منذ أكثرمن 18سنة وهو يئن دون أن يصغي أحد لأنينه إلى أن فقد نعمة البصر حيث تطورت مضاعفات حالته إلى أن أصبح مجرّ جسد فوق كرسي متحرك لا تربطه بالحياة سوى «روح» هي دليل على وجوده الوحيد. هذه قصة هيكل دبيش الذي وضعته الحياة في اختبار قاس لكنه لم يجد مغيثا واليوم عجز حتى عن توفير ثمن الأدوية. فهيكل معاق تماما لكنه لم يتحصل على بطاقة ومنحة معاق أو أية مساعدة من طرف هياكل وزارة الشؤون الاجتماعية ووالده لم يعد قادرا على تحمل مصاريف مداواته وهيكل اليوم بلا دواء والموت يتهدده في كل لحظة. منعرج خطير ولد هيكل طبيعيا وعاش طفولة عادية وكان يتميز بذكاء حاد, نجيب في دراسته ويتقد حيوية ونشاط لكن فجأة بدأت بعض العوارض تقلق حياته إذ أصبح سريع التعب ويحس دائما بحالة إرهاق ولم يعد قادرا على الجلوس كثيرا حتى عند الدراسة. هذا التغيير في نمط سلوكه جعل والدته تقرر عرضه على أحد الأطباء لمعرفة سبب العلة والذي اكتفى عند معاينة هيكل بتمكينه من بعض المنشطات فقط. لكن بعد فترة بدأ خطه يتيغر حتى أصبح غير مفهوم لعجزه عن استعمال يده اليمنى كما ينبغي مما أدى إلى رسوبه رغم ذكائه. وأمام هذا الوضع المبهم الذي لم تعرف أسرته سببا له تم عرضه على أحد الأطباء وبعد إجرائه لبعض الفحوصات اللازمة والأشعة تم تشخيص علته وتمكينه من بعض الأدوية وأصبح يتردد بين الحين والآخر على قسم الأعصاب بالرابطة للمراقبة الدورية لكنه رغم ذلك أصبح يعاني من إعاقة بيده اليمنى شلت حركته وعمقت مأساته. وبعد مرور حوالي ثلاث سنوات ازدادت رقعة المرض انتشارا إذ أصبح غير قادر على المشي وإن اجتهد في ذلك فإنه سرعان ما يقع أرضا مما اضطره إلى استعمال كرسي متحرك ولم يقف مصابه عند هذا الحد إذ أنه منذ فترة أصبح يعاني من نقص في الرؤية وصعوبة في النطق رغم تمكينه من الأدوية وبعرضه على طبيبته المختصة أكدت أن المرض أصاب عصب عينه ومكنته من بعض الأدوية. الوضعية الصحية لمحدثنا هذا الشاب المتقد حيوية والذي يملؤه التفاؤل رغم عجزه قد تزداد سوءا في الأيام القادمة لأن الحيز الزمني مهم بالنسبة إليه. فنوع مرضه قد يصيب كل حواسه ويؤدي به إلى الهلاك وأمله الآن هو إجراء عملية جراحية. وقد أعلمته طبيبته مؤخرا أنه بالإمكان تخفيض تكلفة العملية وذلك بإجرائها بالمستشفى العسكري بتونس على أن تتعهد هي بإقناع الأطباء الفرنسيين بالقدوم إلى تونس لإجرائها غير أن هذا الأمل يبقى معلقا بتعهد ال«كنام» بمصاريف العملية لكن الغريب في الأمر أن هيكل تقدم منذ أشهر بملف إلى ال«كنام» للدراسة لكن عوض إجابته بالقبول أو الرفض أعلموه أن الملف ضاع مما يوحي بوجود استخفاف بالمرضى خاصة أصحاب الحالات المستعجلة والخطيرة وقد اضطر محدثنا رغم ألمه وما تطلبه إعداد ملفه من جهد إلى إعداد ملف جديد.. أين وزارة الشؤون الاجتماعية ؟ ما أثار انتباهنا في هذه القضية أن هيكل يفتقد إلى الرعاية من لدن هياكل وزارة الشؤون الاجتماعية التي لم تكلف نفسها عناء الاهتمام بشاب أصبح معاقا تماما وشبه كفيف.. وقد اعتبر هيكل نفسه بالنظر إلى كل هذه اللامبالاة في التعامل مع وضعه خاصة مع عجز والده الذي لا يدخر جهدا من أجل الاهتمام والإحاطة به أنه «معاق في الظل« يعيش في غربة بسبب مظلمة بطلها الرئيسي الإهمال رغم أن مقر تواجده ليس في أقصى نقطة من نقاط تونس وإنما في منطقة ابن سينا ليس بعيدا عن وسط العاصمة فمتى تعي الهياكل بحجم مصائب هذا الشاب ؟