السابق وعادة أدوات التنصت عالية الجودة حيث تتم العملية في كنف السرية ولا تؤثر على جودة المكالمة ولا يتفطن عادة المستعمل لذلك، لكن قطع مكالمة مسألة شبه مستحيلة لأن المكالمات تتم عادة بين شخصين ولا وجود لأية تقنية تقطع المكالمات. وما يتردد حول «رجع الصدى» فهو مرتبط بخلل في الشبكة .» سألنا محدثنا:هل قامت الحكومة الحالية بإقتناء أو تركيز تجهيزات للتنصت؟ فقال : «للمرّة العاشرة نؤكد اننا لم نتلق أوامر من الحكومة للتنّصت على الهواتف ولم نركز تجهيزات للتنصت و لئن كانت هناك ضرورة ل«التنصت» فإنه يتم بأمر قانوني وبإذن قضائي و لا يمر عبر الوزارة بل مباشرة إلى الجهات المعنية». وفي ما يتعلق بالأنترنات قال الدبّابي: «نفس الشيء بالنسبة للأنترنات، فالمراقبة تتّم بإذن قضائي ولا يمكن أن يتدّخل الأشخاص للقيام بالمراقبة». قانون جديد يطبخ على نار هادئة وأضاف «الدبّابي» ان الهيئة الوطنية للاتصالات ستقوم بدور كبير في المستقبل حيث هناك مشروع قانون سيمرّر قريبا للمجلس الوطني التأسيس، وسيمّكن هذا القانون الهيئة لتمارس دورها على أحسن وجه خاصة وأنّها كانت مهمّشة في السابق، وستتولى الهيئة مراقبة المشغلين و تقييم جودة المكالمات والقيام بإحصائيات دقيقة حول التغطية والإخلالات الحاصلة وبإمكانها وفي إطار ما سيكفله لها القانون مراقبة المشغلين وتخطئة من تثبت في حقه إخلالات. تجهيزات الرقابة على النات انتهت صلوحيتها وكشفت مصادر رسمية من الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية ل«التونسية» ان التجهيزات التي كان الرئيس السابق يراقب بها «الأنترنات» انتهت صلوحيتها ولم تتم صيانتها منذ بضعة أشهر ولذلك يمكن القول ان دورها إنتهى، وأكدت ذات المصادر ان هذه التجهيزات باهظة الثمن ويلزم ميزانية كبيرة جدا لاقتنائها من جديد . وحول ما إذا كانت هناك «رقابة» على «الأنترنات» قالت نفس المصادر أن الحكومة الحالية لم تقتن تجهيزات جديدة و لم تقم بصيانة التجهيزات القديمة وهو ما تسبّب في تلفها بالكامل، كما أنّ الرقابة لا تتم إلاّ بإذن قضائي وبالأخصّ عند وجود موقع من شأنه أن يهدّد الأمن . وقال «حسّان البحري» من الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية ان ما كان يسّمى سابقا ب «عمّار 404» يتطلب تقنيات باهظة جدا كانت في السابق تشرف عليها وزارة الداخلية وميزانيتها ترصد من الرئاسة 'لكن حاليا هذه التجهيزات غير موجودة وبالتالي تقنيا لا يمكن القيام برقابة على «الأنترنات». وأضاف «البحري» أنه يجب التمييز بين ما يسمى بالرقابة وهو مصطلح يطلقه الناس بصفة اعتباطية على كل شيء وحتى على عطب بسيط وبين «حوكمة الأنترنات» وهي ضرورية لحماية بعض المواقع كالبنوك ومركز السيادة، فعديد المعاملات المالية تتم بالأنترنات وقال: «لو لم تتم حوكمة هذه المواقع ستخسر تونس يوميا المليارات» وستصبح جميع المعاملات المالية غير آمنة . وقال: «هناك أطر قانونية للحماية من الجرائم «المعلوماتية» ولا بد من توفر أليات السلامة لحماية بعض المواقع الحساسة». وأشار محدثنا إلى أن الدولة كسلطة لا يمكنها القيام ب«الرقابة» ولكن المتزودين الحكوميين او الخواص وعند اشتراكهم في الأنترنات يطلبون من وكالة السلامة المعلوماتية حجب بعض المواقع وهو ما يحصل في أغلب الوزارات والمؤسسات العمومية حيث «حجبت» المواقع الإباحية. وعن وسائل حجب مثل هذه المواقع من المؤسسات العمومية قال محدثنا «نستعمل تقنية قديمة كانت مستعملة في الماضي وهي عبارة عن «مصفاة» لحماية مؤسسات الدولة. وأشار «حفيظ الفالح» من الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية ان الرقابة تقنيا غير ممكنة، لكن الحوادث التي تواترت بعد الثورة تتمثل في قرصنة بعض المواقع وخاصة عندما يكون الموقع غير «مؤمن» وبالأخصّ عندما تكون كلمة «السرّ» سهلة وبسيطة إذ يمكن ساعتها الهجوم على ذلك الموقع وهذه الهجمات تحدث بصفة عادية وشبه يومية وقال حفيظ: «الهجمات لا تتم من طرف شخص واحد بل في العادة من قبل «مجموعات»وهو ما لحظناه من قبل «أنيموس» وعادة ما تكون تلك الهجمات منظمة ويعلنون عنها مسبقا وهناك عدة وزراء وشخصيات سياسية تم السطو على «مواقعهم» الشخصية على «النات» ومن ذلك موقع المنصف المرزوقي حيث تم قرصنة موقع الواب الخاص به، وإدراج نص على صفحته وكذلك تكرر الأمر ل«راشد الغنوشي» وتفطنت الوكالة لتلك الهجمات وقامت بإعلامهما بالهجوم. وأضاف «حفيظ الفالح» أن أغلب الهجمات «ممنهجة» وتتم أحيانا تحت غطاء سياسي. وحول المواقع التي لا يمكن تصفحها قال: «ان لا يفتح موقع فالمسألة عادية إذ قد يكون الموقع بصدد الصيانة أو هو في وضع عدم استخدام أو تعرض لهجوم يجعل الدخول إليه مستحيلا». وفي ما يتعلق بالدعوات التي تمت مؤخرا لمقاطعة «قوقل» وهل لقيت تجاوبا من قبل مؤسسات كبرى؟ قال: «هي دعوات فردية وتمت بمبادرات خاصة ولم نسجل قيام مؤسسات بذلك وحاليا من الصعب التكهن بعدد الأشخاص الذين قاطعوا «قوقل» ولكن الإقبال قد يكون بالمئات والتأثير على رقم المعاملات ليس كبيرا».