لا حديث هذه الأيام في سيدي بوزيد إلا عن نصيب الجهة من التنمية والتشغيل ومحتويات المجلة الاستثمارية التي تعكف المصالح المختصة على تأثيثها لتصدر في الأيام القليلة القادمة . وفي محاولة لرصد آخر تطورات الوضع التنموي بجهة سيدي بوزيد التقت «التونسية» يوسف الجلالي عضو هيئة 17 ديسمبر لحماية الثورة 2010 للحديث معه حول مشروع مجلة الاستثمار الجديدة التي اطلع على محتوياتها في قراءة أولى على المسودة ووافانا بنسخة منها وأفادنا بما يلي : «إن الثورة التونسية قامت على مطالب اجتماعية ذات صبغة اقتصادية مقرة بعدم التوازن الجهوي من حيث التنمية والعدالة الاجتماعية وقد تناول هذا الجانب الهام من أسباب الثورة كل المحللين السياسيين والخبراء الاقتصاديين محاولين تقديم حلول للقضاء على الفوارق بين الجهات وخاصة ولايات الداخل ولعل أهمها ولاية سيدي بوزيد التي أقر الجميع بكونها تحتل المرتبة الأخيرة من حيث التنمية الجهوية وارتفاع نسبة الفقر من المفارقات العجيبة أنها تحتل المرتبة الثانية من حيث عدد أصحاب الشهائد العليا 10.500 عاطل عن العمل ومرت الأيام والأشهر والأعوام والولاة والحكومات وتعدد وزراء التنمية والصناعة وأصبحت سيدي بوزيد منسية و مطالبها رغم شرعيتها أصبحت من الماضي». وواصل يوسف قائلا : «اليوم يدرك الجميع أن هذه السياسة ممنهجة ومدروسة لتركيع أبنائها ومعاقبتهم من قبل عدّة أطراف». وأضاف قائلا «ليس هناك ما يؤيد هذا الرأي حاليا على الأقل إلا مشروع المجلة الجديدة للاستثمار والتي كانت مسقطة لا تراعي خصوصيات الجهة ولا يستشار فيها أصحاب الشأن المحلي والجهوي، فمن أول قراءة لهذه المجلة ندرك أن عدم التوازن الاقتصادي بين الجهات هو وليد القوانين والتشريعات التي تنسج على قياس فئات بعينها لأنها تدعم الاستثمار بمنظور ضيق يفتقد إلى الشفافية والقراءة الواقعية لطبيعة الجهات واحتياجاتها الملحة والطبيعية وهذا ما يعقد الوضع ويعمق الأزمة ويساهم في استفحال البطالة والنزوح. الوضع يحتاج إلى جملة من القوانين التي تسمح للمستثمر بالدخول إلى هذه الأماكن المنسية والمهمشة حاضرا وماضيا. فما يلاحظ في هذا المشروع أن أغلب المنح والحوافز التي أقرت هي نفسها وقد اثبت الواقع فشلها في إيجاد توازن جهوي وأجمع الخبراء الاقتصاديون على عدم نجاعتها بل هوإقرار بأضعف الإيمان وإرضاء لضمير «الدولة» بعد الثورة . فالدولة ترصد المنح والإعفاءات الجبائية دون دراسة معمقة لواقع الجهة وخصوصيتها وأحوال سكانها ودون تقديم آليات مضبوطة ومحددة لتفعيل هذه الإجراءات لدفع تنمية حقيقية عبر الاستثمار والنهوض بالمناطق الداخلية وضمان نجاعة ونجاح هذا الاستثمار». وأضاف يوسف الجلالي « إن المشروع الاستثماري الجديد في المجلة لا يلائم تطلعات المهمشين والمحرومين ويعمق الفوارق الجهوية فأمام هذا الوضع الكارثي والمتردي يتحتم على الخبراء والمعنيين مراجعة قواعد مجلة الاستثمار واعتماد توجه تنموي يطوّر الجهات المحرومة والنوايا هذا لن يتم إلا إذا توفرت النوايا الحسنة والإرادة السياسية التواقة إلى العدل والانصاف وقوانين ومشاريع تتماشى وطبيعة المرحلة تتمثل في ضرورة بعث مناطق صناعية بالفعل لا بالقول مطابقة للمواصفات العالمية وانجازها في وقت مضبوط وتطوير منظومة التدخل في الإنتاج الفلاحي والبحث عن مسالك لترويج البضاعة ومتابعتها وإقرار خط تمويل خاص بالاستثمار في مناطق التنمية الجهوية ذات الأولوية في صلب البنك المركزي وتحفيز المناطق الداخلية دون سواها بقوانين تمويلية إلى جانب تشجيع البنوك ومؤسسات التمويل بمنحها إعفاءات جبائية عند تمويلها لمشاريع في مناطق ذات أولوية.وخلق مؤسسات بنكية ومؤسسات تمويلية بالجهة (بنك مركزي بسيدي بوزيد) شركات استثمار وتمويل للفلاحة والصناعة». وختم الجلالي حديثه قائلا: «إن مجلة الاستثمار في طورها الأول تعد نكبة للجهات الداخلية لأنها تخدم مصالح رأس المال المنتصب منذ سنين وتزيد في تعميق الأزمة في الجهات اقتصاديا واجتماعيا وتعود إلى دوامة المطلبية والترقب حتى تحدث الكارثة».