يكثر النخيل في المناطق التي يتوفر فيها عنصران ضروريان لنموه وهما الحرارة والماء وقد حبا الله بلاد الجريد مناخا حارا دافئا ومياه عذبة جارية تجود بها عبر القرون الينابيع الطبيعية فكانت واحات توزر ونفطة ودقاش وحامة الجريد وحزوة وتمغزة آية من آيات الله سبحانه تبهر الانظار وتحير الافكار تنتج الخيرات الوفيرة وعلى رأسها التمور. أما الآن فقد تدهورت المنظومة المائية التي أصبحت تحتاج الى دعم بحفريات جديدة فمن عصي النخيل استنبط الجريدي مهد الصبي والكرسي والطاولة والخزانة والسرير العائلي (السدّة) ومن خشبها صنع الأبواب والنوافذ وسعف البيت ومن ليفها صنع الحبال. ولهذا وغيره ساعدت النخيل على بقاء العديد من الحرف اليدوية ومنها بالخصوص صناعة السعف ولكن كيف جاءت الى أرض الجريد؟؟ فالمظلة والقفة والمروحة والسجاد كلها منتوجات تقليدية حبكتها اياد ماهرة من سعف النخيل ولا يعلم تاريخ محدد للنخلة ببلاد الجريد وان أكدت مصادر ان ذلك يعود الى العهد الروماني القديم حيث تم جلبها من العراق ومن جنوبالجزائر فكان الانتاج تبعا لذلك متنوعا شكلا ولونا وطعما بلغ 120 نوعا الا ان دقلة النور تبقى وحدها الاكثر لذة ونكهة والنخلة يستغلها الجريدي استغلالا كاملا غير منقوص حتى لا يستغنى عنه أي جزء من اجزاءها منها الجمار والبلح والبسر والرطب والتمر رزقا وفاكهة ومنها عصير اللاقمي شربا وعلاجا هذا ويذكر ان صناعة السعف وردة على الجريد من مدينة مراكش المغربية وقد انتشرت في مرحلة اولى صناعة المظلان قبل ان يوظف سعف النخيل في صناعات وابتكارات متنوعة وفي هذا الصدد يقول السيد بوبكر بركان احد رواد صناعة السعف بتوزر يمكن الحصول على السعف من جريد النخيل الذي يتخصص في «ضفرة» بعض الرجال والنسوة بحامة الجريد حيث يجمع السعف الاخضر ويتم بعد وضعه تحت اشعة الشمس حتى يصبح يابسا ليبل بالماء ويضفر في شكل «أحزمة» وعادة ما يتراوح طول الضفيرة بين 6 و7 أمتار وفي كل اسبوع يفد على حامة الجريد صانعوا المظلات على حامة الجريد لشراء الضفائر وفي السنوات الاخيرة تنوع المنتوج ليشمل القفة والمروحة وغيرها من المنتوجات الاخرى التي لم تعد تقتصر على توزر فقط لتشمل بذلك حامة الجريد ودقاش وبعض المناطق الاخرى فكثر العرض وقل الطلب ولربما في قادم الايام ستتغير الوضعية بعد احداث مركز متعدد الاختصاصات بحامة الجريد التي قد تساهم في ترويج المنتوج والإحاطة أكثر بالحرفيين والحرفيات بعد أن تراجع مردودهم وكادت صناعة السعف تندثر.