قرّرت الرابطة المحترفة لكرة القدم تأجيل قرعة مرحلة «البلاي أوف» إلى أجل غير معلوم وذلك بسبب ضبابية الموقف الراهن خاصة وأنّ الخلاف بين النادي الإفريقي والنادي البنزرتي على المقعد الثاني في مرحلة التتويج بات متشعبا كثيرا بدخول أطراف حكومية على الخطّ وسيبلغ حتما أروقة محكمة التحكيم الرياضي والأمر لن يكون بالسهولة التي يترقبها البعض على الأقلّ خلال الساعات القليلة القادمة... قضيّة الفصل 22 الذي ملأ الدنيا وشغل الناس وأسال الكثير من الحبر بسبب اختلاف القراءات بشأنه وتعدّد التأويلات سيولد حتما جدالا متجدّدا بما أن جماهير الفريقين متمسكّة بحقّ فريقها وبشرعية تأهيله إلى مرحلة البلاي أوف ومهما يكن الهيكل الرياضي التونسي الذي سيتكفّل بالنظر في الملّف فإن ّ ذلك لن يحجب موجة الاحتجاجات المتصاعدة ولن يعيد الثقة المسلوبة إلى نفوس الجماهير التي حكّمت الشارع بعد أن قنطت من عدل «الجامعة» ومن والاها... بالنسبة لجماهير النادي البنزرتي فهي تأمل أن يقع إنصافها في ال«كناس» وهي التي اعتبرت قرار الرابطة ظلما جائرا وتكريسا لسياسة المكيالين في حين أنّ أيّ قرار قد «يقبر» حلم الأفارقة سيقابله سيل عارم من الاحتجاجات وسيناريو الرعب ودوّامة العنف التي عايشناها مؤخرا في بنزرت سيسجّلان حضورهما مرّة أخرى ولكن بأكثر ضراوة... الحسم في أحقيّة الطرفين باللعب من أجل اللقب لم يعد نزالا رياضيا خالصا فالصراع توسّعت رقعته ليطال في جانب كبير منه النزاع السياسي المحتدم الذي تشهده البلاد خاصة مع وجود كلّ من مهدي بن غربية وسليم الرياحي على خطّ المواجهة بكلّ ما يمثّله الرجلان من ثقل سياسي ليس لثراء برنامجهما السياسي ولكن لرصيدهما الشعبي المتأتّي أساسا من القاعدة الجماهيرية الواسعة التي يؤمنها الفريقان... البتّ في القضيّة موضوع النقاش بات أشبه بمن يطارد السراب فلا «البنازرتية» سيرتضون دوام المظلمة على حدّ تعبيرهم و لا «شعب» الإفريقي سيقبل بقانون النقض مهما كانت تبريراته وتعلاّته وبلغة العقل الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد من انفلات أمني وأخلاقي إضافة الى انعدام الثقة بين الجمهور والهياكل الرياضية التي صارت سمعتها في الحضيض حتى لا نقول شيئا آخر سيجعل من المستحيل احتواء الأزمة إلاّ في صورة تدخّل طرف وسيط يحظى بثقة الطرفين ويكون على درجة كبيرة من الحياد وبعيدا عن موجات التشويش التي تطال هياكلنا... الكرة قد تكون هذه المرّة وعلى غير العادة في ملعب وديع الجريء رئيس الجامعة الذي بإمكانه إنهاء هذه الأزمة وتطويقها نهائيا وذلك من خلال استعانته بالاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» والذي سيكون له سديد النظر في هذا الموضوع وسينصف الفريق الأحقّ بالعبور بما أنّه يملك كافة الآليات والادوات اللازمة للحسم في قضية مشابهة ولا نخاله يقف عاجزا أمام نصّ قانوني صاغه بعض المتطوّعين ونعني الفصل 22... «الفيفا» طرف محايد وهي أعلى سلطة رياضية في العالم وموقفها سيكون متأتيا بالأساس من اجتهادات وقراءات قانونية صائبة والاهم أنّ طريقة تناولها للملف ستكون خالية من الشكّ والريبة و سوء الظنّ...وديع الجريء مطالب بتطويق الخلاف قبل أن تستفحل الأزمة أكثر والحلّ يبدونصب عينيه خاصة أنّه لن يتحرّج كثيرا من الارتماء في أحضان «الفيفا» طالما أنّه يملك شرعية ذلك كما أنّ رصيد الثقة الذي قارب مستويات الصفر لدى جميع الهياكل الرياضية يدفعه إلى اختيار «الفيفا» كحكم مناسب لمعركة بدأت تحيد عن مسارها وتخرج عن إطارها الرياضي والأكيد وهذا ما يهمّنا هو أنّ «عدل» الفيفا المنشود سيعيد الهدوء إلى النفوس وسيطفئ ألسنة اللهب المتصاعدة بين «القرش والمارد» لأنّ الجميع سيحتكم وقتها الى قانون اللعبة وسيرضخ للأمر الواقع فما من صوت يمكنه أن يقنعنا بنظرية المؤامرة وبأنّ رياح الرياحي قادرة على الوصول إلى مركب «بلاتر» أو يوهمنا البعض أنّ حماسة بن غربية وخيوطه المترامية داخل أروقة التأسيسي قادرة على قلب الطاولة...نقول هذا الكلام لأننّا بتنا نعي حقيقة أنّ «قضيّة» الفصل 22 خرجت فعلا عن السيطرة وهامش الخطأ صار ممنوعا والحلّ لن يكون شأنا داخليا هذه المرّة لأنّ الحكم صار للأسف هو الخصم...