آمل أن يفتح التونسيون أعينهم باكرا على الحزب «الصح» أَنْسِن عدوّك تنتصر عليه أنا مع الشيطان ضد نظام الأسد شارك الفنان الفلسطيني محمد بكري في مسابقة الأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية بفيلم «قطرة»، بطولة صالح بكري (إبنه البكر) وزياد بكري ولئن لم يتوّج هذا الفيلم فإنه لقي كسائر أفلام محمد بكري ممثلا أو مخرجا قبولا طيبا لدى جمهور الأيام، ذلك أنّ محمد بكري هو أحد أكثر السينمائيين العرب تتويجا في أيام قرطاج السينمائية بفيلميه الوثائقيين «جنين جنين» و«من يوم ما رحت» وفيلم رشيد مشهراوي الذي قام ببطولته «عيد ميلاد ليلى». يحتفظ محمد بكري الذي يحتفل يوم الثلاثاء27 نوفمبر بعيد ميلاده التاسع والخمسين بذكرى صداقة طويلة جمعته بالشاعر محمود درويش منذ سنة 1983 ولذلك لا يمل من الحديث عن درويش وعن الفيلم الذي سينجزه عنه إن مازال في العمر بقية.. يعيش محمد بكري فلسطينيته وسط المجتمع الإسرائيلي، ورغم الحصار المفروض عليه وفي غياب أي مساندة فلسطينية أو عربية ذات بال، صنع بكري أفلامه المقاومة بحرفية عالية وشارك في عدة افلام عالمية من اهمها «The lark farm» للأخوين تافياني وPrivate لسافيريو كوستنزو وفيلم Beyond the walls الذي رشح سنة 1984 لجائزة اوسكار افضل فيلم أجنبي. قدم محمد بكري عدة اعمال مسرحية اشهرها على الإطلاق «المتشائل» لإميل حبيبي.. في هذا الحوار مع «التونسية» تحدث محمد بكري عن شؤون الفن والسياسة. ألا يزعجك أن تعود إلى فلسطين خالي الوفاض بلا جائزة؟ طبعا يزعجني ولكن لا يميتني ولا يقهرني، هذه المرة «واخذ الأمور سبور» كما أني شاهدت الفيلم المتوج بالتانيت الذهبي «حياة قصيرة» لعديل فاضلي من المغرب وهو سينمائيا أفضل من فيلمي ومصروف عليه «كثير مصاري».. أنا فيلمي فقير.. من وراءك في إنتاج الفيلم؟ - أنا. لا أحد غيرك؟ - ليلى، «مش» بن علي بل ليلى زوجتي التي فكرنا في تغيير إسمها بعد أن سمعنا بليلى بن علي. كيف وجدت استقبال الجمهور التونسي ل»قطرة»؟ هل كان في حجم استقباله لأفلامك السابقة؟ - نعم، نعم. لا يقدم فيلم «قطرة» الفلسطيني في الصورة التي ألفها وربما يشتهيها المشاهد العربي، صورة المقاتل إلى آخر قطرة دم في حياته؟ - تعرف يا صديقي، خالتي زهرة (أنجز عنها فيلما يحمل إسمها هرض في مهرجان قرطاج قبل سنوات) الله يطول بعمرها كلما أزورها تجبرني على الأكل وكأنها تظنني دائما جوعان وأجد نفسي مضطرا للاستجابة إلى رغبتها وآكل قليلا فتستعجب وتسألني في استغراب «هل هذا أكل رجل»؟ فأجيبها: كم مرة قلت لك أني لست رجلا؟ بطبيعة الحال «هي تزعل كثير من إجابتي» وربما يغضب الجمهور التونسي من إجابة مماثلة ما أردت قوله أني إنسان لي ضعفي وهشاشتي، ومع السنوات والتقدم في السن يتصالح الإنسان مع نفسه ومع الآخرين وليس صدفة أني قلت في تقديم الفيلم «أَنْسن عدوك تنتصر عليه». هناك من فهم الفيلم على أنه فتح الباب لقبول الإسرائيلي والتعايش معه؟ - فهم سهوا مثل القول «سقط سهوا»، لم أقصد ذلك أبدا، فالإسرائيلية التي قدمتها في الفيلم «سارة» لا ترى ولا تسمع ومن لا يرى ولا يسمع في النهاية ليس له ان يقبل أو يُقبل (بضم الياء)، قد يكون ما قلته نقطة ضعف في الفيلم، قد يكون إخفاقا مني، قد يكون.. «ياما أخفقت». هل تغيرت النظرة إلى فلسطينيي 1948 بعد أحداث الربيع العربي؟ - بالنسبة إلى الجهلة لم تتغير النظرة إلينا، هي نظرة البقرة غير الضاحكة أما المثقف العربي فلم تتغير نظرته لأنه فاهم من الأول من هم هؤلاء الآخرون. كيف تفاعلتم في فلسطين 48 مع ثورة 14جانفي في تونس؟ - كما يتفاعل الأب مع ولادة طفله الأول. هل هو ذات الإحساس مع ما يحدث في سوريا الآن؟ - كما يموت الإبن الأول. هل ما يحدث في سوريا ثورة؟ - بدأت ثورة ولكن الآن تدخلت فيها عدة أياد وتيارات شوهت الثورة، هذا ما اشعر به ولا املك تأكيدات عليه. رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين 48 دعا لمسيرات مليونية إلى الحدود السورية فما موقفك من هذه الدعوة؟ - لأي هدف؟ من أجل ماذا؟ من أجل إسقاط النظام السوري؟ - أنا معه، أنا مع الشيطان ضد هذا النظام. هذا النظام هو نظام الممانعة الوحيد في المنطقة؟ - كذّابين، هو نظام خائن باع القضية الفلسطينية منذ البداية. هو الذي ساند المقاومة في لبنان(حزب الله)؟ - ومن قال إن حربي هي حرب «حزب الله»، حربه مع إسرائيل قد تكون عقائدية أو سياسية أما حربي فمختلفة، هي حرب وجود وبقاء وكيان وحرية وإستقلال وهوية، «حزب الله» لا تؤثر إسرائيل على وجوده أو عدم وجوده. كيف تفاعلت مع احتفالات حكومة «حماس» بالنصر على إسرائيل في غزة؟ - لم ينتصروا في غزة «كذّابين». ماذا فعلوا إذن؟ - ضربوا صواريخ عشوائية لم تصب أحدا، دمّروا غزة. تلك ضريبة الحرية؟ - لا بل ضربة للحرية. هل ما يحدث في غزة تكريس للانقسام الفلسطيني؟ - هو محاولة لتصفية القضية الفلسطينية. من يمثل القضية الفلسطينية الآن؟ - أنا. من أنت؟ - أنا كل فلسطين. هل يملك محمود عباس الشرعية لتمثيل فلسطين سياسيا؟ - معلوم انتخب في إنتخابات حرة وشفافة وديمقراطية. فهمت تصريحاته مؤخرا على انها تفريط في حق العودة؟ - هي تلفيق إسرائيلي، هو لم يقل إنه ضد حق العودة، فسروا قوله بأنه فرّط في حق العودة، أبو مازن لم يتخل أبدا عن هذا الحق، في خطابه الأخير في الأممالمتحدة قال إنه لا يفرط في الثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة. هل تثق في محمود عباس؟ - معلوم. هل يثق به الشعب الفلسطيني؟ - «ما بعرف» لا يمكنني ان اتحدث بإسم الشعب الفلسطيني، انا فرد ولكني اعتقد ان كل من لديه عقل وقلب يصدق الرئيس عباس. هل هو في قامة ابو عمار؟ «لا مش كرئيس دولة بس أتحدث عن كاريزما الرئيس عرفات»، هل رئيس حزب «النهضة» اليوم الغنوشي له كاريزما بورقيبة؟ معقول ؟ هل يرتقي الغنوشي مثلا إلى مكانة ذلك الرجل الذي وقف أمام الشعب التونسي ليقول إنه يملك خصية واحدة؟ تخيل إسماعيل هنية في هذا الموقف؟ سيقول عنده أربع خصيات. ولكن هنية أظهر للمرة الأولى زوجته للعموم بمناسبة زيارة أمير قطر؟ - ربما لأن أمير قطر شكله حلو ويفتح النفس. من الواضح أن موقفك من «حماس» غير موضوعي وبأنك تكرهها؟ - «حماس» حركة مقاومة أصيلة لا شك في ذلك ولكن أين تقف هذه الحركة من قيادتها؟ من تقصد؟ خالد مشعل؟ - أقصد خالد مشعل وكل ال Play boys في القيادة. هؤلاء يناضلون بطريقتهم؟ - لا أصدقهم، لا أصدق كل من يتستر وراء الدين أيا كان بدءا بمشعل ووصولا إلى الغنوشي، أنا مسلم واعتز بإسلامي وبعروبتي ولغتي ولكني لا أصدق هؤلاء المتسلقين المنتفعين الذين لا يهمهم سوى الكرسي والفلوس قد لا أكون موضوعيا ولكن هذا هو رأيي. ماذا تنتظر من إعادة التحقيق في اغتيال عرفات؟ - قاتل عرفات معروف. بيد من؟ - كما قتلوا أبو جهاد وحسن سلامة وأبو إياد.. هل هناك تواطؤ فلسطيني؟ - صعب. ما تعليقك على اعترافات «ليفني»-وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة- بخصوص إقامتها لعلاقات جنسية مع عدد من القيادات الفلسطينية؟ - هيك والله قالت؟تفتح رجليها لكل واحد؟ في عندو أمل نصري حجاج (صحفي وسينمائي فلسطيني أقام سنوات طويلة بتونس وهو الآن مقيم بلبنان) إذن لأن نفسه فاتحة عليها وأنا أستغرب كيف يمكن للواحد أن ينجذب لبقرة؟ أريد تعليقا أكثر جدية؟ أشك في مصداقية اي زعيم صهيوني بما يقوله عن قياداتنا وقضيتنا ومشاكلنا لأنه هناك دائما قصد من أي تصريحات ليس أقله ضرب مصداقية المفاوضين الفلسطينيين الذين يؤمنون بحق الشعبين في إقامة دولتين في أرض واحدة، «كلنا بدنا هيك» نريد إقامة دولتنا الفلسطينية على حدود 1967، نحن تنازلنا عن فلسطين من البحر إلى النهر وهناك مصالحة تاريخية حدثت في أوسلو وأنا سعيد لأنها بدأت في ذلك التاريخ لأن إتفاق المبادئ يفتح باب السلام رغم كل ما يقال عن ذلك الاتفاق. هل يحقق إبنك صالح ما عجزت أنت عن تحقيقه؟؟ - طبعا، أنا عجزت عن دخول مهرجان «كان» أكثر من مرة أما صالح فشارك أربع مرات في المسابقة الرسمية للمهرجان. تغيرت الظروف؟ - لا الظروف ساءت. ما الذي تغير؟ - صالح يشتغل ويتعب ويجتهد، انا أشتغل ولكني من جيل قديم. هل مازال حلم إنجاز فيلم عن محمود درويش قائما؟ - طبعا. هل تظن انه سيتحقق؟ - إن لم أمت فسيتحقق. هل تأمل في دعم عربي؟ - طبعا وسأتوجه في الوقت المناسب لكثير من الجهات وأولها تونس التي عاش فيها درويش وأحبّها. هل أخذتك السينما من المسرح؟ - لا لم تأخذني ولكن ظروفي الصحية باتت تحول دون قيامي بعدة ادوار على الخشبة قمت بها قبل عشر سنوات. كيف وجدت هذه الدورة لأيام قرطاج السينمائية؟ - بعكس ما يقال عن الفوضى وعدم التنظيم وتغيير البرامج.. أنا أعشق هذا المكان وأعشق عشق أهل تونس للسينما والمسرح وهذا العشق يجعلني اغض النظر عن كل سلبيات المهرجان التي يجب ان تعملوا على تغييرها اكثر ما يؤلمني شماتة الغرب فينا، في حفل الاختتام حضر اوروبيون وكم آلمني أن يتعطل ميكروفون وأن يحصل ذلك الاضطراب في الإعلان عن النتائج، عامل الوقت غير موجود عند منظمي مهرجان قرطاج وعموما هذا مرض عربي، لا يوجد أي اعتبار للوقت والغريب ان العرب هم الذين اخترعوا الساعة «هذا إلي مجنني». هل من رسالة تختم بها هذا الحوار؟ - أحيي هذا البلد الذي كان عريس الثورات العربية وآمل أن يفتح التونسيون أعينهم باكرا على الحزب «الصح» لا السلفي ولا الديني لأن تونس لكل الناس، وأن تكتشف حقيقة هذه الأحزاب التي تتستر بالدين وتروّح سريعا. إلى أين ستذهب؟ - إلى الجوامع حيث يصلون، ألم يقولوا إنهم لا تهمهم الحياة الدنيا؟