أعلن، أمس، حمادي الجبالي رئيس الحكومة عن تأجيل التحوير الوزاري إلى الأيام القليلة القادمة قائلا إنّه سيقع تقديم التشكيلة الحكومية إلى المجلس الوطني التأسيسي للنظر فيها وتزكيتها مؤكّدا أنّ تنسيقية «الترويكا» لم تتوصّل مع غيرها من الأحزاب إلى اتفاق حول التشكيلة الحكومية ممّا حال دون الإعلان عنها. هذا القرار أثار العديد من ردود الأفعال لدى مختلف الفئات الاجتماعية وخاصة الأطراف السياسية التي اجمع ممثلوها على أن مسلسل التشويق سيتواصل إلى تاريخ الكشف عن «فرسان الحكومة الجدد». «التونسيّة» اتصلت ببعض الوجوه السياسيين وتقصّت آراءهم حول الموضوع. اعتبر الهادي بن عبّاس ممثلا عن حزب «المؤتمر من أجل الجمهوريّة» أن تأجيل التحوير الوزاري فرصة أمام حكومة «الترويكا» والأحزاب المشاركة لتشكيل وفاق في أجل قصير قد يعدّ بالسويعات. وأضاف أنّ الحوار بين الأحزاب والمستقلّين كان جدّيا وأنه ليس من السهل التوصّل إلى حلّ نهائي دفعة واحدة مؤكّدا انّه من خلال متابعته للمداولات وقع تذليل 70 أو 80 بالمائة من الخلافات ودعا إلى ضرورة الإتفاق على بعض الجزئيات في اجل محدود ليتمكّن الجبالي من التقدّم بقائمته في الأيام القليلة القادمة. حيلة لتبرير الإخفاق من جهته قال لطفي المرايحي الأمين العام للإتحاد الشعبي الجمهوري أنّ رئيس الحكومة لم يوفّق في إعداد القائمة النّهائية بعد ان ضبط موعدا نهائيا للإعلان عن التحوير الوزاري واعتبر انّ الخطاب الذي أدلى به الجبالي وقوله إنّه سيعرض القائمة على المجلس الوطني التأسيسي هو محاولة لإخراج الموضوع في مخرج ديمقراطي يؤكّد من خلاله أنّه يلتزم بالمؤسّسات ورأى المرايحي في ذلك حيلة لتبرير موقف الجبالي وإخفاقه في التوصّل إلى ضبط تشكيلة حكوميّة. وأضاف المرايحي أنّ ما أتاه الجبالي بتأجيله للتحوير الوزاري بعث بإشارات سلبيّة للمجتمع وللتونسيين على أن الوضع يتّسم بعدم الإستقرار وبالتجاذبات وأضعف موقف الحكومة وساهم كثيرا في فقدان ثقة التونسيين في الساسة والسياسيين وأكّد لهم أنه لا همّ للجميع سوى التجاذب على الكراسي خاصّة بعد الإنسحابات التي سجّلت في صفوف بعض الأحزاب بمجرّد التلميح لها بتمكينها من مناصب وزارية. و أكّد المرايحي أنّ لا اهميّة للتحوير الوزاري في الوقت الراهن وأنه لن يكون له أثر لدى التونسيين لانّ موضوع الحكم حسم عند المصادقة على الميزانية التي حدّدت إطار عمل أيّ وزير قادم ولم تعطه هامشا من التصرّف ولأنّ المدّة المتبقّية كذلك قصيرة ولا يمكن من خلالها تغيير أشياء مهمّة. كان على الجبالي تقديم استقالته أما محسن مرزوق عضو المكتب التنفيذي ل«حركة نداء تونس» فقال إنّه كان على حمّادي الجبالي إعلان إستقالته من الحكومة نتيجة عجزه عن إجراء مجرّد تحوير وزاري وبعد «المسلسل الكوميدي والتراجيدي الذي عاش على وقعه التونسيون». و أضاف مرزوق انّ ما يحصل في تونس اليوم يعدّ فضيحة بكلّ المقاييس مؤكّدا أن الحكومة الحاليّة تفتقد للشرعيّة منذ تاريخ 23 أكتوبر 2012 شأنها شأن الحكومة التي سيعلن عنها قريبا مشيرا إلى أنّ الشرعية الوحيدة التي تتمتّع بها الحكومة الحاليّة هي شرعيّة التحوّج خوفا من المجهول بما معناه أنّها تبقي على أناس يفتقرون إلى الشرعية القانونية وفاقدين لمقوّمات الشرعية الدنيا في الكفاءة كالتنافس في العمل الحكومي ممّا تسبّب في هذا المسلسل المضحك والمبكي والمخزي ليختم حديثه بالقول «إن لم تستح فافعل ما شئت». عجز التحوير الوزاري دليل فشل الحكومة زهّير المغزاوي من «حركة الشعب» قال إنّ تأجيل التحوير الوزاري كان منتظرا ومتوقّعا لأنّ الحوارات التي دارت في الآونة الأخيرة أشارت إلى ذلك وأكّدت أنّه لن يتمّ إقرار أية قائمة مضيفا أنّه في حال حدوث ذلك فإنّه لن يكون إلا مجرّد تحويرات في إطار «الترويكا» لأنّ بقيّة الأحزاب رفضت المشاركة . و أشار المغزاوي إلى أن الحكومة وضعت شروطا للمشاركة وأنّ حوارها لم ينبثق عنه سوى إضاعة 6 أشهر من أجل تحوير وزاري لم ير النور إلى حدّ الآن. وأضاف أنّ الإيجابي من منظور «حركة الشعب» حديث الجبالي عن الحوار الوطني الذي بادرت الحركة بالدعوة إلى تفعيله وتمنّى ألاّ يقتصر هذا الأمر على الكلمات بل أن يقع الإلتزام الفعلي به. وأكّد المغزاوي انّ الحركة ترنو إلى تفعيل الحوار الوطني من أجل برنامج الإنقاذ الوطني للعبور بالبلاد إلى برّ الأمان مشيرا إلى انّ هذه الحكومة فشلت في إدارة الشأن العام كما فشلت في ربط علاقات وطيدة بين مختلف الأحزاب السياسية والعجز في التحوير الوزاري هو دليل فشلها. أمّا علي الجلولي عضو القيادة الوطنية ل «حزب العمّال» فقد كان تعليقه عن تأجيل التحوير الوزاري كالآتي «الحقيقة إننا وشعبنا لم نكن ننتظر شيئا من خطاب رئيس الحكومة المؤقت، فهذه الحكومة لازالت تثبت منذ يومها الأول فشلها بمحافظتها على نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الخارجية القائمة على التبعية ولا أدل على ذلك من الزيارة الأخيرة لمسؤولي البنك الدولي الذين يواصلون عامين بعد إسقاط بن علي التحكم في القرار الاقتصادي والاجتماعي والمالي للبلاد. إن خطاب أمس جاء خاويا تماما ومهتزا بما يقيم دليلا آخر على الفشل حتى في انجاز «تحوير» أعلن عنه منذ أكثر من 6 أشهر بعد رفض أي من القوى السياسية الالتحاق بالحكومة. التحوير الذي أرادته «النهضة» تقنيا وفنيا لا يطال السياسات ولا الخيارات وطرق التسيير، انه فشل آخر يضاف الى رصيد الخيبات التي راكمتها «النهضة» والتي أرادت تشريك قوى أخرى معها لتقاسم الفشل، فحتى طريقة «الحوار» قامت على الاحتقار والاهانة وبنفس منطق المحاصصة وصلت حد توزيع جدول لوضع علامة على الحقيبة المرغوبة، وطبعا تم ذلك في ظل غياب /تغييب مهين للحلفاء/الديكور (المؤتمر والتكتل) واحتكار النهضة ومجلس الشورى ورئيسها لتفاصيل القرار ووصل الأمر حد «اختراق» بعض الأحزاب التي رفضت التوزير ب «انتداب» عناصر قيادية منها للمشاركة في الحكومة. وأضاف الجلولي: «نحن في «حزب العمال» نعتقد ان البلاد في حاجة الى مراجعة الخيارات وليس إلى إبدال الأشخاص الذين فشلوا كلهم وليس بعضهم، وفشلهم راجع أساسا الى عقم الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والخارجية التي ثار عليها شعبنا بالأمس القريب وليس هناك من موجب كي يصمت عليها ويقبلها اليوم، ان ما ينتظره الشعب هو حكومة أزمة تتكون من كفاءات مستقلة تتولى انجاز برنامج عاجل ضمن «أجندا» واضحة تتضمن تاريخا للانتخابات لا يتجاوز الخريف المقبل بعد اختيار هيئة مستقلة بعيدة عن التجاذبات وسن قانون انتخابي ديمقراطي يعتمد النسبية فضلا عن بعث الهيئات التعديلية الأساسية (القضاء، الاعلام...) ضمن دستور ديمقراطي يكرس أهداف الثورة ومبادئها، وتتصدى للعنف الميليشياتي وللمال السياسي وتطبق برنامجا اقتصاديا واجتماعيا عاجلا لصالح الفئات والجهات المحرومة وتفعل العدالة الانتقالية، دون ذلك فالأوضاع لن تزدادا إلا سوء على سوئها الحالي».