شكلت أمس ذكرى 23 أكتوبر موعدا ذا رمزية متفاوتة بين مختلف الفرقاء السياسيين باختلاف توجهاتهم واديولجياتهم ومرجعياتهم وتقييمهم للمرحلة الراهنة بالخصوص على الساحة السياسية. فلئن كان اليوم شبه عادي بالنسبة لعامة الشعب الذين قصدوا بطبيعتهم مراكز عملهم كما تعودوا على ذلك في الأيام العادية مع تسجيل بعض الفضول لدى البعض ذهبت الأحزاب السياسية والجمعيات ومكونات المجتمع المني بمختلف مشاربها للمشاركة في العدد القليل جدا من التظاهرات التي وقع الإعلان عنها مسبقا. أحزاب الترويكا غائبة عن الساحة لم يسجل نشاط يذكر لأحزاب «الترويكا» الحاكمة حيث يبدو ان التظاهرات اكتست صبغة رسمية كان مسرحها المجلس الوطني التأسيسي بينما بادر نشطاء رابطات حماية الثورة بالالتحاق بدورهم بالعاصمة لدعم التحرك ثلاثي الأبعاد الذي وقعت البرمجة له في القصبة وشارع الحبيب بورقيبة وباردو. وقد كان الاتحاد العام التونسي للشغل السباق منذ حوالي أسبوعين وذلك من خلال الدعوة إلى تجمع امام مقره في الساحة ذات الرمزية النضالية على الأقل بالنسبة للشق النقابي. وبالفعل تجمع منذ حوالي العاشرة صباحا وسط حضور بارز لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة عدد من النقابيين ومن نشطاء العديد من الأحزاب السياسية حيث حضر ممثلون عن الحزب الجمهوري وحزب المسار وحزب التكتل الشعبي من أجل تونس وحزب البديل الديمقراطي وأحزاب أخرى وكذلك عدد من ممثلي الجمعيات على غرار شبكة دستورنا واتحاد اصحاب الشهائد المعطلين عن العمل وكذلك بعض الشخصيات المستقلة والحقوقيين والجامعيين وكذلك طلبة الاتحاد العام لطلبة تونس وطلبة معهد السياحة وغيرهم استعدادا لاجتماع عام أطره الاتحاد على المستوى التنظيمي حيث وزع إعلاما تحمل العلم الوطني وشعار الاتحاد العام التونسي للشغل ووقع تعليق لافتات داعية للوفاق الوطني. وبينما كانت الجماعة في انتظار انطلاق الكلمة التي كان من المقرّر أن يلقيها الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل هبت مجموعة من المواطنين تتقدّمهم بعض الوجوه من الجبهة الشعبية رافعين أعلامهم والعديد من الرايات والشعارات المنددة بالحكومة وبسياستها داعية لإسقاطها وقد تركبت المجموعة الوافدة في معظمها من التلاميذ والطلبة الذين يبدو انهم غادروا مقاعد الدراسة بعدد من معاهد سوسة وحمام سوسة للالتحاق بتظاهرة الاتحاد. وبالفعل التحمت الجماهير مع بعضها ليصل العدد إلى حوالي 800 شخص أو اكثر بقليل وليذهبوا في مسيرة قصيرة عبرت منطقة باب البحر قبل ان تلتحق من جديد بمقر الاتحاد الجهوي للشغل. اضطراب الاختلاف تكرس من خلال الاختلاف في وجهات النظر حيث رغب الملتحقون بتنظيم مسيرة بينما اقتصر برنامج الاتحاد على تجمع مهرجان خطابي. هذا الاختلاف لم يكن ليمر دون ان يلقي بضلاله على الحاضرين حيث عندما كان الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة بصدد القاء كلمته بادر احدهم بمحاولة اخذ الكلمة منه وهو ما رفضه السيد مصطفى مطاوع مما دفع المجتمعين إلى التفرّق بسرعة وإلغاء التظاهرة حيث انسحب الحاضرون واتجهوا في مسيرة منادية بإسقاط الحكومة انطلاقا من أمام مقر الاتحاد وفي اتجاه المنطقة السياحية لكن هذه المسيرة سرعان ما تفرقت تلقائيا بالتحاق التلاميذ والطلبة بمعاهدهم وكلياتهم.