"بمثل هذا المشروع دخلنا مرحلة الجنون التشريعي"- قال سمير ديلو وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية أن مشروع القانون المتعلق بتطهير القضاء والمحاماة يتعارض تعارضا صارخا وقاطعا وكاملا مع مشروع العدالة الانتقالية الذي تم تقديمه أمس للمجلس الوطني التأسيسي. وبين خلال جلسة استماع له نظمتها لجنة التشريع العام بهذا المجلس مساء أمس بباردو، في إطار مناقشتها مشروع القانون الأساسي عدد 21 لسنة 2012 المتعلق بتطهير القضاء والمحاماة، أن قضية المحاسبة هي قضية تجاذب سياسي، وهو ما يتطلب التعامل معها برصانة. وفي نفس الإطار استمعت اللجنة لنور الدين البحيري وزير العدل الذي انتقد هذا المشروع، وأشار إلى جملة من الثغرات الواردة فيه. وللإشارة فإن مشروع قانون تطهير المحاماة والقضاء تم تقديمه من طرف 10 نواب من كتلة المؤتمر، طبقا لأحكام الفصل 108 من النظام الداخلي وأحيل منذ 15 ماي الماضي على لجنة التشريع العام ولجنة الحقوق والحريات، وهو يهدف لتحقيق العدالة الانتقالية ولمحاسبة القضاة والمحامين الذين أخطأوا في حق الشعب والمال العام في الفترة الممتدة بين 7 نوفمبر 1987 و14 جانفي 2011. وأكد ديلو وجود تناقض بين عنوان القانون والفصل الأول منه، وبين الفصل الأول والفصل الرابع منه، وإضافة إلى وجود تداخل واضح في الفصل الخامس بين مهام اللجنة التي سيقع تكوينها مع مهام النيابة العمومية مشيرا إلى أن هذه اللجنة تم منحها صلاحيات كبيرة وغير مسبوقة في تاريخ البلاد. وهو نفس ما لاحظه نور الدين البحيري، الذي أشار إلى أن إعطاء لجنة صلاحيات قضائية واسعة جدا فيه تعد عن حق الدفاع وما هو مضمون دستوريا.. وعن علاقة مشروع قانون تطهير القضاء والمحاماة بمشروع قانون العدالة الانتقالية بين ديلو أن المشروع الأول يتعلق بنقطة محددة وهي محاسبة قضاة ومحامين في حين أن المشروع الثاني يشمل جميع مراحل العدالة الانتقالية. وبين البحيري أنه من الضروري اصلاح القضاء والمحاماة واستبعاد كل من تورط في الفساد، ولكن لا بد أيضا من ضمان من التوازن بين هذا الخيار وبين مشروع قانون العدالة الانتقالية، والقانون الاساسي للقضاة والهيئة العليا للقضاء العدلي التي سيقع احداثها، وتساءل هل من الضروري اصدار هذا القانون قبل إرساء الهيئة العليا للقضاء العدلي. حرص على المحاسبة وخلال النقاش أكدت النائبة سامية عبو أنه لو تمت المصادقة على هذا المشروع منذ ثمانية أشهر خلت أي منذ شهر ماي الماضي ما كانت لتحصل اعفاءات من قبل وزير العدل لعدد من القضاة وما صاحب ذلك من مشاكل. وشددت النائبة على حاجة تونس خلال هذه المرحلة الانتقالية لتطهير القضاء وفي نفس السياق بين النائب أزاد بادي أن هذا المشروع جاء لسد الفراغ الذي تركته الحكومة عند تراخيها عن عملية محاسبة الفاسدين وتفكيك منظومة الاستبداد، فهي على حد تعبيره تنتهج سياسة المهادنة بل عينت مورطين في الفساد في اجهزة الدولة وعبر عن خشيته من المرور للمصالحة دون محاسبة. ولاحظ النائب كمال عمارة أن هناك قضاة فاسدون لكنهم يحكمون إلى الآن، وذكر أن البلاد ستشهد انتخابات ولا يعقل المرور إلى هذه المرحلة قبل التخلص من القضاة الفاسدين. وقال النائب عبد العزيز شعبان إنه لا يعقل التغاضي عن الفساد في المحاماة والقضاء، وفي نفس الإطار دعا النائب جمال بوعجاجة الى الاسراع في سن هذا القانون، وهو نفس مقترح النائب البشير النفزي الذي قال ان ملفات الفساد لم تفتح كما يجب ولم تقع المحاسبة الانتقالية الشجاعة لا المحاسبة الانتقائية. ويعتبر النائب نجيب مراد أن هذا القانون تأخر كثيرا وبين أنه تعرض للتنكيل في النظام السابق من قبل قضاة فاسدين مجرمين ومن غير المقبول بعد الثورة الاستماع إلى أصوات تنادي بتأجيل محاسبتهم إلى حين ارساء العدالة الانتقالية وأضاف النائب :"من العار أن لا تقع محاسبة القضاة المجرمين الذين عذبونا ونكلوا بنا ومحاسبة المجرمين رموز التجمع الدستوري اللاديمقراطي والسماح لهم اليوم باعتلاء منابر الاعلام.. لذلك لا بد من الاسراع في سن هذا القانون وقانون تحصين الثورة لإزاحة هؤلاء الفاسدين. مشروع مجانين!! ودافعت النائبة سهير الدردوري بقوة عن مشروع القانون ومقاصده، وفي المقابل ذكر النائب سمير الطيب أنه مشروع "مجانين" لأنه من غير المعقول انتخاب لجنة ومنحها صلاحية فتح ملفات فساد المنظومة القضائية.. وعاتب وزارة العدالة الانتقالية على تأخرها في اعداد مشروع القانون الخاص بالعدالة الانتقالية وبين أن هذا التأخير أدى إلى الدخول في مرحلة الجنون التشريعي. وترى النائبة ريم محجوب ان العدالة الانتقالية هي منظومة شاملة وكاملة ومن الانسب تناول مسألة تطهير القضاء والمحاماة في إطار قانون العدالة الانتقالية. وأكد النائب محمد علي نصري على ضرورة القضاء على الفساد وليس سن قوانين لتصفية الخصوم وأكد أن المجلس مطالب بإصلاح القضاء وليس بوضع يده على القضاء. وحذر النائب كريم كريفة من هذا المشروع الذي وصفه بالخطير ومن الصلاحيات الواسعة التي يمنحها للجنة التي ستحقق مع القضاة والمحامين المشبوهين ونبه إلى تناقضه مع قانون المحاماة الذي ينص على ضرورة احترام السر المهني.. سعيدة بوهلال