قضية حاوية المخدرات بميناء رادس.. الاحتفاظ بموظفة بشركة خاصة وموظف بالديوانة    البرتغال تعلن رسميا اعترافها بدولة فلسطين    قابس...انطلاق الاستعدادات للموسم السياحي الصحراوي والواحي    آفاقها واعدة .. السياحة البديلة سند للوجهة التونسية    فرع تونس للمحامين..لمن ستؤول الرئاسة؟    التيار الشعبي يدعو الى المشاركة في وقفة احتجاجية وفي اضراب عالمي عن الطعام    مع الشروق : الطباشير في عصر "شات جي بي تي"!    حافلةُ الصينِ العظيمةُ    لأول مرة في تاريخها ...التلفزة التونسية تسعى إلى إنتاج 3 مسلسلات رمضانية    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    بطولة افريقيا لكرة اليد للصغريات (الدور النهائي): المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره المصري 21-33    بعد جولة أوروبية راقصون من فرقة باليه أوبرا تونس يقدمون عرض "كارمن دانسي"    بطولة انقلترا: ارسنال يختطف التعادل مع مانشستر سيتي 1-1    الملعب التونسي سنيم الموريتاني (2 0) انتصار هام ل«البقلاوة»    الولايات المتحدة: مصرع شخصين وإصابة 5 آخرين بإطلاق نار قرب ملهى ليلي    هل تعرف أيهما أخطر على الصحة... نقص الوزن أم زيادته؟    هذا ما تقرر في حق الارهابيان يحي الغزالي وعادل الغندري    مطار بروكسل يطلب من شركات الطيران إلغاء نصف الرحلات المغادرة غدا: الأسباب    في اليوم عالمي للزهايمر: هذه توصيات وزارة الصحة    الدورة السادسة من تظاهرة "الخروج إلى المسرح" من 26 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2025    من بينها 5 عربية.. ترامب يدعو قادة 5 دول إلى اجتماع بشأن الحرب على القطاع    الحوت الميت خطر على صحتك – الهيئة الوطنية تحذر    الشمال والوسط تحت الرعد: أمطار قوية تجي الليلة!    محرز الغنوشي: ''درجات حرارة ليلية مقبولة...والمليح يبطى''    عاجل: ثلاثية نظيفة للترجي على القوات المسلحة وتقدم كبير نحو الدور الثاني!    عاجل: حارس الإفريقي ينقل للمستشفى بعد تدخل عنيف    مشاركة 1500 عداء وعداءة في ماراطون بالمرسى عائداته مخصصة لمجابهة الانقطاع المدرسي المبكر    الكيني ساوي يفوز بماراطون برلين ويحافظ على سجله المثالي    عاجل/ هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحذر من خطورة استهلاك هذه الأسماك..    كأس الكنفدرالية الإفريقية: النتائج الجزئية لذهاب الدور التمهيدي الأول    بطولة سان تروبيه الفرنسية للتحدي: التونسي معز الشرقي يحرز اللقب    وزير الخارجية يترأس الوفد التونسي في أشغال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة    المراقبة الاقتصادية تحجز 55 طنا من الخضر والغلال ببرج شاكير والحرايرية    أسطول الصمود :هيئة التسيير تكشف اخر المستجّدات    قلة النوم تهدد قلبك.. تعرف شنو يصير لضغط الدم!    عاجل- تذكير: آخر أجل لإيداع التصريح بالقسط الاحتياطي الثاني للأشخاص الطبيعيين يوم 25 سبتمبر 2025    تونس تشارك في مؤتمر التعاون الثقافي والسياحي الصيني العربي    أمطار الخريف ''غسالة النوادر''.. شنية أهميتها للزرع الكبير؟    بحسب التوقعات: تونس الكبرى وزغوان تحت الخطر...أمطار بين 60 و90 ملم!    الجمعية التونسية للطب الباطني تنظم لقاء افتراضيا حول متلازمة "شوغرن"    انتشال جثتي طفلين توفيا غرقا في قنال مجردة الوطن القبلي    سوسة: جلسة عمل لمتابعة وضعية شركة الألبان الصناعية بسيدي بوعلي    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    فيتنام بالمركز الأول في مسابقة إنترفيجن وقرغيزستان وقطر في المركزين الثاني والثالث    قريبا انطلاق أشغال مشروعي تهيئة الملعب البلدي بمنزل فارسي وصيانة المحولات الكهربائية بالملعب الاولمبي مصطفى بن جنات بالمنستير    الموساد تسلّل إلى معقلهه: الكشف عن تفاصيل اغتيال نصر الله    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    بنزرت: تنفيذ اكثر من 80 عملية رقابية بجميع مداخل ومفترقات مدينة بنزرت وتوجيه وإعادة ضخ 22,6 طنا من الخضر والغلال    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    عاجل/ مصابون في اصطدام "لواج" بشاحنة ثقيلة بهذه الطريق الوطنية    السبت: أمطار متفرقة بالجنوب الشرقي وسحب عابرة    استراحة «الويكاند»    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي تلو الآخر:المعارضة اليسارية وأكذوبة التوافق
نشر في التونسية يوم 11 - 11 - 2012

تتذرّع عديد الأطراف السياسية هذه الأيام في معاداتها وتشهيرها ب«الترويكا» بأنها تمثل ائتلافا منغلقا غير مستعد للتوافق وتحاول إظهارها - وخاصة الطرف الرئيسي فيها وهو حركة «النهضة»- على أنها تريد الاستحواذ والتفرّد بالسلطة وإقصاء بقية الأطراف واستهداف خصومها خاصة «نداء تونس» بحجة أنه يمثل وكرا للتجمعيين واليسار الانتهازي الذي كان متخفيا زمن بن علي يدير زمام الأمور داخل عصب الدولة. ويكفي أن نعود إلى الماضي القريب لنتأكد أن هذا الاتهام جاء إثر حملة ممنهجة ولكنها فشلت في تحقيق أهدافها وترمي إلى إسقاط الحكومة عبر محطات عديدة من قبل أطراف لم تهضم فوز «النهضة» بنسبة مريحة من مقاعد المجلس التأسيسي ولم يدر بمخيلتها أن تجد نفسها يوما ما تحت حكم الإسلاميين الذين تعرضوا للإبادة الفكرية والجسدية من قبل النظام البائد بمشاركة هذه الأطراف أو بالسكوت عن تصفيتها. وبالرغم من هذا فإن «الترويكا» التي كانت تدرك ثقل المسؤولية وحجم التحدي الذي يمكن أن يواجهه أي طرف يتسلم السلطة بعد الثورة على أنقاض نظام منهار كانت حريصة أشدّ الحرص على تشريك أكثر ما يمكن من الأطراف الحزبية في حكومة ائتلافية لتقاسم تبعات الوضع المتردي والتعاون مع جميع الأطراف للخروج من عنق الزجاجة. كما أن شعورها بالمسؤولية الوطنية يمنعها في نفس الوقت من التخلي عن أداء دورها الطبيعي كأغلبية اختارها الشعب لقيادة المرحلة الانتقالية.لقد جوبهت تلك الدعوة بالمشاركة في السلطة التنفيذية برفض هذه الاطراف وفي مقدمتها الأحزاب اليسارية والتي أحست بصعوبة المرحلة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا فرجحت مصالحها الحزبية وخيرت عدم المشاركة في الحكومة المنتخبة وتحميل تبعات الوضع الكارثي الذي خلفه النظام البائد لأحزاب «الترويكا» الثلاث وكأنها هي التي خلقت هذا الوضع، ولو وقف الرد عند ذلك الحد لهان الأمر ولكنها تجاوزته الى وضع العراقيل امام خطط الحكومة لإنقاذ الاقتصاد الوطني ومعالجة الوضع الاجتماعي والبطالة المستفحلة وذلك بتشجيع الاضرابات العشوائية وتأجيج الاحتجاجات المطلبية وتعطيل انجاز المشاريع التنموية خاصة في المناطق الداخلية المحرومة حتى يتواصل الاحتقان الاجتماعي ويقطع الطريق على مسعى إرساء السلم المدني وهو ما دفع عددا من المستثمرين الأجانب إلى غلق مشاريعهم أو إلغائها. ولا يمكن تفسير هذه المواقف التصعيدية للأطراف اليسارية المتشنجة إلا بالبحث عن مكاسب انتخابية عبر اضعاف الخصم حتى لو تعارض ذلك مع المصالح العليا للوطن والمهم ان تفشل الحكومة وتسقط «النهضة» حتى ولو انهار الاقتصاد الوطني وتضاعفت معاناة الشعب ولعل ذلك يدخل ضمن فلسفة تفعيل التناقضات والصراعات للدفع نحو ثورة ثانية.
وبعد أن اتضح مآل وفشل العديد من تلك المحاولات لجأت هذه الأطراف إلى ترويج أكذوبة التوافق مدعية مرة أخرى أن «الترويكا» تريد التفرد بالسلطة وروجت لمفهوم الشرعية التوافقية التي تعلو حسب رأيهم فوق الشرعية الانتخابية كأن لسان حالهم يقول ان من قام الشعب باختيارهم في أول انتخابات حرة ونزيهة لتسيير المرحلة الانتقالية وفوضهم وائتمنهم على إدارة شؤون البلاد لا يحق لهم ان يمارسوا صلاحياتهم الدستورية وان تحال تلك الصلاحيات الى شخصيات توافقية سوف لن تكون عمليا خارج دائرة من ترشحوا في اخر تلك الانتخابات ولم يحظوا بتزكية الشعب !!! ولعل الفخ الذي نصب ل«الترويكا» عند دعوتها للمشاركة في المؤتمر الوطني الذي نظمه الاتحاد العام التونسي للشغل، والذي كان هدفه أن يفضي إلى انشاء مجلس من أعيان الاحزاب يكتسب لدى الرأي العام شرعية تلقائية مجمع عليها من الأطراف المشاركة فيه سيروج لأي اعتراض لاحق عليه من قبل أي من المشاركين فيه على أنه نكوص عن التوافق وتراجع عن الاجماع وسيكون منطلقا لحملة مبرمجة لعزله واستهدافه. الغريب في كل هذه المواقف أن هؤلاء الذين يدعون الى تغليب الشرعية التوافقية على شرعية انتخابية أفرزتها انتخابات حرة ونزيهة، هم أنفسهم عندما كانوا شركاء في الهيئة العليا لحماية أهداف الثورة وهي هيئة غير منتخبة وساهمت في تشكيلها اطراف خفية وحتى مشبوهة من مافيا رجال المال والسياسة مما أفرز تركيبة اتضح لاحقا بعد انجاز أول انتخابات حرة وديمقراطية انها لا تكتسب أية شرعية أو تزكية شعبية، هذه الأطراف كانت ترفض التوافق مع شركائها في الهيئة وخاصة في اتخاذ القرارات المصيرية كتلك المتعلقة بالقانون الانتخابي والهيئة العليا للانتخابات وكانت تصر على الالتجاء الى خيار التصويت بعد أن ضمنوا أغلبية مزيفة ومركبة في تركيبة الهيئة، وقد دفع حينها اصرارها على هذا الموقف عددا من الاحزاب والشخصيات الوطنية للانسحاب من الهيئة وفي مقدمتها حركة «النهضة» وذلك حتى لا يكونوا شهداء زور على هذا الشعب الذي تسلطت على ثورته هيئة معينة شكلت بعناية للتأثير على مسار الثورة، هؤلاء هم أنفسهم يطالبون اليوم برفض الشرعية الانتخابية وسحب صلاحيات النواب المنتخبين والمكتسبين لثقة الشعب وجعلها رهينة الشرعية التوافقية بين اطراف لم يحظوا بتزكية الشعب وثقته.
هل يبقى بعد هذا التناقض شك من أن هذه الاطراف تتستر بعباءة التوافق والتوافق منها بريء وكأن لسان حالهم وشعارهم يقول: «لا توافق ولا شرعية إن لم يدفع ذلك بهم إلى موقع السلطة»؟
بقلم: عارف المعالج (ناشط سياسي ونقابي)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.