«القاعدة» حاضرة.. وغرقى «لامبادوزا» في البال منزل بوزيان وأم العرائس وسليانة جرح في الذاكرة كلمة الوداع سيقولها العالم خلال بعض ساعات لعام 2012. سنودع العام ودخان صراعات التحول الديمقراطي مازالت تتصاعد في مهد الربيع العربي، سنة تنقضي وسط انتظارات شعبية للدستور ولمطالب الثورة الاجتماعية والتنموية ولخارطة طريق واضحة المعالم ترسم معالم الاستحقاقات السياسية المقبلة. عام مضى طبع بالسباق المحموم نحو الكراسي تداولت فيه الأحزاب السياسية والمنظمات العمالية على لعبة لي الذراع وكان الفايس بوك في كل مرة مايسترو الأحداث عبر التسريبات والفيديوهات وحملات التجييش التي يشنها بين الفينة والأخرى «أدمينات» الصفحات المحسوبة على هذا الطرف أو ذاك. وسط صراعات النخبة السياسية يكابد المواطن من أجل خبزه اليومي ويشقى لإيجاد المعادلة الصعبة بين «الشهرية» والارتفاع الصاروخي لكلفة المعيشة وتحقيق أحلامه في التشغيل والتنمية والرفاهية وهو يلهث وراء علبة الحليب. حصيلة العام المنقضي وإن كانت زاخرة بأحداث يميل مجملها إلى دفة الأحمر فإن بصيص الأمل يبقى قائما ما دام صوت العقل نابضا في هذا البلد وما دامت القوى السياسية مهما اختلفت تؤمن بأن لا مصلحة تعلو فوق مصلحة الشعب. مسلسل مكسيسي: «النهضة»- «النداء» السنة من بدايتها إلى نهايتها كانت سلسلة متواصلة من الأحداث السياسية التي تعكس صعوبة مخاض الانتقال الديمقراطي في بلد تعود طيلة أكثر من 50 سنة على ثقافة الحزب الواحد ليستفيق بعد الثورة على «تسونامي» حزبي ومشهد سياسي تتجاذبه أطراف من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. سنة 2012 عرفت العديد من التكتلات الحزبية بين عدد هام من الأحزاب الوسطية واليسارية حيث اعلن في شهر أفريل عن تأسيس المسار الديمقراطي الذي انخرطت فيه كل من «حركة التجديد» و«حزب العمل التونسي» ومستقلون من «القطب الحداثي» كما أعلن في الشهر ذاته عن ميلاد «الحزب الجمهوري» بعد انصهار «الديمقراطي التقدمي» و«آفاق تونس» و«الحزب الجمهوري» وعدد آخر من الأحزاب التقدمية، ليعلن على إثرها الباجي قائد السبسي في اجتماع شعبي عن تأسيس حركة «نداء تونس»، فكان ميلاد هذا التنظيم الجديد منعرجا في المشهد السياسي بعد أن انتقل محور الصراع بين الخصوم السياسيين من يمين- يسار إلى «نهضة» -«نداء». وقد أدى هذا الصراع في أكثر من مناسبة إلى اشتباكات بين أنصار «نداء تونس» و«خصومه» الذين يرون في حركة الباجي جبهة يحتمي بها التجمعيون لتنتهي هذه الاشتباكات في تطاوين بوفاة لطفي نقض وبالإعتداء على الإجتماع الشعبي للحركة الذي انتظم في جزيرة جربة مؤخرا. الحصاد السياسي لعام 2012 لم يخل أيضا من تصدعات «الترويكا» الحاكمة التي ترجمت في استقالة محمد عبو من منصبه كوزير للإصلاح الإداري احتجاجا على محدودية الصلاحيات، لتعقبها يوم 27 جويلية استقالة وزير المالية حسين الديماسي بسبب ما أسماه «الانزلاقات المتواترة». ولم تسلم العلاقة بين مؤسستي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة أيضا من التوترات وكانت أبرزها الهزة العنيفة التي عاشتها مؤسسة الرئاسة عقب تسليم البغدادي المحمودي والتي اعتبرها المراقبون ضربة من الخلف للمسيرة الحقوقية لرئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي. هذا وتبقى الاشتباكات التي جدت بين متظاهرين جاؤوا للاحتجاج على الفيلم المسيء للرسول وقوات في محيط السفارة الأمريكية يوم 14 سبتمبر من أبرز الأحداث التي سجلت في 2012 وذلك لما لخصوصية هذا الحدث الذي أدى إلى وفاة أربعة أشخاص وما كانت له من انعكاسات داخليا وخارجيا. 2012 لم تخل أيضا من محطات بارزة في مسيرة أحزاب سياسية كبرى فقد تمكنت حركة «النهضة» في منتصف شهر جويلية من عقد أول مؤتمر علني وعام في تونس وقد اسفر هذا المؤتمر التاسع للحركة على تجديد الثقة في الشيخ راشد الغنوشي على رأس الحركة وانتخاب مجلس شورى يضم 150 عضوا، كما عقد حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» في نهاية أوت مؤتمره الثاني الذي أسند الأمانة العامة لمحمد عبو وتمكنت 10 أحزاب يسارية وقومية من تكوين «جبهة شعبية» يقودها حمة الهمامي أعلن عنها رسميا يوم 7 أكتوبر. حراك إجتماعي كبير وإن لم يحقق التونسيون في 2012 مكاسب اجتماعية هامة ما عدا الزيادة ب70 دينارا في أجور كافة أعوان وأسلاك الوظيفة العمومية والزيادة ب6 بالمائة في أجور أعوان القطاع العمومي والمنشآت العمومية، فإن السنة كانت حافلة بالتحركات الإجتماعية على جميع الواجهات. فبعد اعتصام مطول أدى إلى تعطل الدروس لأكثر من شهرين في كلية منوبة تصاعدت وتيرة الأحداث بالكلية بعد أن عمد ياسين البديري المحسوب على التيار السلفي إلى انزال العلم ورفع راية الجهاد مكانه لتتصدى له الطالبة خولة العشي ويأخذ الحدث بعدا وطنيا كبيرا. وتتواصل سلسلة التحركات الاجتماعية بإعلان العصيان المدني المفتوح في مدينة منزل بوزيان من ولاية سيدي بوزيد إلى حين الاستجابة لمطالب الاهالي المتعلقة بالتشغيل والتنمية تلاه حظر التجول بمعتمدية أم العرائس اثر مواجهات عنيفة بين قوات الامن ومجموعة من شباب المدينة على خلفية الاعلان عن نتائج مناظرة الانتداب في فسفاط قفصة. يوم 9 أفريل شهدت العاصمة مواجهات في عدد من شوارعها بين قوات الأمن ومتظاهرين من مختلف مكونات المجتمع المدني الذين تجمعوا لإحياء ذكرى عيد الشهداء اسفرت عن أصابة عدد من الأشخاص بحالة اختناق وإصابة 6 طلبة بجروح.