أكد أمس «عبد الرؤوف العيادي» رئيس حركة «وفاء» خلال كلمة افتتح بها فعاليات المؤتمر الوطني الأول للمحاسبة والذي يدور على يومين، انه ليس بالإمكان بناء دولة وطنية مستقلة جديدة والحال أن المنظومة القديمة الفاسدة لا تزال قائمة الذات وان «المحاسبة لا تسعى الى تفكيك منظومة الفساد بقدر سعيها الى بناء آليات انتخابية وقضائية...» حسب قوله ، مشددا على ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الشعب التونسي «باعتماد قوانين وإجراءات وآليات من شأنها ان تجعل المحاسبة صادرة عن القوة التشريعية الأصلية (المجلس الوطني التأسيسي)، كما طالب «العيادي» كل القوى السياسية المؤمنة بالثورة ومكونات المجتمع المدني بضرورة الالتفاف حول «المحاسبة» واعتبارها المدخل الرئيسي لبناء الدولة التي قامت من أجلها الثورة. ويشارك في هذا المؤتمر حوالي 18 حزبا وأكثر من 40 جمعية وعدد من عائلات شهداء الثورة وجرحاها... للتشاور حول مشاريع قوانين من شأنها أن تعجل في عملية المحاسبة، كما انه من المبرمج أن تشمل أشغال المؤتمر اليوم دراسة لمشاريع القوانين والورقات السياسية التي ستنبثق عنه. «عبد الروؤف العيادي» (رئيس حركة «وفاء»): «مشروع سياسي» وشدد «عبد الرؤوف العيادي» في كلمته على ان «هذه المبادرة هي مشروع سياسي وليست بمنبر او مهرجان خطابي» حسب قوله ، مضيفا: «لقد حددنا هذا البرنامج بعد قراءة الأوضاع ومصير الثورة بعد سنتين من هروب الطاغية». وأوضح «العيادي» أن الحركة الوطنية لم تبلغ هدفها في بناء الدولة الوطنية المستقلة وأن الثورة قد جاءت لتنجز ما فشلت في بلوغه، مردفا: «مرحليا نتبين أن بعض رموز الفساد يحاولون رسكلة نظام الاستبداد والعمل على إتلاف الأرشيف وهو ما يحول دون المحاسبة الحقيقية». وأعرب «العيادي» عن نيته الصادقة في ان يتحول امن النظام إلى امن الشعب وفي اقامة نظام عدلي باستطاعته الكشف عن حقيقة ما حصل في الماضي ومعرفة حقيقة النظام البائد ورموزه «خاصة وان هذا لم يحصل وما حصل لا يعدو ان يكون عملية امتصاص للغضب الجماهيري في حين ان عشرات الآلاف من المليارات لم يقع استخلاصها والجرائم التي ارتكبت ضد اليوسفيين والسلفيين وغيرهم لم يحاسب مقترفوها» حسب قوله . كما المح «العيادي» الى ان القضاء العسكري قد مال الى البحث عن تسويات اكثر منها القضاء بالعدل برايه ، متوجها بالدعوة الى كل وطني يطمع في بناء دولة وطنية مستقلة وخاصة من الشباب الى الالتفاف حول مشروع «المحاسبة» باعتباره «المدخل الرئيسي الذي قامت من اجله الثورة». ما سر رفض «اتحاد الشغل» لحضور المؤتمر؟ و بخصوص تخلف ممثلين من الاتحاد العام التونسي للشغل الالتحاق بهذه المبادرة، بين «العيادي» ان السبب قد يعود الى الخلاف الحاصل بين الاتحاد العام التونسي للشغل ورابطات حماية الثورة التي تشارك في هذا المؤتمر. «خالد الكريشي» (قيادي بحركة الشعب): «ليست مطية للانتقام والتشفي» من جهته أكد «خالد الكريشي» ان حركة «الشعب» قررت الانخراط في هذا المؤتمر «ايمانا منا بأن المحاسبة تأخرت وان الفلول عادوا إلى كل القطاعات وخاصة الحساسة منها، وقد بتنا خائفين على ثورتنا من قوى الثورة المضادة» على حد تعبيره ، مشددا على أن «المحاسبة لن تكون مطية للتشفي والانتقام وانما لاعادة الحقوق لاصحابها» حسب قوله دائما . و قال «الكريشي»: «لو كان هناك نفس ثوري بالفعل لخجل هؤلاء الفاسدون واستحوا ولكن ها نحن نراهم يطلون برؤوسهم من كل صوب وحدب،ان الثورة الحقيقية تبدأ بالغاء المراسيم والقوانين الفاسدة»، مشددا على أن هذا المؤتمر لن ينصب محاكم شعبية او هيكلا موازيا للقضاء،كما طالب «الكريشي» بدسترة قانون تحصين الثورة. الهادي بن عباس (الناطق الرسمي باسم المؤتمرمن أجل الجمهورية): «وقفة احتجاجية يوم 14 جانفي» أما «الهادي بن عباس» الناطق الرسمي باسم الجمهورية، فقد اكد ان المأزق السياسي الحالي يعتبر نتاج تأخر المرحلة الانتقالية بمراحلها الثلاث (المساءلة والمحاسبة والمصالحة)، مضيفا: «اننا في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ملتزمون بمبادئنا مع كل من يشاركنا في تصور ضرورة القطع مع منظومة الفساد ونطالب بالتسريع في مشروع العدالة الانتقالية والمصادقة على قانون تحصين الثورة الذي بادرنا به». كما بين «بن عباس» انه لا يمكن القضاء على الفساد دون العمل على استئصال المنظومة من جذورها، متوجها بالدعوة الى تنظيم وقفة احتجاجية يوم 14 جانفي أمام سفارة المملكة العربية السعودية للمطالبة بجلب المخلوع ومحاسبته. أحمد المستيري(وزير في العهد البورقيبي): «لولاهم ما كنا هنا اليوم» وقال «أحمد المستيري» الوزير في العهد البورقيبي وعضو المجلس التأسيسي لسنة 1956: «بكل صراحة انا مع المحاسبة لأنها ضرورية لإنجاح هذه الثورة وجبر الأضرار الجسيمة لأناس لولاهم ما كنا اجتمعنا اليوم»، مبينا أن الثورة من صنع الجيل الجديد وان «الثورة لا تعطي قيمتها الا بعد تحقق اهدافها». وشدد «المستيري» على أن المناصب والكراسي مسائل ثانوية امام مستقبل الثورة ومستقبل البلاد، وأنّ العيب لا يكمن في الدستور وانما في احترامه وكيفية تطبيقه، مردفا: «دستور 59 كتب بماء العين ولكن العبرة في تطبيقه اذ أساء كل من بورقيبة و«بن علي» من بعده التعامل معه وخالفا قواعده». خلاف بين المشرفين على التنظيم وجرحى الثورة وعائلات الشهداء دارت بعض النقاشات والأحاديث الجانبية بين عدد من جرحى الثورة وأهالي الشهداء على اثر منعهم من الجلوس في الصفوف الامامية لتبليغ اصواتهم وسرد معاناتهم، حيث وصف المحتجون هذا المؤتمر ب «المسرحية» قبل ان يثيروا جلبة بالمكان استرعت انتباه أغلب الحضور ويهموا بمغادرة القاعة معربين عن امتعاضهم وغضبهم.