بقلم: مصطفى قوبعة جمهورية السيشال هي دولة تقع جنوب شرقي القارة الإفريقية وتتكون من مجموعة جزر عائمة على المحيط الهندي. هذه الجزر المشهورة بشواطئها الساحرة وبمناظرها الطبيعية الخلابة اكتشفها التونسيون سرا وعلانية في العشرية الأخيرة سواء من خلال تحقيقات وسائل الإعلام أو من خلال ما تداولته أحاديث الصالونات والمواقع الإعلامية الافتراضية. تحدثت وسائل الإعلام عن جمهورية السيشال في مناسبتين رئيسيتين على ما أتذكر، المناسبة الأولى كانت على هامش أول مباراة في كرة القدم جمعت منتخبنا الوطني لكرة القدم مع نظيره السيشالي في فكتوريا عاصمة السيشال. أما المناسبة الثانية فكانت حول ما راج عن زيارة رسمية لوزير خارجيتنا إلى هذه الجمهورية على رأس وفد من رجال الأعمال بمبادرة من الغرفة التجارية والصناعية بصفاقس. وبين هذين المناسبتين المتباعدتين في الزمن تداولت أحاديث الصالونات وتناقلت بعض المدونات عديد المرات خبر زيارات متكررة للعائلة الحاكمة السابقة إلى هذه الجمهورية بحثا عن الاستجمام وعن الترويح عن النفس وعن إمكانية تحويل جزء من أموالها إلى بنوك هذه الدولة الإفريقية النائية التي تعتبر من «جنات» المال. والمهم هنا أنه ما كاد التونسيون ينسون موضوع زيارة وزير خارجيتهم إلى السيشال الصائفة الماضية وما رافقه من تساؤلات عن جدوى هذه الزيارة لدولة لا تتعدى مساحتها 445كلم2 ولا يتعدى عدد سكانها 90 ألف ساكن حتى طفى اسم جمهورية السيشال من جديد وبقوة على سطح الساحة الإعلامية في تونس، والمناسبة كانت حلول صخر الماطري بمطار فيكتوريا على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية وتصريح وزير العدل المتسرع والارتجالي وتقديمه لمعلومات خاطئة وغير دقيقة حول الموضوع غالطت الرأي العام التونسي الذي استبشر خيرا بكلام السيد وزير العدل بداية ثم خاب ظنه. صرح السيد وزير العدل للإعلاميين على هامش الندوة الدولية لمقاومة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة أن صخر الماطري قد تم إيقافه بمطار فكيتوريا لدخوله تراب السيشال بجواز سفر ديبلوماسي منتهي الصلوحية وأن الحكومة التونسية اتخذت جميع الاجراءات الكفيلة بتسلمه بناء على بطاقة الجلب الدولية الصادرة ضده. ولم يمض وقت طويل على هذا التصريح حتى تدخل أحد مستشاري وزير العدل في إحدى الإذاعات ليصحح أن الأمر لا يتعلق بإيقاف صخر الماطري بل بمجرّد التحقيق معه في ملابسات دخوله التراب السيشالي. وفيما بعد، تناقلت وسائل الإعلام نبأ مغادرة صخر الماطري لجمهورية السيشال معززا مكرما، مرفوع الرأس إما بنفس جواز السفر الذي حل به أو بجواز سفر جديد مكنته منه جهة رسمية أجنبية. وفي الأثناء صرح سفيرنا المعتمد لدى جمهورية السيشال الذي يقيم بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا إلى إحدى الإذاعات الخاصة بعد ظهر يوم السبت أنه حاول الاتصال مرارا بوزير خارجية السيشال لمتابعة الموضوع دون جدوى وأنه في الأخير اتصل به وزير خارجية السيشال ليعلمه أن صخر الماطري قد غادر السيشال إلى جهة أخرى يجهلها. وهنا يحق لنا أن نتساءل بالخصوص: - عن جدوى ونجاعة بطاقة الجلب الدولية الصادرة في حق بعض أفراد العائلة الحاكمة سابقا وفي حق آخرين، وإن جاءت بطاقات الجلب الدولية هذه مستوفية لكل الشروط الاجرائية والقانونية المتبعة دوليا؟ - هل ارتقى تعامل الحكومة التونسية مع بطاقات الجلب الدولية إلى المستوى المطلوب من الجدية والحرص والمتابعة؟ - ألم يكن من الأفضل لمسؤولين في أعلى مستوى الامتناع عن التداول الإعلامي لهذا الموضوع طالما لم تترتب عن بطاقات الجلب الدولية نتائج ملموسة سابقا وحاضرا، وبالتالي تجنب كل أشكال التعامل الاستهلاكي الموجه فقط إلى الرأي العام وما يترتب عنه لاحقا من خيبات أمل ومن إحباط في أوساطه؟ - ألم يكن تعامل حكومة السيشال مع قضية الحال المهين والمسيء لبلادنا ولشعبها يستوجب من الحكومة توجيه توبيخ شديد اللهجة عبر القنوات الديبلوماسية إلى حكومة السيشال؟ - أ لهذه الدرجة ارتقت جمهورية السيشال إلى مرتبة الدولة العظمى الحاكمة بأمرها وهي التي لا يتعدى حجمها حجم حي من أحياء تونس العاصمة؟ - وفي قضية الحال، من يحمي حقيقة صخر الماطري بهذا الشكل؟ ولماذا؟ وما هي الدوافع والخلفيات؟.