عكست سمية الغنوشي أمس الهجوم على الدكتورة ألفة يوسف قائلة في نصها الفايسبوكي: «ألفة يوسف نموذج لصنف من النخبة - ولا أقصد كل النخبة - المريضة بنرجسيتها وتورّمها الذاتي والتي نكبت بها تونس وابتليت شر البلاء. نخبة لم تكتسب مواقعها الطلائعية بفضل إبداعاتها أو إسهاماتها الجادة في حقلي الفكر والثقافة، بل صنعت على المقاس لتلعب دور الذراع الإيديولوجي للنظام المقبور وتنمق عصا القمع الغليظة بقاموس الحداثة والتنوير والاختلاف والعقلانية والنسوية والتأويلية والهرمنوطيقا وسائر قاموس روبافيكيا الفكر المستهلك. كانت إلى وقت قريب تسامر وتحاضر في مجلس راعية الثقافة والإبداع الماجدة ليلى بن علي، تفتح في وجهها كل المنابر الإعلامية والثقافية على مصراعيها، وتنصب كرها على رأس مكتبتنا الوطنية قبل أن تجتاحها صرخات «ديقاج» بعد أن اجتثت ولية نعمتها من قصر قرطاج. وبعد أن هرب بن علي متسللا خلسة تحت جنح الظلام، خيرت منظرة حرمه المصون الهروب في اتجاه المعارضة. وهكذا اكتشفت ألفة يوسف فجأة فضائل المعارضة وانضمت إلى نادي «معارضي وثوار ما بعد الثورة»، بعد أن أطيح بالدكتاتورية المقيتة السوداء التي طالما استظلت بظلها ولعقت صحونها وتنعمت بعطاياها. وبدل أن يدفعها طوفان الثورة إلى الاغتسال من رجس التواطؤ مع الاستبداد والاعتذار للشعب، انبرت تسبّه وتصبّ عليه جام غضبها وحسرتها على العصر الذهبي المفقود، فهو بلسانها: «شعب متخلف جاهل حاقد فقير حاسد»، متدحرجة في سلم السب والشتيمة إلى ناخبي النهضة «المهمّشين» «الجهلة الذين لا يحسنون أصلا كتابة جملة بأي لغة» والذين استغل «حقدهم وعنفهم لجعلهم من القطعان»، وطلبة تونس الذين «لم يشاهدوا يوما شريطا أو مسرحية»، وشبابها الذي «يعاني من الكبت الجنسي والعاطفي ويحلم بمضاجعة كل الإناث»، ونسائها اللائي «يحلمن برجل يقسن قيمته وفق مدى ما يدفع لهن من مال مستبطنات صورة الجواري». بلغة أخرى الشعب كله محيط مدلهم دامس الظلمة، فيه بقعة نور مشعة صغيرة اسمها: «ألفة يوسف» وبضعة أنفار من رفقائها وأشباهها. اعلمي يا ألفة أن هذا شعب عظيم أنجز ثورة عظيمة ألهمت شعوب المنطقة وأثارت إعجاب العالم (باستثناء السيدة ألفة وأشباهها طبعا)، فهو رغم ما مورس عليه من تفقير وتهميش شعب واع ذكي صلب الإرادة سليم الحس قادر على التمييز بين المعادن الخالصة والمزيفة، ولذلك لفظكم وألقى بكم على هامش المجتمع والتاريخ. قبل أن أختم ورفعا لكل التباس أو تلبيس يجب أن أوضح مجددا بأنني لا أقصد النخبة بإطلاق ولا المعارضة كافة، ولكن صنفا من هؤلاء ممن يزدرون شعبهم ويحقدون عليه وعلى خياراته ويأبون قبول الواقع الجديد وفهم معطياته».