التونسية (تونس) هي حتما وبكل المقاييس اداء وكلمة ولحنا اغنية الذاكرة الشعبية..وعنصر من عناصر الموروث الشعبي في خانة الموسيقى باعتباره لا يؤلف مشهدا فلكلوريا لجوقة موسيقية اساسها «الطبل» و«الزكرة» و«القصبة» وهي تؤشر الى ماضي الاجداد والآباء. والاغنية البدوية لازمت المجتمع القبلي التونسي في شتى تفاعلاته مع «النجع» وهو يحط راحلته في سهول الخصب والينابيع.. ومع «المرحول» ينطلق من بيت «العروس» الى بيت «العريس» صحبة «الطبّالة» والفرسان.. وفي مواكب الافراح والفروسية..وخلال ليالي الحصاد و «جزان صوف» الخرفان..يؤديها الرجال والنساء حسب مضمون الاغنية واغراضها في قوافل صحراء الجنوب وواحات الجريد وسهول القيروان والسباسب وغابات الزيتون بالساحل ومروج الشمال الغربي وجزر قرقنة وجربة. ويظل المرحوم «اسماعيل الحطاب» رائد الاغنية البدوية وزعيمها لقاء صوت جوهري من المعدن الخام فتحول الى مدرسة لها اسسها وطقوسها.. وبقيت اغانيه بعد وفاته تخلد مسيرته الحافلة بالعطاء وخاصة الاخلاص للون البدوي على غرار «الخمسة اللي لحقو بالجرة» و «مرحوم اللي سمى عيشة» و «بين الوديان» و «دزيتيلي هاني جيتك» و «ابكيلي ياعين» و «الصبر ما نفعني».. وبعده أطلت على هواة الاغنية البدوية المطربة «سعاد محاسن» في كوكتال موسيقي يؤثث لتراث «الكاف» الثري في مقدمة أغنية «ريم الفيالة»... قبل ان يأخذ المشعل ويحتل الساحة الفنية في الغناء البدوي المطرب «عبد اللطيف الغزي» القادم من سهول «القيروان» بصوت من معدن الذهب وقد سار على نفس أداء استاذه «اسماعيل الحطاب» وجاء انتاجه الغزير ليملأ سوق الكاسيت والحصص التلفزية بفضل اغنياته «لفي لفي» و«طير الحمام» و«نوارة» و«زينك يسحر» و«عليك نبكي» و«الفنار» ..الى ان ظهرت بعض التجارب من اعتمد اصحابها على تطويع الاغنية البدوية مع روح العصر حتى يقبل عليها شباب اليوم والمثال جاء بأسماء «زهرة لجنف» ورائعتها «جمل اللي يهدّر» ثم «منير الطرودي» لما غنّى لعشاق اللون البدوي من جيل اليوم «حسرة على ايامك يا حمة» و «سيّب صالح يا عمار»... و «عبد الرحمان الشيخاوي» ابن «الكاف» بمخزونه الفني الرهيب في هذا اللون الموسيقى.. وقد ادى لعشاقه «نحلة» و «لا حق نشّاد» و «هزّي حرامك وخمرك» و «مريّض الدلالة»... تزامنا مع مشروع موسيقي في الغناء البدوي انتجه الفنان «وليد الغربي» رفقة الصوت الملائكي القادم من سباسب «القصرين» المطربة «جميلة حقي»...ليختم على هذا اللون الموغل في الأصالة وعمق التاريخ مطرب «اولاد مساهل» الشاب «أيمن المساهلي» من مزج بين «القصبة» و «الأورغ» وقدم لشباب اليوم من المتيمين بالأغنية البدوية «بحر غدار» و «الدنيا» و «لسود مقروني» و «رضاية الوالدين» و «وين الهربة» و «عمي الديواني» و «هاي وردت وردت»و «دولاري طايح» و «اللي ما رباتو ليام».. كما يجب الاشارة الى تجربة فناني الساحل بين المنستير وسوسة والمهدية وصفاقس حيث تمتزج الاغنية البدوية مع إلقاء شعري من قبل «الأديب» في شكل تنفرد به هذه المناطق عن غيرها من جهات البلاد التونسية على أن يبقى اداء «الصالحي» واختيار الكلمة الضاربة في عمق اللغة العربية ركيزتين هامتين تؤلف بين كل انماط الاغنية البدوية من جبال «فرنانة» و «عين دراهم» وصولا الى صحراء «دوز» لا تغيب اطلاقا عن افراحنا رغم ثورة الاغنية الطربية.