أحييت بغداد، اليوم الثلاثاء التاسع من افريل - وفى صمت - الذكرى العاشرة لسيطرة القوات الأمريكية على العاصمة العراقية وإطاحتها بنظام صدام حسين، فيما لاتزال البلاد تعاني من أعمال عنف وأزمات سياسية. وتعيد هذه المناسبة إلى إذهان العالم صورة العراقيين، وهم يدمرون تمثال الرجل الذي عرف بقوته بمساعدة دبابة أمريكية في ساحة الفردوس وسط بغداد وهي صورة تبلور انتهاء حكم صدام وحزب البعث. وفي نظر العراقيين، يشكل تاريخ التاسع من افريل يوما مؤثرًا أكثر من العشرين من مارس يوم الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة. كانت معنويات جيش صدام حسين حينذاك منهارة وقواته في حالة فوضى واختفت أمام تقدم القوات الأمريكية. ولكن الشعور بالسعادة لدى كثير من العراقيين في ذلك اليوم وهم يشاهدون سقوط الدكتاتور الذي حكم العراق لأكثر من عقدين من الزمن، كان يقابله شعور بالمرارة لوقوع بلادهم تحت الاحتلال الاجنبي. هذا التباين في النظر الى تاريخ التاسع من افريل هو ما دفع الحكومة إلى تجنب إقامة احتفالات رسمية بالمناسبة، وعلى خلاف السنوات الماضية، اعتبرت كردستان العراق وحدها هذا اليوم إجازة رسمية، وليس في عموم البلاد. وعلى الرغم من أن الحرب نفسها كانت قصيرة نسبيا، حيث أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش انجاز المهمة بعد ستة أسابيع من الغزو، إلا أن تلك الفترة أعقبها نزاع دموي. وتفيد منظمة تعداد القتلى العراقيين (ايراك بادي كاونت) ومقرها بريطانيا، أن أكثر من 120 ألف مدني عراقي قتلوا خلال السنوات العشر التي أعقبت الغزو، بالإضافة إلى الآلاف من العسكريين والشرطة. وكتب رئيس الوزراء نوري المالكي مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الاميركية اليوم قال فيه "على الرغم من كل المشاكل التي مرت خلال العقد الماضي، الا ان غالبية العراقيين يتفقون على اننا اصبحنا اليوم بحالة افضل مما كنا عليها في زمن الدكتاتورية الوحشية". واضاف "العراقيون سيظلون ممتنيين لدور الولاياتالمتحدة وللتضحيات التي قدمها الجيش والمدنيين الذين ساهموا في انهاء نظام حكم صدام حسين". وتابع بطبيعة الحال فان تلك التضحيات صغيرة بالمقارنة بالخسائر التي قدمها الشعب العراقي". وبين هجمات الميليشيات الشيعية والمتمردين السنة، دفعت الولاياتالمتحدة وقوات التحالف ثمنا باهظا حيث فقدت 4800 جندي اكثر من 90 في المئة منهم اميركيون، لكن معاناة العراقيين كانت اضعافا. وتفيد منظمة تعداد القتلى العراقيين (ايراك بادي كاونت) ومقرها بريطانيا، ان اكثر من 120 الف مدني عراقي قتلوا خلال السنوات العشر التي اعقبت الغزو، بالاضافة الى الالاف من العسكريين والشرطة. وبالاضافة الى اعمال العنف التي لا تزال تشهدها البلاد، لا يزال العراق يعاني من ازمة سياسية مستمرة بسبب تعثر عملية المصالحة. ولكن يبدو ان الوزراء اتخذوا خطوة رئيسية في هذا الاتجاه هذا الشهر من خلال الكشف عن اصلاحات للقوانين التي تمنع اعضاء حزب البعث السابق من العمل في المؤسسات الحكومية او المشاركة في الحياة العامة. ولكن يتوقع ان تواجه التعديلات المقترحة على قانون اجتثاث البعث معارضة شديدة في مجلس النواب. وتأتي ذكرى سقوط نظام صدام حسين قبل عشرة ايام من انتخابات المجالس البلدية، وهي اول انتخابات تنظم في البلاد منذ انسحاب القوات الاميركية في نهاية 2011. لكن هذا الاقتراع يجري الاستعداد له في اجواء من العنف تهدد مصداقيته. وبسبب العنف دعي الناخبون في 12 فقط من المحافظات العراقية الثماني عشرة الى تجديد مجالسهم المحلية في 20 افريل. وادت اعمال العنف الى مقتل 12 مرشحا منذ بداية السنة. وادى اعتداء السبت الى سقوط 25 قتيلا وستين جريحا خلال تجمع انتخابي في بعقوبة شمال بغداد. وتطال اعمال العنف العراقيين بدون تمييز. وبسقوط 271 قتيلا و906 جرحى، اصبح مارس الشهر الاكثر دموية منذ اوت 2012. وللضرورات الامنية، قرر المالكي ان يرجىء الى اجل غير مسمى الانتخابات المحلية في نينوى (شمال) والانبار (غرب)، وهما المحافظتان اللتان يشكل السنة القسم الأعظم من سكانهما. وشهدت اعمال العنف تراجعا منذ 2008 لكن الجماعات والمجموعات الصغيرة المرتبطة بدولة العراق الاسلامية، الفرع المحلي من تنظيم القاعدة، تواصل استهداف قوات الامن والشيعة على امل زعزعة البلاد وحكومة نوري المالكي. وتستفيد هذه الجماعات من النزاعات السياسية بين المالكي الشيعي وشركائه في حكومة الوحدة الوطنية ومع الاقلية السنية. وكل يوم جمعة، يتظاهر آلاف الاشخاص في المناطق ذات الغالبية السنية لادانة "تهميشهم" والمطالبة باستقالة رئيس الحكومة. ويرى مراقبون ودبلوماسيون اجانب ان التهديد الاخطر يأتي من النزاع الحاد بين اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق والسلطة المركزية في بغداد. وهما يتنازعان على شريط غني بالمحروقات. وتثير اربيل غضب بغداد بتحركها بمفردها عبر توقيعها عقود مع شركات نفطية اجنبية بدون الحصول على موافقة وزارة النفط العراقية.