يؤكد الرسام محمد أكرم خوجة (أصيل عاصمة الفاطميين) من يوم الى آخر أحقيته بالحضور في المشهد التشكيلي الوطني وارفا كعادته بأعمال فائقة الدهشة يقتفي مآثر والده الفنان الراحل علي خوجة وينحت له البصمة المخصوصة. أسس وبعث للوجود رواقا للفن التصق عنوانه باسم أبيه ثم أذعن ساخنا مثل نسمة «شرش» بلغة البحارة بحبر بياض التراب بأزرق المتوسط القاني وعمّر تفاصيل لوحاته انعكاسات النبض الناعم على تلال الماء يصور امتدادات الموج وأحلام الصيادين ثم هدير المراكب تطفو فوق حراك المتوسط، ليمضي باقتدار ملحمة مدينة المهدية بكل تداعياتها، بهجتها وقلقها... وقبيل إقامة المعرض تناول الشاعر جلال باباي لوحاته بدراسة لم تكتمل نورد منها ما يلي: «هو الآن في مفترق الطريق يحتدم بهواجس القادم العاصف بالتقلبات، فتختلط ايقاعات الأرصفة وتتوحد ملامح الوجوه صوب موجة الغضب العارمة التي هزّت شوارعنا إثر اندلاع ربيع الثورات العربية، فاستطاع برؤيته المخصوصة بلا انفعالات أو مزاجية متسارعة أن يتأبّط في خطواته ويؤلف عن تروّ عتبة تجربة فنية نفسية غاية في الجمال والكمال اختار لها من العناوين «الأحلام المظللة» أو ما خيّر تسميته ب «أحلام تحت الظل»... «وهي جملة من اللوحات قارب عددها الأربعين سيعرضها بداية من السبت 15 والى غاية 30 ديسمبر 2012 بفضاء المركب الثقافي محمد معروف بسوسة في حين تطالعنا وتثير فينا العديد من التساؤلات أسماء مثل «كابوس»، «إمرأة تبكي»، «طفولة»، «باب أزرق»... وبين الاسم والآخر رحلة نحو ذاكرة الشخوص أو ما يشبه تحليلا نفسيا لملامح الوجه مرورا بالحلم وتداعياته الليلية... ثم يضيف جلال باباي قائلا: «الرسام: محمد أكرم خوجة وكما تراءى لي ضمن هذا اللعب الجديد بالفرشاة أقرب الى طبيب نفساني أو مسافر زاده التوجسات، الخيال وأحداث متقادمة طفت فجأة تطلب خربشات الرسام بأن يتصالح مع طفولته المتعثرة ويقرأ في كف امرأة منسية أو ربما يقتفي ملامح كابوس استعاد يقظته بعد نعاس طال فوق وسادته الخالية... لن نستطيع فك رموز عتبة العنوان لأنها بصدق مظلّلة، غارقة في الأرق...».