قال علي لعريض خلال افتتاح مقر البورصة الجديد أن السوق المالية التونسية بلغت مستوى جيدا من التأهيل القانوني والتنظيمي غير ان ذلك لا يحجب ضعف مساهمة هذه السوق في تمويل الاستثمار الخاصّ إذ لم تتعدّ حصّتها في أحسن الحالات 11 بالمائة سنة 2010 وتراجعت إلى 6 بالمائة خلال سنة 2012 بالإضافة إلى تواضع عدد الشركات المدرجة بالبورصة الذي لم يتجاوز 62 شركة باعتبار شركة «أي تاك» لا سيّما أنّ غالبيتها تمثّل القطاع المالي فضلا على أنّ عدد المؤسسات المدرجة بالسوق البديلة لا يتجاوز 4 شركات. وأضاف لعريض أنّ المؤشرات الحالية للسوق المالية لا تعكس قدرة هذه السوق على تعبئة الأموال الضرورية لتطوير الطاقات الإنتاجية للعديد من المؤسسات الخاصة والعمومية وتوسيع أنشطتها محليّا ودوليا أو إعادة الهيكلة المالية للبعض الآخر بهدف تقليص مديونيتها وتأمين ديمومتها في ظلّ احتداد المنافسة المحليّة والخارجية وتتالي الأزمات المالية التي تعرّضت لها منطقة الأورو معتبرا أن الإدراجات الأخيرة لحوالي 8 شركات بالبورصة تعد أحد أبرز هذه المجهودات التي كان لها الأثر الإيجابي على ارتفاع الطلب لبعض الشركات على غرار شركة «لاند دور» بما يعادل 13 مرّة العرض، و بما يعادل 12 مرّة لشركة «أي تاك» التي تنشط في قطاع التكنولوجيا الحديثة والتي نعطي اليوم إشارة انطلاق تداول أسهمها بما يمكّنها من تعبئة موارد مالية من السوق لتدعيم قاعدتها المالية وتحقيق استراتيجيتها التنموية الجديدة وتحسين إشعاعها على المستوى المحلّي. وكذلك الشأن بالنسبة إلى شركة نيو بودي لاين التي تحصّلت خلال الأسبوع الفارط على تأشيرة هيئة السوق المالية لإنجاز عملية الترفيع في إطار عملية إدراجها بالسوق البديلة. واعتبر العريض أن عملية الإدراج بالبورصة سواء منها المنجزة أو المرتقبة خلال السنة الحالية تنصهر ضمن التوجه الإستراتيجي الرامي لدفع الاستثمار المولد الحقيقي للثروة ولمواطن الشغل مثمنا اختيارهم لهذا التوقيت المتزامن مع مرحلة تجسيم الإصلاحات على المستوى الاقتصادي والمالي والمصرفي مشيرا إلى أنّ مثل هذه الإدراجات ستساهم في تحسين مناخ الاستثمار وتدعم ثقة المستثمر في السوق المالية. وذكر العريض بمساهمة السوق المالية في دعم القاعدة المالية لبقية مكونات القطاع من بنوك وشركات للإيجار المالي من خلال عمليات ترفيع في رأس المال أو بإصدار القروض الرقاعية بهدف احترام قواعد التصرف الحذر وتطوير تدخلها في الاقتصاد الوطني فضلا عن المحافظة على توازناتها المالية مشيرا إلى الإمكانيات الكبيرة لمؤسسات التوظيف الجماعي في الأوراق المالية في تعبئة الادخار والتي أضحى عددها اليوم يفوق المائة وتتصرف في أصول تفوق 5 مليار دينار وتساهم بشكل هام في تمويل عجز ميزانية الدولة واستقطاب عدد كبير من المستثمرين. وأكد العريض أن الاستثمار هو المحرك الأساسي لنسق النمو واستيعاب نسبة هامة من البطالة. كما أنّ التمويل المباشر عن طريق المساهمة العامة يمكّن المؤسسة من تنويع مصادر تمويلها وتقليص مديونيتها وتحسين قدرتها التنافسية محليا ودوليا وتعزيز مصداقيتها بفضل الحوكمة الرشيدة والشفافية التي تفرضها شروط اللجوء إلى السوق وهو ما يقتضي مزيد التعريف بمزايا الانخراط في هذه المنظومة لدى الأعوان الاقتصاديين حتى يتسنى تعميم الاستفادة منها بهدف تحقيق توزيع أفضل للموارد المالية المتاحة. وقال العريض ان التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني وبصفة خاصّة السوق المالية كثيرة لكن عزم الحكومة اكبر على تخطي هذه الصعوبات والاستفادة من مرحلة الانتقال الديمقراطي بهدف دفع الاقتصاد والرّفع من نسق النمو والارتقاء بمستوى عيش المواطن في كنف الأمن والاستقرار.