أعلن مسؤول في الصيدلية المركزية التونسية أول أمس أن مبيعات عقار الفياغرا الذي رخصت الحكومة في بيعه منذ شهر سبتمبر 2012 تعرف ارتفاعا كبيرا، فيما تعالت بعض الأصوات لمنع بيعها بعد ارتفاع حالات الاغتصاب. وقال المسؤول في تصريح لإذاعة «جوهرة أف أم»إن الصيدليات تبيع شهريا 42800 حبة فياغرا وحوالي 100 ألف حبة من عقارين شبيهين («فياتيك» و«زلتان») يتم تصنيعهما في تونس. وأضاف أن السلطات رخصت مؤخرا لمخبر أدوية ثالث بإنتاج العقارات المنشطة جنسيا أمام الإقبال الكبير عليها في تونس بعد أن رخصت في شهر ماي الماضي لفرع شركة الأدوية الأمريكية «فايزر» بتونس بترويج عقار الفياغرا. وقد ربط العديد من المتابعين للشأن الوطني ارتفاع عدد حوادث الاغتصاب بانتشار هذه الأدوية في تونس خاصة أن الفياغرا ظلت ممنوعة منذ 1998 تاريخ تقديم الشركة المصنعة لمطلب الحصول على ترخيص لتوزيعها إلى حين الموافقة عليها بعد الثورة . كما دعا نشطاء على شبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك في الآونة الأخيرة إلى وقف بيع الأدوية المنشطة جنسيا في تونس بعدما شهدت البلاد جرائم اغتصاب متتالية خلال الشهر الماضي، رغم عدم وجود أي دليل علمي على العلاقة بين الأمرين. «الفياغرا» بريئة «التونسية» بحثت في العلاقة بين ارتفاع نسبة استهلاك الفياغرا وارتفاع عدد جرائم الاغتصاب في المدة الاخيرة حيث أكد الدكتور هشام الشريف المختص في علم الجنس وعلم الجنس التحليلي والموفق الأسري أنه لا توجد أية علاقة علمية بين استهلاك الفياغرا و ارتفاع عدد جرائم الاغتصاب لأن « الفياغرا» أو ما شابهها من الأدوية تعالج ضعف الانتصاب لدى الرجل وتطيل الجماع ولا تعطي الشاهية للممارسة الجنس التي قد تدفع إلى ارتكاب مثل هذه الجريمة، على حدّ تعبيره. ضحية الأمس جلاد اليوم كما أشار الدكتور الشريف إلى أن دواء الفياغرا عادة ما يوصف من قبل أطباء القلب والشرايين وفي بعض الحالات من قبل أطباء الكلى والمجاري البولية وهو ما يؤكد أن لا صلة بينه وبين الرغبة الجامحة في القيام بالعملية الجنسية التي تدفع إلى الاغتصاب. وأرجع المختص في علم التحليل الجنسي أسباب تعدّد جرائم الاغتصاب إلى الحالة النفسية التي يكون عليها مقترف هذا الفعل والذي عادة ما يعاني من اضطراب نفسي نتيجة غياب التأطير والإحاطة العائلية أو تعرّضه للاغتصاب سابقا مؤكدا على أن المغتصب الذي لا تقع الإحاطة به نفسيا وأسريا هو بالضرورة مشروع مغتصب لاحقا وأن ضحايا أكثر من 60 بالمائة من الحالات المسجلة أطفال بين ثلاث وثمانية سنوات لأن الأطفال في هذه السن لا يدركون حقيقة ما يتعرضون إليه كما أنه من السهل إغراؤهم أو ارهابهم للسكوت على الجريمة ، مما يجعل صاحب هذه الفعلة الشنيعة في مأمن من العقاب خاصة وأن جرائم الاغتصاب لا تزال من الجرائم المسكوت عنها في المجتمع التونسي لأن القانون يحاسب الجلاد ولكن المجتمع يحاسب الضحية. كما أرجع الدكتور الشريف انتشار الظاهرة إلى غياب الثقافة الجنسية داخل الأطر التعليمية والعائلة مما يجعل المراهق أو الشاب يكتشفها بطريقته الخاصة التي قد تكون خاطئة أو تؤدي به إلى الانحراف أو الشذوذ الجنسي . دور المواخير الدكتور الشريف أرجع كذلك تفشي ظاهرة الاغتصاب إلى التضييق ومهاجمة المواخير المؤطرة صحيا وقانونيا بعد 14 جانفي من قبل الجماعات الدينية المتشددة مما أدى إلى اغلاق العديد منها أو ترهيب مرتاديها رغم أن هذه « الدور» المرخص لها لممارسة هذا النشاط منذ القدم تساهم بشكل كبير في التقليص من الكبت الجنسي الذي يؤدي إلى الاغتصاب بل وتؤطر العملية ذاتها قانونيا وأخلاقيا . ويشار إلى أنه حسب نتائج دراسة نشرتها سنة 2007 الجمعية التونسية للدراسات والبحوث الجنسية والخلل الجنسي يعاني 40 بالمائة من الرجال المتزوجين في تونس ممن تعدوا الأربعين من «خلل جنسي» يمكن أن يكون خفيفا أو متوسطا أو تاما. وقالت الجمعية إن نسبة التونسيين المتزوجين المصابين ب«خلل جنسي» ترتفع كلما تقدم الرجل في السن لتصل إلى نصف من تجاوزوا الخمسين. وأرجع مدير الجمعية الدكتور الحبيب بوجناح أسباب هذا الخلل إلى الضغوطات النفسية والنظام الغذائي غير الصحي والتدخين والبدانة وأمراض العصر مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وهو ما قد يفسر الإقبال الكبير للتونسيين على «الفياغرا» التي تتراوح أسعارها بين 17 و24 دينارا .