اعتبر وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو في لجنة الحقوق و الحريات التشريعية بالمجلس الوطني التأسيسي أن قانون العدالة الانتقالية هو نتاج التوافق بين المجتمع المدني و الوزارة، مشيرا إلى ضرورة أن يتم تغليبه على القوانين الاقصائية و التطهيرية على غرار قانون تحصين الثورة و قانون القضاء.وقد أثار تصريح ديلو حفيظة نواب كتلة «النهضة» الذين أجابوا بأن قانون العدالة الانتقالية خيارهم و هم ماضون فيه مواجهينه بحجة «الشرعية» و بأن المجلس هو السلطة التأسيسية الشرعية الوحيدة بالبلاد. وأكد سمير ديلو في جلسة الاستماع المشتركة أمس، التي عقدتها كل من لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية ولجنة شهداء وجرحى الثورة وتفعيل العفو التشريعي العام، لمناقشة مشروعي قانون يتعلق الأول بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والثاني بالعدالة الانتقالية، أن العدالة الانتقالية تشبه كتابة الدستور وانه لا يجب ان تكتب على قياس المرحلة الحالية، وأنه لا يجب ان تكتبها الاغلبية في المجلس التأسيسي وأنه لا يمكن أن تكون على قياس كتلة «النهضة» او كتلة «الترويكا». وشدّد ديلو على أنه لا يجب ان يكتب التاريخ الساسة بل المؤرخون لان الساسة في نظره كتبة فاشلون للتاريخ، مشيرا إلى أن المجلس التأسيسي ليس سلطة اصلية لأن السلطة الاصلية عند الشعب وأضاف أن كل ما يتعلق بتحصين الثورة او التطهير، يحيل الى الفاشية او الستالينية، متسائلا كيف يمكن الحديث عن «التطهير» دون آليات؟وأكد في هذا الإطار أن وزارة حقوق الإنسان حاولت ايجاد مصطلح اقل احراجا واقل جرحا للكرامة وهو مصطلح «الغربلة». واعتبر أن الساسة كانوا يظنون سابقا أن قانون تحصين الثورة أولوية في حين أنّ جميع المعطيات قد تغيرت حاليا، مشيرا إلى أن قانون العدالة الانتقالية فيه ضمانات عكس القوانين الاخرى التي يمكن اتهامها بانها قوانين سياسية اقصائية. نواب «النهضة» ضد ديلو وأمام ما أدلى به وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، لم يجد نواب كتلة «النهضة» سوى الدفاع عن موقفهم في ما يتعلق بتشبثهم بضرورة تمرير مشروع «التحصين السياسي للثورة» حيث أكدت النائبة عن كتلة «النهضة» يمينة الزغلامي أن المجلس التأسيسي هو السلطة الاصلية لان الشعب فوض للنواب ان يمارسوا السلطة، كما أكدت أن شرعية الانتخابات والثورة تعطي لنواب المجلس الوطني التأسيسي شرعية سن قوانين حمائية ووقائية لحماية هذه الثورة. من جهته عبّر النائب عن كتلة «التكتل» طارق العبيدي عن سعادته بالمشروع المقدم من قبل وزارة حقوق الإنسان مشيرا الى ان مشروع تحصين الثورة وتطهير القضاء هو ضربة فأس في ظهر العدالة الانتقالية، واصفا مؤتمر المحاسبة وبعض القوانين بالأعمال الصبيانية التي تعرقل مشروع الانتقال الديمقراطي واستشهد بتجربة نيلسون مانديلا ومقولاته القائمة على المصالحة وبناء مستقبل العدالة في البلاد. هيئة مراقبة التعذيب لا تتمتع بصلاحيات فعلية كما ناقش النواب مشروع القانون الأساسي المتعلق بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب واعتبر عدد منهم أن هذا المشروع يتضمن العديد من الثغرات والنقائص. فقد أكد النائب عن كتلة «التكتل» فيصل الجدلاوي أنه لم يتم تحديد المفاهيم تحديدا دقيقا، متسائلا إن كان من شأن الصلاحيات التي فوضت لهذه الهيئة أن تساهم في اغراقها أو لتعويم مهمتها. مشيرا الى أن هذا المشروع اختار عدم تعريف التعذيب لأنه سبق وأن تم تعريفه في المرسوم عدد 106 لسنة 2011 المؤرخ في 22 أكتوبر 2011 كما لم يعرف الممارسة المهينة أو القاسية،واختار المشروع عدم تحديد الممارسات التي قد توصف بالمهينة قصدا وذلك توافقا مع القانون الدولي الذي لم يعرف المعاملة من ناحية و ذلك لتتمكن الهيئة من رصد مختلف التجاوزات التي قد تطرأ ولتطور المنظومة الرقابية من خلال ارساء معايير متقدمة ومتطورة لتحديد ظروف الاحتجاز وغيرها من المعاملات القاسية أو المهينة، حسبما جاء في شرح الأسباب الذي تضمنه المشروع. غير أن النواب رأوا أن هذه الهيئة لا تتمتع بصلاحيات التدخل الفاعل حيث تساءلت رئيسة لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية سعاد عبد الرحيم عن الصلاحيات التي من شأنها أن تجعل من تقارير هذه الهيئة فاعلة. السؤال ذاته طرحته النائبة عن كتلة «النهضة» لطيفة الحباشي مشيرة إلى أن هذه الهيئة لا تملك صلاحيات التدخل الفاعل. وقد رد ديلو بأن للهيئة صلاحيات فعلية مستندا إلى الفصل الثالث من هذا المشروع الذي ينص على أن هذه الهيئة «تتلقى البلاغات والإشعارات حول الحالات المحتملة للتعذيب أو المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللانسانية أو المهينة في أماكن الاحتجاز والتقصي بشأنها واحالتها بحسب الحالة إلى السلط الإدارية أو القضائية المختصة».