ألقى أمس رئيس الحكومة «حمادي الجبالي» لدى إشرافه على الندوة الوطنية التي يحتضنها نزل «قولدن توليب» بالعاصمة وتختتم فعالياتها اليوم بتنظيم من كتابة الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج تحت شعار «السياسة الوطنية للهجرة: الرهانات والآفاق»، كلمة شدد فيها على ضرورة التصدي لظاهرة الهجرة غير المنظمة أو السرية «لما خلفته من مآس بفقدان عدد من مواطنينا الذين نترحم على أرواحهم ونتضامن كليا مع عائلاتهم المنكوبة» حسب قوله ، معتبرا أن إرساء مسار تنموي متضامن يرتكز على تشجيع الاستثمار والنهوض بهياكل التكوين المهني والتدريب في المناطق المصدرة للهجرة غير المنظمة وفتح آفاق الهجرة المقننة... من بين الحلول الجذرية الواجب اتخاذها للتصدي لهذه الظاهرة، مقرا عزم حكومته على تعزيز الروابط مع جاليتنا بالخارج وعلى فتح آفاق جديدة أمام أجيالها الناشئة، كما توجه «الجبالي» بدعوة جماعية للعمل على صياغة سياسة مهجرية وطنية واضحة المعالم ومتكاملة مع سياسات التشغيل والسياسات الأخرى للتنمية قبل أن يقطع على مسامع الملأ وعدا بمتابعة نتائج هذه الندوة ودعمه إياها. وللإشارة فقد تميزت هذه الندوة بحضور «حسين العباسي» أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل و«حسين الجزيري» كاتب الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج وطيف كبير من الخبراء والأكاديميين والشخصيات الوطنية الممثلة لعدد من المؤسسات الحكومية والمدنية...وسط غياب ملحوظ لرئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية «وداد بوشماوي» التي كان من المبرمج أن تسجل حضورها وأن تلقي كلمة بمناسبة افتتاح هذه الندوة. وأعرب «الجبالي» في كلمته التي افتتح بها أعمال هذه الندوة، عن سعادته وتقديره للمشاركين في هذه الندوة «والذين يجسمون بحضورهم التمشي الديمقراطي الذي اعتمد منذ قيام الثورة في معالجة القضايا الإستراتيجية لبلادنا وتوقنا إلى إحلال الوفاق الوطني حولها» على حد تعبيره ، مؤكدا أن الحوكمة الرشيدة للهجرة عبر تشريك كافة المكونات الفاعلة فيها واحدة من ضمن القناعات الراسخة في أذهان المسؤولين الحكوميين الحاليين «في وقت تشعبت فيه قضايا الهجرة بحكم تسارع التحولات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية حول العالم» حسب قوله دائما . وفي الوقت الذي أعرب فيه «الجبالي» عن ارتياح الحكومة لتطور المواثيق والمعاهدات الدولية ومجهودات منظمات المجتمع المدني في مجال الهجرة، فقد أعرب أيضا عن طموحها في مزيد الدفاع عن حقوق المهاجرين التي وصفها ب «المشروعة» بالإضافة إلى دعمها للأطر القانونية ومنظومات الرعاية المتوفرة لهم ولعائلاتهم سواء في بلدان الاقامة اوعند العودة الوقتية اوالنهائية. وأشار «الجبالي» الى ان الهجرة غير المنظمة قد مثلت لبعض الالاف من الشباب اثر اندلاع الثورة تحديا لجميع الاطراف وعلى مستويات عدة، معربا عن رفضه لهذا النوع من الهجرة وضرورة التصدي له عن طريق الحلول الجذرية «التي تكمن في ارساء مسار تنموي ومتضامن يرتكز على تشجيع الاستثمار والنهوض بهياكل التكوين المهني والتدريب في المناطق المجاورة للهجرة غير المنظمة». وشدد «الجبالي» على ان القضاء على الهجرة غير المنظمة مطلب يصعب تحقيقه بعيدا عن العمل على فتح آفاق الهجرة المقننة باتجاه أوروبا خاصة،معربا عن طموح الحكومة في ارساء سياسة مهجرية وطنية جديدة والى تأسيس شراكة مع الخبراء وممثلي المؤسسات الحكومية والمدنية حول مختلف المؤسسات والآليات التي يجب تنفيذها لضمان نجاعة هذه السياسة. كما اوضح «الجبالي» ان الحكومة مقرة العزم على تعزيز الروابط مع الجالية التونسية بالخارج وعلى فتح آفاق جديدة أمام أجيالها الناشئة، متوجها بدعوة جماعية للعمل على صياغة سياسة مهجرية وطنية متناسقة العناصر تجمع بين سياسات الهجرة وسياسات التشغيل وباقي السياسات التنموية الأخرى، قبل أن يختتم كلمته بقطع وعد يلتزم فيه بمتابعة نتائج هذه الندوة ودعمه إياها. حسين العباسي (أمين عام الاتحاد): ليس من المعقول ان...؟ ! وفي مداخلته أعرب «حسين العباسي» أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل عن أسفه لعدم تشريك ممثلين وممثلات عن جمعيات ينشط في إطارها المهاجرون التونسيون، ولعدم توجيه الدعوة لبعض التنظيمات النقابية التي تدافع عنهم(المهاجرين)في بلدان الإقامة،مضيفا بالحرف الواحد: «ليس من المعقول ان ندافع عن أشخاص غير موجودين لنتعرف عن حقيقة مشاكلهم ومشاغلهم وما يعلقونه على المسؤولين من آمال وانتظارات!». وطالب «العباسي» في كلمته، الحكومة بالتعجيل بإرساء سياسة تنموية كفيلة بخلق اكثر ما يمكن من مواطن شغل لاستيعاب الأعداد المتزايدة من العاطلين عن العمل وبتقييم الاتفاقية المشتركة مع البلدان الاوروبية ومراجعتها على ضوء اهم التحديات التي تواجهها جاليتنا بالمهجر من تمييز وبطالة واقصاء وتشتت عائلي... والى توسيع قاعدة الحوار الوطني وبعث «المجلس الاعلى للهجرة»، بالاضافة الى التبنّي الواضح والصريح للاتفاقية الدولية للامم المتحدة لسنة 1990حول حقوق جميع العمال وافراد اسرهم وكذلك اتفاقيتي منظمة العمل الدولية 97 و143 المتعلقتين بوضع العمال المهاجرين... وللتوفيق في ادارة السياسة الوطنية للهجرة، قال «العباسي»: «لإدارة هذه السياسة وتقييم نتائجها نؤكد وبكل جدية عن ضرورة تشريكنا في نشاطات كل الاليات والمؤسسات المسؤولة على الهجرة وخاصة منها ديوان التونسيين بالخارج والمجلس الاعلى للهجرة..»، مطالبا بضرورة الغاء الامر عدد 2948 لسنة 2011 والذي يسمح للمؤسسات الخاصة باستكشاف فرص التشغيل بالخارج والمحافظة على هذا النشاط ضمن وكالة التعاون الفني ودعم دورها. كما أشار أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل الى ضرورة عقد شراكة فعلية مع المنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني في رسم سياسات تأخذ بعين الاعتبار الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لمواطنينا وادماج الهجرة كعامل من عوامل التنمية والتشغيل، داعيا الى التفكير بعمق في العمل على تنسيق السياسات المغاربية في حقل الهجرة.