نظّم أمس القطب الحداثي لقاء بعنوان «من أجل يسار ديمقراطي بديل» أثّثه الصحفي والمحلّل السياسي «آلان غريش» الذي تطرّق إلى واقع الثورات العربية والنماذج التي يجب اتباعها للخروج من الصدامات. وقال رياض بن فضل عن القطب الحداثي ل «التونسيّة» إنّ هذا اللقاء يندرج ضمن سلسلة ندوات أخرى قام بها القطب حول الانتقال الديمقراطي والتي تطرّقت إلى كيفية إصلاح المنظومة الأمنية والمنظومة الإعلامية وسياسات التشغيل في انتظار ندوات مستقبلية تتعلّق بالمنظومة التربوية وأخرى حول قانون المالية لميزانية 2013. وأضاف بن فضل أنّ هدف هذه الندوات تبادل الآراء مع المواطنين لتحديث برنامج الحزب السياسي والاجتماعي والاقتصادي مؤكّدا أنّ القطب حاول الاستفادة من تجربة الانتخابات الماضية باستخلاص الدروس لطرح البديل ضمن العائلة الديمقراطية الموسعة لكسب الاستحقاق الانتخابي القادم مشيرا إلى أنّ هناك ضرورة لبناء تحالف واسع يمتدّ من الجمهوريين والدستوريين الذين لم تتلوّث أياديهم إلى أصدقائهم في الجبهة الشعبيّة لتكوين تحالف انتخابي مبني على مدنية الدولة وقيم الجمهورية. وأكّد بن فضل أنّ كافّة أعضاء القطب على قناعة بأنّ كّل تحرّك سياسي ينجرّ عنه إقصاء اجتماعي أو سياسي أو فكري هو كارثة وطنية مشيرا إلى انّهم ضدّ مشروع تحصين الثورة لأنّ اتخاذ مثل هذا القرار ينمّ عن عدم ثقة الطرف المسؤول في اختيارات شعبه مضيفا أنّ لا حاجة للشعب الذي هزم منظومة الفساد بالوصايا وأنّه قادر على الاختيار مشيرا إلى انّ الانتقال الديمقراطي هو الوحيد الذي يتطلّب التحصين تجنّبا للحرب الأهلية . و قال بن فضل إنّهم في «القطب الحداثي» يؤكّدون على ضرورة حلّ رابطات حماية الثورة مطالبا «النهضة» بضرورة اتخاذ موقف واضح تبعده عن ازدواجية الخطاب وأخذ التدابير العملية للانتقال الديمقراطي. أمّا «آلان غريش» فقد اعتبر انّ هذا اللقاء هو فرصة للحديث عن مشاكل العالم العربي جرّاء الثورات والتطرّق إلى مدى المخاطر التي يمكن أن تنجرّ عنها مؤكّدا على ضرورة الاستفادة من تجارب سابقة ليتّخذ من المشاكل التي عرفتها فرنسا نهاية القرن التاسع عشر نموذجا مبرزا كيف تأقلمت فرنسا مع اللائكية رغم الصراع الذي صنع آنذاك بوجود الكنائس الكاثوليكية. كما تطرّق إلى مدى أهمية الثورات العربية التي استطاعت القضاء على أنظمة دامت قرابة الخمسين سنة مشيرا إلى التحرّكات التي شملت العالم العربي ككلّ ورفض شعوبه للاستبداد المسلّط عليها رغم الاختلاف في ما بينها. وتطرّق «غريش» إلى مسألة الحكومات الجديدة والتيارات الدينية التي انبثقت بعد الثورات في إشارة إلى حركة «النهضة» بتونس والإخوان المسلمين بمصر والسلفيين ومسألة تطبيق الشريعة ليؤكّد انّ رفض المصريين للإخوان أو لبعض الحركات الدينية الأخرى لم يكن نتيجة خلفيات دينية أو عقائدية وإنمّا لاقتناع الكثير بأنّ خطابهم غير صادق . وتطرّق «غريش» إلى مسألة اليساريين وتاريخهم والمواجهات التي يعيشونها ليؤكّد أنّ الصدامات والمواجهات التي تعيشها مختلف العواصم العربية اليوم هي عادية جدّا ويستوجبها الانتقال الديمقراطي مشيرا إلى انّها تطلّبت في بعض الدول الأخرى التي شهدت ثورات من قبل وقتا طويلا لاستعادة الاستقرار فيها، داعيا الجميع إلى التحلّي بالتفاؤل.