تمثل جهة سليانة منطقة ثرية بمدخراتها من المواد الانشائية القابلة للاستغلال والتحويل وهي بذلك تضم 66 موقعا معروفا ومدروسا من قبل الدوائر الفنية على المستويين الوطني والجهوي ولايزال أغلبها يترقب مبادرة الباعثين والمستثمرين. وعلى الرغم من تزايد الطلب على المواد الانشائية وخصوصا ما يتعلق منها بالمجالات الواعدة مثل الخزف والآجر العادي والعازل وتحويل الرخام وصناعة الفسيفساء بقي الاستغلال والتحويل دون دون المستوى المأمول. دراسات معمّقة طبقا لاتفاقية التعاون المبرمة سابقا بين ديوان تنمية الشمال الغربي والديوان الوطني للمناجم شملت الدراسات الجيولوجية الأولية47 موقعا منها 8 للكلس و13 للحجارة الرخامية و18 للطين و4 للجبس و3 مواقع أخرى للرمل السيليسي. وقد تمّ حصر صنفين من الحجارة الرخامية الأول تحتضنه جبال كسرى وله أهمية بالغة من حيث المخزون والنوعية إذ يمتاز بصلابته ولونه البنّي وخصائصه الفيزيائية عالية الجودة في حين يتطابق الثاني مع رخام تالة ويوجد بمناطق عين الديسة (سليانة الشمالية) ودير الخلصة والحصحاصية (مكثر) وهو طباشيري اللون أو رمادي مبيضّ ويعتبر الأكثر انتشارا واستعمالا خاصة داخل المباني. كما تشير الاستنتاجات الأولية الى وجود مخزون هائل من المواد الأولية لصناعة الاسمنت المعروفة بحجارة الكلينكر (Clincker) بجبال الغرّافة والصفاية من منطقة الجوّى على بعد عشرة كيلومترات شمال مدينة سليانة. وبالنظر الى خارطة المقاطع في ولاية سليانة توجد الحجارة الكلسية أساسا بجبل برقو وجبال السرج وبلوطة (سليانة الجنوبية) ولخوات (قعفور) والحصحاصية وسند الحدّاد وسوق الجمعة (مكثر) وكذلك في جبل (مستي)، (بالكريب). مواد ثمينة أخرى في كسرى تمّ اكتشاف مواد كلسية يمكن ادراجها في صناعة الدهن وفي التغذية الحيوانية وفي تصفية عصير اللفت السكري. أما المواد الطينية فمنها نوع صالح لصناعة الآجر والخزف والقرميد بمناطق سيدي ابراهيم وراقوبة بيجقا (بوعرادة) وكاف بوجة (برقو) وعين البيضاء (لخوات قعفور). أما النوع الثاني فله خصائص فيزيائية تجعله مطلوبا في عديد الصناعات مثل تصفية الزيوت وصناعة القوالب (moules) وبعض المواد الصيدلية ومواد التنظيف. وقد تمّ رصد مدّخرات هامة من هذا النوع بكل من كاف القط بطريق البرّامة (قعفور) وعين الزبدة (شرق مكثر). ويتواجد الرمل السيليسي الصالح لصناعة البلور الأجوف والملّون وتفوق نسبة السيليس فيه 98 بالمائة. وتستعمل هذه المادة في أغراض صناعية أخرى مثل الخرسانة والقوالب المعدّة للقطع الميكانيكية. قعفور تحتوي هي الأخرى على مدّخرات معتبرة من مادة الجبس ذات النقاوة العالية (صفاؤها بين 87٪ و95٪) ويمكن استعمالها في قوالب الزخرفة والنقش وفي طلاء الجدران وصناعة الاسمنت. كل هذه المدّخرات من المواد الانشائية المستغلة حاليا بصورة جزئية يمكن أن تشكل سندا للتنمية الجهوية في ولاية سليانة الغنية بحجارتها الثمينة وعاملا مهمّا في تنويع قاعدتها الاقتصادية واثراء نسيجها الصناعي خاصة أن الاستثمار فيها يحظى بكثير من الحوافز والتشجيعات. وقد تركزت على مدى السنوات الأخيرة وحدات لصقل الرخام تصدر انتاجها الى عديد البلدان الأوروبية والأمريكية.