إيران: الساعات القادمة ستشهد هجمات شرسة ضدّ إسرائيل    وزارة التجارة تدعو تجار التسويق والترويج عبر قنوات التوزيع الالكترونية إلى اعلام المستهلك بتفاصيل العروض المقترحة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    صفاقس: تنظيم يوم الأبواب المفتوحة بمركز التكوين والتدريب المهني بسيدي منصور للتعريف بالمركز والإختصاصات التي يوفرها    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    باجة: اعادة اكثار واحياء قرابة 5 الاف صنف من الحبوب بنجاح    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    ماهر الكنزاري: ''لا ألوم اللاعبين على الخسارة، بل أنا فخور بالروح التي أظهروها داخل الملعب''    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    شنيا الماكلة اللي تنفع أو تضرّ أهم أعضاء بدنك؟    الاتفاق على احداث لجنة قيادة وبرنامج وطني لتفعيل "إعلان قرطاج" للصحّة الواحدة    الملعب التونسي يعزز صفوفه بالحارس نور الدين الفرحاتي    إيران تعتقل عميلا للموساد الإسرائيلي    تحذير طبي: خطر الاستحمام بالماء الساخن قد يصل إلى الإغماء والموت!    بطولة برلين المفتوحة (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور ربع النهائي    منوبة: فتح الجزء الثاني من الطريق الحزامية " اكس 20 " بولاية منوبة    المنتخب التونسي يشارك في بطولة افريقيا للرقبي السباعي بالموريس يومي 21 و 22 جوان الجاري    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    ملتقى تونس الدولي للبارا ألعاب القوى: العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    عاجل/ بعد انذار بوجود قنبلة..طائرة تابعة لهذه الخطوط تغير مسارها..    المائدة التونسية في رأس السنة الهجرية: أطباق البركة والخير    تونس ترشّح صبري باش طبجي لقيادة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية    الكاف: تطوير القطاع الصحي بتدعيم طب الاختصاص وتوفير تجهيزات متطورة (المدير الجهوي للصحة)    بُشرى للفلاحين: انطلاق تزويد المناطق السقوية بمنوبة بمياه الري الصيفية    عاجل : ''طيران الإمارات'' تمدد تعليق رحلاتها إلى 4 دول    الحرس الثوري: استهدفنا مقر الموساد في تل أبيب وهو يحترق الآن (فيديو)    بشرى للمسافرين: أجهزة ذكية لمكافحة تزوير''البطاقة البرتقالية'' في المعابر مع الجزائر وليبيا    كأس العالم للأندية 2025: تعرف على جدول ترتيب مجموعة الترجي بعد الخسارة من فلامنغو    تعرفش علاش الدلاع مهم بعد ''Sport''؟    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    الصين تتهم ترامب ب"صب الزيت على النار"    الجيش الإيراني يتوعد بتصعيد الهجوم على إسرائيل في الساعات المقبلة    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    ترامب يهاجم ماكرون بعنف: ''لا يعرف سبب عودتي... ويُطلق تكهنات لا أساس لها''    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود لفك الحصار على غزة..    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    تحويلات التونسيين والسياحة تغطي أكثر من 80٪ من الديون الخارجية    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    الحماية المدنية : إطفاء 192 حريقا خلال ال 24 ساعة الماضية    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها: "لا أحد فوق المساءلة والقانون..ولا مجال للتردّد في إبعاد هؤلاء.."    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    كأس العالم للأندية : برنامج مباريات اليوم الثلاثاء    هيونداي 9 STARIA مقاعد .. تجربة فريدة من نوعها    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم أمام نادي فلامينغو البرازيلي    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"راشد الغنوشي" ل «الشرق الأوسط»: لست خميني تونس و هناك تحريض على حرب شاملة في تونس
نشر في التونسية يوم 02 - 12 - 2012

أكد الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة» في حوار أجرته صحيفة «الشرق الأوسط» خلال زيارته الأخيرة للندن، أن هناك تحريضا على حرب شاملة في تونس، وأن هناك طرفا معاديا للثورة يريد تدميرها ، وأن «الثورة المضادة من مصلحتها تفجير التناقضات في تونس في وجه الحكومة». وأضاف أن «هناك توجهات سياسية وإعلامية تدفع باستمرار إلى التشاؤم وإعطاء مشهد قاتم لتونس، مع أن المشهد العام فيها هو مشهد استقرار وتنمية وحرية، حتى وإن كانت الحرية تمارس بمبالغات وبعض التجاوزات».
وبالنسبة لعمل الإعلام التونسي الذي يؤخذ عليه أنه يعمل ضد الحكومة، قال الغنوشي ل«الشرق الأوسط» إنه «عندما تكون هناك مبالغة في تضخيم السلبيات حتى تغطي كل المشهد ولا يرى أي شيء إيجابي تنجزه الحكومة، أقول أحمد الله أن الإعلام التونسي لا يُقرأ في الخارج بالكامل وإلا ما جاء سائح لتونس، وأن 5 ملايين سائح زاروا تونس هذا العام وهذا دليل على أنهم لا يقرؤون إعلامنا».
«التونسية» تنشر نصّ الحوار
بعد سنتين من انطلاق الثورة في تونس، هل ترون أنها في طريق تحقيق أهدافها؟
هي كذلك إن شاء الله، فرغم أن الثورة حديثة، والديمقراطية التونسية التي أنتجتها الثورة بصدد الاحتفال بعيدها الثاني، فإن هذه الديمقراطية لها سبق زمني وعلى مستوى الإنجازات.. فخلال سنتين صمدت هذه الثورة في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية، واستطاعت أن تنجز انتخابات للمجلس الوطني التأسيسي الذي أعد مسودة للدستور وهي بصدد المناقشة، كما تمكن المجلس من إنتاج حكومة ائتلافية هي أيضا الأولى من نوعها من حيث أنها جمعت بين التيارين الإسلامي والعلماني، وتمكنت هذه الحكومة من تحقيق عدة إنجازات خاصة على صعيد التنمية. والهدفان الأساسيان للثورة هما الحرية والتنمية، لأنها جاءت ضد الاستبداد والفساد، وبالنسبة للهدف الأول فالتونسيون يتمتعون اليوم بحرية لم يتمتعوا بها في تاريخهم من قبل، فليست هناك صحيفة مقموعة، وليست هناك محاكمات سياسية، أي محاكمة للناس من أجل آرائهم، فلم يعد هناك تونسي يحاكم على آرائه، ولا صحيفة تمنع، ولا صوت يكمم، والمجتمع المدني يعمل بكل طاقاته. والهدف الثاني الذي هو التنمية ليس من المنتظر أن يتحقق في سنة أو سنتين أو حتى 10 سنوات، فحجم التخريب هائل، وحجم الفوارق بين الجهات هائل، والحكومة وضعت برنامجا للتنمية يعتمد على النموذج التنموي المجتمعي الذي يشجع على الاقتصاد الاجتماعي لإرساء بنية تحتية قوية يمكن من خلالها للمناطق الضعيفة تنمويا أن تغري وتستقطب الاستثمارات، باعتبارها محرومة منها بسبب ضعف البنية التحتية التي كانت تمركزت خاصة في المناطق الساحلية وتركت المناطق الداخلية خالية من المشاريع وعبارة عن خراب، فهناك برنامج شامل لمد الطرق السريعة لهذه المناطق ومد خطوط السكة الحديد لها، وكذلك نتوقع أنه رغم استمرار البطالة فإنها انخفضت قليلا وليست في تفاقم، وتوفر خلال سنة من عمل الحكومة أكثر من 100 ألف موطن شغل، فالبلاد على طريق التنمية بعد أن عرفت سنة زراعية خصبة، وسنة سياحية ناجحة، وسنة صناعية جيدة أيضا، وسنة دراسية موفقة كذلك، والعلم هو رأسمال التونسيين الأساسي، فكل هذا يجعلني أقول إن الثورة في طريق تحقيق أهدافها.
كما أن مشروع العدالة الانتقالية بصدد الانطلاق في عمله بعد أن تمكنت وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية من إعداد مشروع للغرض وإعداد الملفات اللازمة، وهذا المشروع معروض الآن على المجلس الوطني التأسيسي وهذا أيضا من أهداف الثورة، وهي محاسبة المظالم التي تراكمت خلال السنوات الخمسين الماضية في تونس، وهذا المشروع ليس لتنتصب المشانق، ولا من أجل إعدامات في الشوارع، وإنما لتتم تصفية مظالم الماضي عن طريق القضاء، وبهدف المصالحة وليس الانتقام، عبر كشف الحقائق وجبر الأضرار، انتهاء بالمصالحة بطرق قضائية وليس بطرق انتقامية.
هل ترون أن الشعب التونسي في المرحلة الحالية يتمتع بالوعي الكافي للتعامل مع الأوضاع الجديدة أم أنه فريسة سهلة للمتلاعبين سياسيا؟
عندما تمكن هذا الشعب من إنجاز ثورة فإن هذا يدل على تعبير معين هو أن 50 سنة من سيطرة الحزب الواحد والزعيم الأوحد على الإعلام وعلى القانون وعلى الثقافة والاقتصاد، كل هذا لم يفلح في السيطرة على هذا الشعب الذي تمكن من أن يتمرد على كل السجون التي فرضت عليه وأن ينجز ثورة، وهذا تعبير صريح عن أن كل أنواع الخداع لن تنطلي عليه، فهو شعب واع.
هل خيّبكم الشعب التونسي الذي ناضلتم من أجله طوال حياتكم؟
لم تغادرني القناعة يوما بأن هذا الشعب سينجز ثورة، وأن كل ألوان الضلال والتضليل التي سلطت عليه لن تنجح في خداعه عن الحقيقة.
بعيدا عما ينقله الإعلام، والذي وصف بأن فيه مبالغات، ما هي المشاكل الحقيقية والواقعية التي يواجهها الشعب التونسي؟
تونس تعيش مرحلة انتقالية من الاستبداد إلى ديمقراطية مستقلة، وكل مرحلة انتقالية تشهد قدرا من الاضطرابات، ففي البلاد هناك قدر من الاضطرابات، لكن بالقياس إلى غيرها تعتبر قليلة، والشعب يواجه مشاكل معيشية خاصة، وهناك غلاء للأسعار وبطالة، وقدر من الممارسة للحرية غير منضبطة، فالذين كبتوا خلال 50 سنة ثم أطلقت حرياتهم دفعة واحدة يحتاجون إلى وقت حتى يمارسوا هذه الحرية بمسؤولية، لكن الشعب مبتهج بما يتمتع به من حريات فقدها لأمد بعيد ويتطلع إلى ضبط هذه الحرية فتصبح حرية مسؤولة, والمشهد العام في تونس هو مشهد تفاؤل واستبشار بهذه الثورة واستبشار بالمستقبل، ويشعر التونسي بأنه يعيش صعوبات نتيجة مرحلة التحول، لكنه يتحمل ثمن ما يتطلع إليه من ديمقراطية، فالديمقراطية لا بد لها من ثمن والتونسيون يدفعون ثمن حريتهم.
تسلمتم كما الرئيس التونسي المنصف المرزوقي جائزة المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية «تشاتم هاوس»، على حسن التنسيق والتوافق في العمل بينكم رغم الانتقادات لبعض الأشخاص من ««النهضة»» بمحاولة فرض آرائها على حكومة «الترويكا»..
الحكم الإئتلافي من أصعب أنواع الحكم، لأنه يصعب التوفيق بين التوجهات المختلفة، ومن الطبيعي أن تكون هناك خلافات، وهذه التجربة حتى الآن وبعد سنة تعتبر ناجحة لأنها تمكنت ولأول مرة في البلاد من جمع ثلاثة تيارات مختلفة لتأليف حكومة واحدة، بينما عرفنا هذه التيارات منذ 50 سنة في صراع وفي تنافس، فأن تجتمع في حكومة واحدة فهذا هو المعنى الذي يحتذى به، والجائزة سلمت تأييدا لهذا الإنجاز في العالم العربي، وتونس بينت أنها يمكن أن تجمع بين هذه التيارات في حكومة واحدة، فإذا كان يمكن أن تكون هناك صعوبات فهذا أمر مفهوم، لكن الإرادة لدى الشركاء الثلاثة إرادة عازمة مصممة على استمرار هذه التجربة وإنجاحها وتوسيعها، ولم لا يتم ضم تيارات أخرى؟!
ما تقييمكم لأداء الحكومة حتى الآن؟
عملها معقول بالقياس إلى الظروف التي تأسست فيها، فخلال سنة من العمل تسلمت الحكومة الاقتصاد التونسي وهو في وضع صعب جدا بنسبة سالبة تصل إلى 8 في المائة تحت الصفر، والآن نسبة النمو تفوق 3 في المائة حسب المعهد القومي للإحصاء، وهذا إنجاز، والبطالة كانت في حالة تفاقم وزيادة، الآن البطالة في حالة انكماش، ووفرت الحكومة ما لا يقل عن 100 ألف موطن شغل خلال هذه السنة، وهناك 25 موطن في الآفاق وستستوعبها الوظيفة العمومية، كما أن هناك إنجازات على صعيد المجلس الوطني التأسيسي، وتقدما في إنجاز الدستور.
التشويش السياسي والإعلامي على عمل الحكومة والذي اشتكيت منه في مناسبات متعددة، من وراءه؟
ما تمر به بلادنا تجربة جديدة وممارسة للحرية ليست لنا فيها ثقافة وتقاليد راسخة، نحن عشنا أكثر من 50 سنة في الاستبداد، فأن ننتقل دفعة واحدة إلى الحرية فهذا يحتاج لأن تترسخ وتتراكم عندنا عادات لتصبح ممارسة الحرية ممارسة مسؤولة، فما يحدث مفهوم. كما أن هناك قوى مضادة للثورة، وهي من العهد الماضي وتريد أن تعود، وتسعى لأن تثبت أن التجربة فاشلة، ومن أجل العودة إلى الماضي لا بد من إقناع التونسيين بأنهم أخطؤوا إذ قاموا بالثورة، وبالتالي لا بد من إعاقة كل عمل ناجح حتى يُحكم على الثورة بأنها خاطئة، وأن التونسيين ما كان عليهم أن يثوروا، وبالتالي نرى أن هناك توجهات سياسية وإعلامية تدفع باستمرار إلى التشاؤم وإعطاء مشهد قاتم لتونس، مع أن المشهد العام في تونس هو مشهد استقرار وتنمية وحرية، حتى وإن كانت الحرية تمارس بمبالغات وبعض التجاوزات، لكنها تبقى تجاوزات مفهومة في مرحلة انتقالية.
مشروع «تحصين الثورة» الذي سيقدم للمجلس التأسيسي هل هو ضربة أردتموها لحزب «نداء تونس» المعارض الذي يعتبر من أهم تكتلات المعارضة؟
مشروع «تحصين الثورة» قدمته 5 كتل في البرلمان من جملة 7 كتل، ومعها عدد من المستقلين، وهو ليس موجها ضد حزب معين، ف«نداء تونس» هو حزب معترف به وليس كله مكونا من رجال العهد القديم، فهو خليط من يساريين وقوميين وبعض الحزبيين القدامى، وككل قانون «تحصين الثورة» طابعه ليس موجها ضد شخص معين ولا لحزب وإنما بهدف حماية الثورة من أن يلتف عليها من قامت عليهم، حيث إنها قامت على العهد القديم، وقامت على حزب «التجمع»، فليس معقولا أن يسمح ل«التجمع» بأن يعود ليحتل مواقعه من جديد، فكل ثورة تدافع عن نفسها ضد خصومها، وللتذكير فإن الثورة الفرنسية، وجزء من نخبتنا خلفيته فرنسية، واجهت حركات ردة حتى عاد النظام الملكي وتحولت إلى إمبراطورية ولم يستقر أمرها حتى نحو 100 سنة تقريبا، وحتى الآن ممنوع تكوين حزب ملكي في فرنسا. فكل ثورة من حقها أن تدافع عن نفسها، والثورة التونسية ثورة سلمية حيث لم تعلق المشانق لأحد، وكل المسجونين الآن من مساجين العهد القديم هم 10 أو 12 شخصا، وبين الحين والآخر يتم إطلاق سراح بعضهم، لكن في الوقت نفسه لا ينبغي أن يقع التطاول عليها والالتفاف حولها وعودة النظام القديم وكأن الثورة لم تقع.
هذا الحظر السياسي لا يعني عقوبة جماعية، فالعقوبة طابعها فردي، ولن يحاكم رجال العهد الماضي بالجملة، وهو فقط تحصين سياسي للثورة وليس عقابا جماعيا لأن المحاكم تتعامل مع الناس أفرادا، فمن سيحاكم هو من ارتكب جريمة في حق الشعب، وعذب مثلا، ونهب أموالا، أو زيف انتخابات، ولكن لن يسجن الناس بالجملة، والقضاء هو الطريق إلى العقاب.
من من مصلحته أن يحرض على حرب شاملة في تونس؟
هناك طرف معاد للثورة ولذلك يريد تدميرها من خلال تفجير التناقضات، بحيث يتم ضرب السلفيين بالنهضويين وضرب النهضويين بالسلفيين، والثورة المضادة من مصلحتها تفجير التناقضات في تونس في وجه الحكومة والجهات الأخرى التي تنتمي للمعارضة السياسية.
هل لأطراف خارجية مصلحة في إفشال الثورة في تونس؟
- لا شك أن هناك أطرافا من مصلحتها ذلك، ليست جهة محددة ولكن من هم مستاؤون من ثورات الربيع العربي، وليسوا سعداء بنجاح الثورة.
المشكلة بين الحكومة والإعلام، هل تحولت إلى حرب؟
ليس إلى هذا الحد، ولا نتحدث عن الإعلام بالجملة، فالإعلام متنوع ومتعدد، وعادة وفي كل مكان الإعلام طبعه نقدي، لكن عندما تكون هناك مبالغة في تضخيم السلبيات حتى تغطي كل المشهد ولا يرى أي شيء إيجابي تنجزه الحكومة، مما يجعل المشهد وكأن تونس متجهة إلى مأزق وإلى الغرق، فإننا نعتبر هذا ممارسة غير مسؤولة، خاصة عندما يصل الأمر إلى حد تشويه الصورة، وأحيانا أقول أحمد الله أن الإعلام التونسي لا يُقرأ بالخارج بالكامل، وإلا ما جاء سائح لتونس، فكون تونس أتاها 5 ملايين سائح هذا العام فهذا دليل على أنهم لا يقرؤون إعلامنا.
الحكومة كيف ستواجه هذا الوضع، هل ستتصرف بحزم أكبر لضبط الأمور؟
- ينبغي تطبيق القانون.. والحكومة لا يسعها أن تتصرف خارج القانون، وينبغي أن يكون هناك ميثاق شرف إعلامي يحفظ حرية الإعلام ويجعله مسؤولا عن مصالح البلاد العليا فلا تتعرض للتهديد، ولكن هذا ينبغي أن يصدر عن الإعلاميين أنفسهم وليس من خارجهم، وينبغي للحكومة أن تكون قادرة على التعريف بإنجازاتها عبر وسائل وأدوات تواصل مع شعبها حتى يعلم ماذا تنجز. وفي النهاية أحسب أن الحرية تنظم نفسها بنفسها، وسيكون المشهد الإعلامي متنوعا لأن الحرية هي بطبيعتها تخلق المنافسة والتعدد، وهذا وقت عابر وسيكون مشهدا في ظل ديمقراطية مستقرة.
ما يحدث في سوريا أريد رأيكم فيه كمفكر وسياسي، وما هو السيناريو المحتمل؟
هذا جزء من مسار الربيع العربي، ولن يكون مصير ثورة سوريا إلا ما كان لبقية الثورات من انتصار إن شاء الله، فالشعب السوري عريق في حضارته، وهناك ثورة عميقة جدا وواسعة جدا، ولن يكون لنظام بشار إلا ما كان لنظام مبارك وبن علي وغيرهما، ونتوقع سقوط النظام السوري لا محالة وأراه رأي العين المحتوم. وما أعجب له هو الدعم الذي يلقاه بشار الأسد، ليس من روسيا ومن الصين فحسب، بل ما يلقاه من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونتوقع من دولة هي سليلة ثورة أن تكون داعمة لكل الثورات كما دعمت الثورة الفلسطينية.. نتوقع من الجمهورية الإيرانية أن تكون إلى جانب الثورة السورية، لأن بشار الأسد سيزول وسيبقى هناك شعب سوري، فحري المراهنة عليه وليس المراهنة على دكتاتور لا يختلف عن الشاه.
وماذا عن الانتخابات وحظوظكم مع التحالفات؟
لسنا مستائين من اتجاه الأحزاب إلى التجمع، بل نرى الوضع الطبيعي أن تتجمع هذه الأحزاب لأن تونس ليس فيها 150 مشروعا لتؤسس 150 حزبا، هناك 3 أو 4 مشاريع، فالطبيعي أن يكون في تونس 3 أو 4 أحزاب أو حتى حزبان، وبالتالي فاتجاه الأحزاب للتجمع هو الاتجاه الطبيعي الذي يحقق المصلحة الوطنية والتحول الديمقراطي حتى يكون الأمر كما هو الشأن في الديمقراطيات العريقة، أن ينتقل الحكم من حزب إلى حزب معارض أو ثلاثة أحزاب على الأكثر كبرى، ونحن لسنا في خشية من هذا التوجه. أما عن حظوظنا في الانتخابات القادمة فهي كبيرة بإذن الله، وعقلاء تونس وكل المحللين لا يتصورون أن إدارة تونس في المستقبل على الأقل القريب والمتوسط ستكون بعيدة عن ««النهضة»».
هل اطلعتم على مسودة الدستور، وهل أنتم راضون عنها؟
نعم، هي تجسد حلم التونسيين منذ القرن ال19 في إرساء نظام سياسي يجمع بين قيم الإسلام والحداثة، ودولة الاستقلال فشلت في ذلك، والاستعمار الفرنسي أجهض ذلك الحلم، وكان الأمل أن يتجدد الحلم مع الاستقلال لكن لم يحصل ذلك، وقد كان استقلال البلاد على حساب قيم الحداثة وقيم الإسلام معا، فلا احتُرمت الحرية، ولا احتُرم الإسلام. الثورة قامت أيضا على الاستبداد والفساد تأسيسا على قيم الإسلام والحداثة، والدستور يجسد ذلك الحلم، لأن التونسيين مؤهلون لأن يدخلوا عالم الحداثة من باب الإسلام وليس من باب التمرد على الإسلام كما المشروع البورقيبي.
يُطرح في مجالس إعلامية ومواقف بعض السياسيين أن الشيخ راشد الغنوشي هو خميني تونس..
هذه أوهام يصطنعها بعض الناس للإساءة لمشروعنا، والبعض الآخر يتداولها جهلا وتوهما، لأن حركة «النهضة» حركة حديثة وليست حركة صوفية تتمحور حول شيخ، ولا هي حركة شيعية تتمحور حول ولاية الفقيه.. فهي حركة سنية وحركة ديمقراطية حديثة القرار فيها للمؤسسات، والغنوشي لم يكن دائما رئيس الحركة فقد ترأس الحركة غيره أكثر من مرة، والغنوشي لم ينتخب قط ب99 في المائة، وكنت أحيانا أنتخب ب60 في المائة و63 في المائة. وكل من لديه اطلاع على حركة «النهضة» يدرك أنها حركة مؤسسات، وأن القرار فيها بالأغلبية، واتخاذ القرار صعب جدا يمر بمراحل معقدة، وأن الغنوشي يكون أحيانا في الأقلية وأخرى في الأغلبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.