قالت آمنة منيف رئيسة جمعية «كلنا تونس» ل «التونسية» ان من يؤجج الأوضاع الحالية في تونس و«يسخن» الأجواء هم «ميليشيات تخريب الثورة» وليس «حماية الثورة» ،واعتبرت ان البعض منهم يدعون إلى التطهير في حين ان التطهير ليس من مشمولاتهم بل هو من واجبات الحكومة ويندرج ضمن صلاحياتها... وقالت إن الخطير في كل ما حصل هو «التبرير» مشيرا الى أنه اذا كانت حادثة القتل التي جدت في «تطاوين» شنيعة فإن الأخطر منها هي تصريحات الناطق الرسمي لوزارة الداخلية وتصريحات وزير الخارجية الذي قال أنه من حق «لجان حماية الثورة» حماية الثورة ملاحظة أن الحكومة كأنها أعطت مهام مؤسسات الدولة لأطراف تنتمي إليها وهي مسائل لا يمكن قبولها. واعتبرت «منيف» ان وتيرة التبرير تصاعدية وقد انطلقت بالتخفيف من حادثة إزالة العلم في كلية منوبة، ثم تبرير خطابات بعض الدعاة وتبرير الدعوات المنادية بالتحريض على القتل، ثم تبرير حادثة الاغتصاب قائلة: «اليوم وصلنا إلى حد تبرير «القتل» وهو ما يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات وأعمال العنف والترهيب خاصة ان الدولة لا تعتبر ان ما حدث مخالف للقانون». وأضافت: «الدولة التي تحاول وضع المبررات تنزع عن نفسها الشرعية مع العلم ان الشرعية ليست حقا مطلقا بل جاءت من المجلس التأسيسي وتعني أن هناك برنامجا لا بد من احترامه والسهر على استتباب الأمن وإعادة الدورة الاقتصادية والأخذ بعين الاعتبار الملفات العاجلة وأولها ملف جرحى وشهداء الثورة والتشغيل والوضع الاقتصادي بصفة عامة وقد لمسنا إخلالا من طرف الحكومة في مختلف هذه المسائل.» وأشارت منيف إلى أن «الفزّاعة» التي يتّم الترويج لها بأن الشعب مهدد لا يمكن أن تنطلي على أحد لأن المهدّد في حقيقة الأمر حسب قولها ليس الشعب في حد ذاته بل ركائز المجتمع وشخصية المجتمع ككل. وتساءلت «منيف» قائلة: «انه بعد مرور سنة كاملة على عمل الحكومة، متى ستنطلق العدالة؟ ولماذا تم بعث وزارة حقوق الإنسان والحقوق تداس؟ فالشعب في نهاية المطاف هو الّذي يتحمل تداعيات الوضع السياسي والذي انعكس بصورة واضحة على المعيشة». البحث عن كبش فداء ليس حلا واعتبرت «منيف» ان البحث عن «كبش فداء» وإقالة مدير الأمن الوطني ليس حلاّ لأن الوضعية الأمنية ككل في حاجة إلى المراجعة وإعادة الهيكلة وأن المسؤول الأول يبقى وزير الداخلية وليس مدير الأمن لأن الناطق الرسمي بإسم الوزارة عندما خرج وقال ان الوفاة طبيعية كان القرار من أعلى مستوى وهذه «الازدواجية» لا تنبئ بخير. مستوى الدستور الحالي أقل بكثير من دستور 1959 وأضافت منيف : «الخطير في الأمر أننا بدأنا نبتعد عن المسار «الانتقالي» السليم حتى على مستوى الدستور ،فدستور 2012 لا يمكن أن يكون رجعيا ويعود بالبلاد إلى الوراء فمسودة الدستور يعتبرها بعض السياسيين وبعد التنازلات المقدمة من الحزب الحاكم توافقية، لكنها بعيدة جدا عن متطلبات المرحلة وهي أدنى من دستور 1959 على مستوى الحقوق والحريات كعدم التنصيص على المنظومة الكونية لحقوق الإنسان وهو ما يعد تراجعا كبيرا في المستقبل ويشكل خطورة كبرى إذا ما وقعت المصادقة على الدستور بشكله الحالي وبالتالي على «الترويكا» تحمل المسؤولية وعلى النواب أيضا توضيح مواقفهم وان تكون أكثر صرامة ولا يمكن أن يكونوا مثل الدمى دون تأثير .» وانتقدت «منيف» تصريحات راشد الغنوشي التي ذهبت إلى أن «القانون يصنعه القوي» وقالت إنه بهذه الطريقة يمكن أن نتراجع عن كل المكاسب المجتمعية وأننا اليوم أمام وضعية فشل والأخطر منها أننا خطونا خطوة نحو العنف السياسي ومررنا إلى مرحلة التصفيات . غياب الإرادة؟ وفي ما يتعلق بتصريحات المرزوقي الأخيرة التي جاء فيها أن الوضع خطير وان ناقوس الخطر قد دق قالت منيف: «إن الأقوال تخالف أحيانا الأفعال فالجميع يعرف أن الأوضاع ليست جيدة لكن الإرادة غائبة ». وأضافت : «توقعنا أن تكون المشاركة في الحوار الوطني من جميع القوى وللأسف تمت مقاطعة الحوار من طرف حزب الرئيس والحزب الحاكم وقد أقرت «الترويكا» رؤيتها قبل الحوار وأعلنت عن خارطة الطريق وبالتالي كانت هناك قطيعة وغياب للإرادة الحقيقية والجادة للحوار واليوم بما أن «الديمقراطيين» يمثلون غالبية القوى، عليهم أن يأخذوا المبادرة ويبادروا بالفعل لإعادة موازين القوى إلى نصابها». وأكدت منيف ان المهم في كل هذا هو تونس وروح الوطنية والخروج من الحسابات السياسية الضيقة والتفكير في مستقبل الأجيال القادمة بعيدا عن نظرية المؤامرة والتخوين فكل من هو معارض فهو ضد تونس او هو تابع لمشروع صهيوني (إمبريالي) ويعمل ضد مصلحة البلاد».