بعض فصول المشروع الأولي لقانون المالية كانت «ستدخل البلاد في حيط» إدارة الأداءات تردّ
أكد نورالدين فتح اللّه متفقد مركزي بالادارة العامة للأداءات التابعة لوزارة المالية ل«التونسية» إن الفساد لازال ينخر هذه الإدارة وأن هنالك «لوبيات» داخل الادارة العامة للأداءات والادارة العامة للتشريع الجبائي تصول وتجول إلى حدّ اليوم وهي التي سيطرت ولاتزال على المنظومة الجبائية وقال «لازالت دار لقمان على حالها». وأضاف «أن هناك أطرافا تعمل ضدّ المصلحة الوطنية من أجل خدمة مصالح سياسية ضيّقة وهذه الأطراف موجودة صلب أعلى هرم المجلس الوطني للجباية». وذكر فتح اللّه أنه وقع لفت نظر السيد وزير المالية إلى كلّ هذه الاخلالات، إلاّ أنه لم يحرك ساكنا وأشار المتحدث إلى أنه من مظاهر الفساد كذلك انه لم يتم التفويض بالامضاء لرؤساء المراكز، حيث لم يقع اصدار أي قرار توظيف اجباري من طرف رؤساء المراكز الجهوية لمراقبة الأداءات. واعتبر فتح اللّه أن امضاء قرار التوظيف من طرف وزير المالية نفسه يثير التساؤلات وقال: «نحن نجهل أسباب وخلفيات هذا القرار». وأفاد المتحدث أن «ما يحدث صلب المنظومة الجبائية مسيّس، مشيرا الى وجود أطراف تسعى الى تكريس العجز في ميزانية الدولة وافشال الحكومة». التحيّل متواصل من جهة أخرى قال نورالدين فتح اللّه «انّ مظاهر التحيّل الجبائي تتمّ في بعض القباضات من خلال تسجيل عقود بأرقام بطاقات تعريف وهمية خاطئة ومخالفة لهوية المشتري وذلك بهدف عدم تمكين مصالح المراقبة من الاطلاع على المشتريات في المنظومة الاعلامية على حدّ قوله. وأشار فتح اللّه الى أن هذه الظاهرة مازالت متواصلة الى حدّ اليوم. وتطرق الى مظاهر أخرى للفساد الاداري مثل وجود سمسرة جبائية لا بدّ من العمل على القضاء عليها وأفاد المتحدث أن المشروع الأولي لقانون المالية لسنة 2013 تضمن فصولا «تدخل البلاد في حيط» على حدّ تعبيره مشيرا الى بعض الفصول التي تقر بإجراء مراجعة معمقة للشركات المصادرة معتبرا ذلك «خطأ فادحا» نظرا إلى أن القانون يسمح بمسك الوثائق والفواتير وغيرها لمدة عشر سنوات. وقال فتح اللّه إنه من بين الأخطاء التي تمّ ارتكابها كذلك توظيف معلوم 50 دينارا على دخول السيارات الجزائرية والليبية على الحدود التونسية واعتبر المتحدث أن هذا المعلوم يخرق مبدأ المعاملة بالمثل بين البلدين ويضر بالسياحة التونسية. وذكر المتحدث أن هناك فصلا «كارثيا» وقع تمريره على حدّ قوله ويتمثل هذا الفصل في تمكين الشركات المزمع انشائها سنة 2013 من الاعفاء من الأداءات مشيرا الى أن هذا الفصل يكرّس مبدأ المنافسة غير النزيهة ويحث أصحاب الشركات على اغلاق شركاتهم من أجل إعادة فتحها من جديد سنة 2013. وأفاد المتحدث أن العديد من الكفاءات وأعوان الأداءات على مستوى الوزارة الأولى منعوا العديد من هذه الفصول صلب قانون المالية واقترحوا مشروع اصلاح كامل لقانون المالية لسنة 2013 مشيرا الى أن المراسيم التي وقع تكريسها تتنافى ومبدأ العدالة الجبائية. وفي ما يتعلق بمسألة العفو الجبائي قال المتحدث إن هنالك فشلا ذريعا في نتائج العفو الجبائي وذلك من خلال احتكار سلطة القرار وعدم تشريك كفاءات الادارة العامة للأداءات والادارة العامة للمحاسبة العمومية في صنع القرار. تجاوزات صلب إدارة الأداءات وأوضح فتح الله أن من مظاهر التجاوزات صلب الإدارة العامة للأداءات تكوّن لجان غير قانونية مشيرا الى أن اللجنة الاستشارية التي تكونت في 12 أفريل 1999 انبثقت عنها عدة لجان وأصبحت العرائض المودعة لدى وزارة المالية محل نظر اللجنة الاستشارية والعرائض المودعة صلب الادارة العامة للأداءات محل نظر لجان غير مقنّنة. وأفاد فتح الله ان القرارات التعقيبية يتم إخفاؤها عن بقية الأعوان مشيرا الى ان القرارات التعقيبية تعود بالنظر الي شخص واحد فقط. وذكر المتحدث ان هذه النقطة تطرح اسئلة عديدة حول الأخطاء الشكلية التي قامت بها وحدة النزاعات وتسائل محدثنا عن مدى مشروعية اللجان التي تنظر في الملفات الجبائية ما قبل صدور قرار التوظيف الاجباري. واعتبر محدثنا ان كل هذه التجاوزات من شأنها ان تفتح الباب أمام عمليات السمسرة الجبائية وكذلك إهدار المال العام. وقال فتح الله ان العديد من المدير ين يتسترون على ملفات الفساد ويحافظون على مصالح بعض ما أسماها «العصابات» على حد تعبيره مشيرا الى ان سلطة القرار اصبحت مختارة من طرف واحد. ودعا فتح الله في هذا الصدد الى ضرورة تشريك كافة الأطراف في اتخاذ القرار سيما أن العديد من الاطراف ترفض تشريك «أولاد الميدان» في القرارات المصيرية. ودعا نورالدين فتح الله الى ضرورة فتح ملفات الفساد صلب الإدارة العامة للأداءات والكف عن التعيينات الخاضعة للولاءات مشيرا الى أن مدير الادارة العامة للأداءات لازال يحافظ على رموز الفساد حيث قام بتعيين احد المدير ين بمركز جهوي رغم صدور شكاية لدى وكيل الجمهورية ثابتة عن طريق وحدة التفقد. وتسائل محدثنا عن اسباب تجميد تتبعات قابض المالية لمدة 6 أشهر وعن اسباب اخفاء القرارات التعقيبية من طرف رئيس وحدة النزاعات عن بقية الاعوان مشيرا الى ان كل هذه التساؤلات تفتح المجال الى مزيد من الاتجاه نحو التستر على الفساد والمفسدين. إدارة الأداءات توضح وباتصالنا بالادارة العامة للأداءات حول اهم التجاوزات صلب هذه الادارة اكدت مصادرنا انه لم ينبثق عن اللجنة الاستشارية أية لجان اخرى مشيرا الى أنه ان كان المقصود هي «لجنة تأطير ومتابعة الملفات الجبائية» التي كانت تجتمع في الادارة العامة للأداءات فقد كان دورها النظر في الاعلامات بنتائج المراجعة المنتظمة لمبالغ تفوق 000 500 دينار (قبل تبليغها الى المطالبين بالأداء) بهدف اضفاء مزيد من المصداقية في اعمال الادارة وفي اطار التحسب من الأخطاء التي قد تنجم عن تأويل النصوص القانونية من قبل اعوان الجباية وذلك نظرا لأهمية المبالغ المضمنة بتلك القرارات (سواء بالنسبة للمطالب بالضريبة أو للخزينة العامة). أما بالنسبة للجنة الادارية المكلفة باعادة النظر في قرارات التوظيف الاجباري الصادرة في مادة الضريبة على الدخل بعنوان القيمة الزائدة العقارية فقالت مصادرنا انها أيضا لجنة محدثة بقرار وزير المالية عدد 847 بتاريخ 7 سبتمبر 2004 وتختص في النظر في العرائض المتعلقة بقرارات التوظيف الاجباري الصادرة في مادة الضريبة على الدخل بعنوان القيمة الزائدة العقارية. وأشارت مصادرنا الى ان اللجنتين مستقلتان تماما عن اللجنة الاستشارية وأنه لم يعد لهما وجود قانوني منذ احداث لجنة اعادة النظر في قرارات التوظيف الاجباري للأداء في غرة جانفي 2011. وردا على سؤالنا المتعلق بأسباب الغاء قرار التوظيف الاجباري اوضحت مصادرنا ان قرار التوظيف الاجباري للأداء هو قرار اداري يصدره رؤساء المراكز الجهوية لمراقبة الأداءات بتفويض من وزير المالية وأنه طبقا لاحكام الفصل 131 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية يمكن لوزير المالية او للمدير العام للأداءات بتفويض من وزير المالية تعديل او سحب قرار التوظيف الاجباري للأداء بمقتضى مقرر وذلك بناء على رأي لجنة اعادة النظر في قرارات التوظيف الاجباري للأداء. وفي ما يتعلق بأسباب تجميد تتبعات قابض المالية لمدة 6 أشهر افادت مصادرنا انه في بعض الملفات يتبين ان مصالح الجباية قامت بخطإ ما أثناء اعداد قرارات التوظيف الاجباري للأداء وهو ما يفرز عادة مطالبة المطالبين بالأداء قصد النظر فيها وأنه في انتظار بت اللجنة المذكورة في الملفات يتم اقتراح ايقاف اجراءات الاستخلاص من قبل قابض المالية في حدود المبالغ غير المستوجبة (والتي يتم تحديدها بمقتضى دراسة مفصلة) لمدة 6 أشهر الى غاية الحصول على الموقف النهائي للجنة والمتمثل في التراجع جزئيا او كليا في قرار التوظيف وبالتالي فإن تجميد تتبعات قابض المالية لمدة 6 أشهر هو اجراء وقتي لا غير يهدف الى عدم اثقال كاهل المطالبين بالأداء ومطالبتهم بخلاص مبالغ غير مستوجبة من جهة والتي تترك امكانية التتبع واردة من قبل قابض المالية وحماية الخزينة في صورة إقرار اللجنة لصحة اجراءات التوظيف. وبخصوص مسألة اخفاء القرارات التعقيبية أوضحت مصادرنا ان الادارة العامة للأداءات تقوم باستخراج القرارات التعقيبية الصادرة في القضايا التي يرفعها المطالبون بالأداء في طور النزاع الجبائي وانه تتم موافاة العون المكلف بالملف المعني بنسخة من القرارات المذكورة قصد اعادة نشرها أمام محكمة الاستئناف او قصد تبليغها الى قابض المالية المختص واعلامه بالمبالغ النهائية المحكوم بها وانه بالتالي فإن اخفاء القرارات التعقيبية من طرف رئيس وحدة النزاعات عن بقية الأعوان غير مطابق للواقع. وقالت مصادرنا ان الادارة العامة للأداء تقوم بتشريك اعوانها في اتخاذ القرارات كلّما كان ذلك ممكنا. وفي ما يتعلق بالتعيينات القائمة على الولاءات والمحافظة على رموز الفساد أوضحت مصادرنا أنه يتم تعيين رؤساء المراكز الجهوية لمراقبة الأداءات إثر حركة عامة شارك فيها كلّ أعوان الادارة (في المركز والجهات) أشرفت عليها لجنة متكونة من الاطارات المركزية والجهوية بالإدارة العامة للأداءات وأنه قد تم ترتيب مختلف المشاركين في الحركة بصفة موضوعية حسب جدول تقييمي يأخذ بعين الاعتبار أساسا الكفاءة والأقدمية وبالتالي لا يوجد أي أساس غير موضوعي في التعيينات وخصوصا في تعيين رؤساء المركز الجهوي لمراقبة الأداءات حسب الولاءات (حزبية كانت أو شخصية). ونفت مصادرنا صدور أية شكاية ضدّ أي رئيس مركز مشيرا الى ان الادارة العامة للأداءات لن تتردد في اخذ الاجراءات القانونية اللازمة والصارمة ضدّ أي رئيس مركز جهوي لمراقبة الاداءات او أي عون بالإدارة يثبت تورطه في قضايا فساد.